الأغوار الجنوبية: رعاية ذوي الإعاقة.. خدمات غير متخصصة تعمق معاناتهم

هشال العضايلة

برعاية تبدو متواضعة، تغيب عنها التخصصية، يعيش قرابة 1300 من ذوي الإعاقة في الأغوار الجنوبية معاناة غياب مركز طبي متخصص للعناية بهم وتشخيص حالاتهم، ليصبحوا تحت رحمة الرعاية الأسرية المنزلية من قبل ذويهم غير المؤهلين، وفي احسن الاحوال الحصول على خدمات مؤسسات أهلية غير طبية.

غياب المؤهلين لتقديم الرعاية لذوي الإعاقة، مع استمرار افتقاد مركز طبي متخصص، يفتح باب المطالبة بتكثيف الدورات، وخاصة للقائمين على رعاية ذوي الاعاقة، من خلال عقد دورات تدريبية يقوم عليها متخصصون في هذا المجال، لتوفير الحد الأدنى من الرعاية والتأهيل. ويؤكد رئيس جمعية التأهيل المجتمعي بالأغوار الجنوبية فتحي الهويمل “أن منطقة الأغوار الجنوبية التي تعاني من ارتفاع في نسبتي الفقر والبطالة تزيد فيها ايضا حالات الأشخاص ذوي الإعاقة، في وقت تفتقر المنطقة لأي مؤسسة رسمية للاعتناء بهم، ما يفرض أهمية توفير التدريب اللازم للكوادر العاملة على خدمتهم بشكل دوري وهي مقتصرة على جهات معينة بالكرك. واضاف، “إن واقع الحال يفرض ايضا وجود برنامج شامل على مدار العام للتدريب والتأهيل للاشخاص العاملين في مجال تقديم الخدمات والرعاية لذوي الاعاقة، ليتمكنوا من تقديم الأفضل”، مشددا على “أن الجمعيات تحاول بذل الجهود لتدريب المواطنين بالمنطقة على رعاية ذوي الاعاقة ضمن المتاح من الامكانيات”. ويضيف الهويمل، “أن هناك معاناة حقيقية للسكان بالمنطقة وخصوصا من الأشخاص ذوي الإعاقة المختلفة، بسبب ظروف المنطقة الصعبة واقتصار الرعاية والاهتمام والتأهيل للمعاقين على الجمعية الأهلية وما يتم تقديمه من المؤسسات الداعمة في بعض الأحيان”. ويقدر الهويمل عدد الأشخاص ذوي الإعاقة بالأغوار الجنوبية بحوالي 1300 شخص من مختلف الأعمار، وهم بحاجة إلى مدربين مؤهلين لرعايتهم حرصا على تحسين حالتهم لإدماجهم بالمجتمع وخصوصا في ظل تدني مستوى دخل اسرهم وعيش اغلبهم في الفقر والحاجة، ويؤكد أولياء أمور أشخاص من ذوي الإعاقة، “أن هناك فئة قليلة تحصل على الرعاية الضرورية في مجال التأهيل من الجمعيات والمؤسسات التي تقدم الخدمات بشكل موسمي، في حين أن فئة كبيرة لا تحصل على تلك الخدمات رغم انها متواضعة ويجب توافرها”. وأكدوا على “ضرورة توفير التدريب اللازم للعاملين في مجال رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل غياب مركز لرعايتهم بالمنطقة”، لافتين إلى “أن هناك الآلاف من ذوي الإعاقة في مناطق الأغوار في معاناة مستمرة، وخصوصا أولئك الذين لا يملك ذووهم القدرة على الذهاب لمراكز الخدمة خارج منطقة الاغوار، ناهيك عن وجودها خارج محافظة الكرك، ولا تتوفر لهم اي فرصة في الرعاية المناسبة من كوادر مختصة في هذا المجال”. ويؤكد احمد علي العامل في مجال تأهيل ورعاية الاشخاص ذوي الاعاقة بالأغوار الجنوبية ضمن برامج جمعية التأهيل المجتمعي، “أن هناك ضرورة لتوفير برامج التدريب في ظل غياب مراكز مختصة برعاية وتأهيل ذوي الاعاقة، على اعتبار أن منطقة الأغوار الجنوبية من المناطق الفقيرة وتعاني اهمالا كبيراً في هذا المجال وخصوصا مع ارتفاع حالات الاعاقة بالمنطقة”. وتشكو ميساء ابراهيم من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية من أن اعاقتها أضافت لها بؤسا فوق البؤس الذي تعيشه المرأة بالأغوار الجنوبية لفقدان فرص العمل وغيرها من الفرص، مشيرة إلى “أن إعاقتها وغياب التأهيل لها مثل غيرها من أصحاب ذوي الاعاقة بالمنطقة يزيدان من المعاناة”، معتبرة “أن التدريب والتأهيل الغائب عن حالات الإعاقة بالأغوار الجنوبية يعمق من معاناة المعاقين بشكل كبير”. وأكد المواطن علي النواصرة من الغور الجنوبي “أن هناك ضعفا في التأهيل والتدريب للمواطنين، وخصوصا للقائمين على رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، على