الأمن العاطفي لدى الأطفال حاجة ملحة

ربى الرياحي

عمان- اعتادت هي أن تمنح طفلها كل الحب والحنان وتزرع بداخله المشاعر الإيجابية الكفيلة بأن تنقذه من الاضطرابات النفسية التي قد يتعرض لها فعلا في حال أهمل عاطفيا.اضافة اعلان
لم تلجأ إلى تعنيفه مطلقا حتى لو بالكلام، بل فضلت أن توجد لديه شعورا دائما بالأمان، وخاصة على المستوى العاطفي ليستطيع هو في المقابل أن يمارس لغة الحب ببراءة تزيد من قوته الذاتية وتبعده تماما عن تلك العقد النفسية التي ترغمه غالبا على الانطواء.
تحرك عنده الرغبة في تعلم قواعد التواصل الإيجابي مع محيطه وفتح قنوات حوار مع من حوله قائمة على جملة من الكلمات الدافئة الرقيقة المحملة بأنقى القيم وأنبلها.
يقينها من أن طفلها يحتاج للعاطفة أكثر من أي شيء آخر يدفعها لأن تخلق باستمرار فرص التقاء معه تسمح له بأن يتحدث بطلاقة عن نفسه وعن أحلامه وطموحاته تلغي كل الحواجز وتحاول أن تجعل علاقتها به علاقة يسودها الانسجام والتفاهم قولا وفعلا.
فهي ترى أن ما تقدمه له