كيفية التعامل مع هذه الفئة من المجتمع بشكل سليم في ظل غياب المراكز المتخصصة بالمنطقة”، مطالبا “أن تكون هناك دورات دائمة لتدريب الاهالي وذوي المعاقين في ظل غياب مراكز خاصة برعاية هذه الفئة”. وقال مدير المركز الوطني للتأهيل المجتمعي في جامعة مؤتة الدكتور انس الضلاعين خلال تنفيذ المركز إحدى فعاليات التدريب والتأهيل بالأغوار الجنوبية، “إن المركز اعد استراتيجية مجتمعية يتم من خلالها تنفيذ برامج إرشادية لتوعية الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم من أجل رفع كفاءة المتطوعين والعاملين في التأهيل المجتمعي وزيادة خبراتهم، وكذلك تنمية المجتمعات المحلية ومساعدتها في احتضان الاشخاص ذوي الاعاقة وتقديم الخدمات التأهيلية المناسبة لهم”. واضاف، ” ان هذه الاستراتيجية تعتبر جزءا من البرامج التي ينفذها المركز في مجال التأهيل المجتمعي اهمها البرامج القادرة على تنمية الاتجاهات الايجابية نحو الإعاقة”. وبين، “أن المركز أطلق مؤخراً استراتيجية التوعية والتثقيف، بحيث يقوم بدور فاعل ومؤثر بشكل ايجابي من خلال نوعية البرامج المقدمة لكافة مؤسسات الدولة العاملة في محافظات الكرك ومنها الأغوار الجنوبية”، مشيرا إلى ” أن ما يقوم به المركز بالأغوار الجنوبية جزء مهم من النشاطات المرتبطة بخدمة المواطنين”. وكان المقرر الخاص المعني بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأمم المتحدة جيرارد كوين زار الأغوار الجنوبية مؤخرا، للتعرف على أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة بالمنطقة. وقال كوين خلال زيارته للأغوار الجنوبية والجمعية الوطنية للتأهيل المجتمعي بدعوة من اليونسيف “إن الزيارة تهدف إلى إعداد تقرير يكون بمثابة وثيقة ذات أهمية تعرض على مجلس حقوق الإنسان ووكالات الأمم المتحدة المعنية”، داعيا الى “الاستماع إلى الآراء والشكاوى من أفراد أو مؤسسات عاملين في مجال رعاية الاشخاص ذوي الاعاقة”. وكانت “الغد” قد نشرت تقريرا حول اوضاع حالات الاعاقة بالأغوار الجنوبية ومحافظة الكرك التي تفتقد لمركز طبي متخصص لتقديم الخدمات السليمة للاشخاص من ذوي الاعاقة. ولفت التقرير الى حجم المعاناة التي يعيشها قرابة 1300 من الاشخاص المعاقين نتيجة غياب الخدمة الحقيقية المتخصصة. وكان رئيس جمعية الأشخاص المعاقين حركيا في محافظة الكرك المحامي زهير الشرفا، قد أكد في ذات التقرير “أن الجمعية وغالبية العاملين بتقديم الرعاية لذوي الإعاقة في محافظة الكرك ومحافظات الجنوب يعانون أولا من غياب التواصل بخصوص الأشخاص الذين تقدم الجمعية الخدمة والخبرة لهم، إضافة إلى غياب المعلومات الكاملة عن إعداد وحالات الإعاقة بمختلف أنواعها”. وكان مركز مؤتة للتربية الخاصة وهو المركز الوحيد بالكرك المعني برعاية الأشخاص ذوي الإعاقة أغلق أبوابه قبل عام أمام المنتفعين، بعد اربعين عاما من تقديم الخدمة لذوي الإعاقة، وتقديم الرعاية والتأهيل لهم في مختلف المجالات، بسبب نقص التمويل، بعد توقف كل الجهات الداعمة عن تقديم المساعدات، والتمويل اللازم لإدامة العمل بالمركز. وفي ذات التقرير ايضا، أكدت منسقة مكتب ارتباط المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة بالجنوب الدكتورة رابعة المجالي على وجود عدد من المراكز التشخيصية للإعاقات بالجنوب، بالإضافة إلى وجود معايير للتشخيص والتدريب، مشيرة إلى وجود تعاون ضمن برنامج التأهيل المجتمعي بين المجلس وجمعية التأهيل المجتمعي بالأغوار الجنوبية حيث نفذت دراسات واحصائية رسمية لأعداد ذوي الإعاقة بالأغوار بالإضافة إلى دراسة للاحتياجات المختلفة لهم. وأشارت إلى وجود اتفاقيات مع مؤسسات أهلية مختلفة من بينها بالأغوار الجنوبية لتقديم الرعاية للتأهيل، مؤكدة تدريب فريق من أبناء الأغوار لعمل مسح عن الإعاقات بالمنطقة للتعرف عليها بشكل حقيقي.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان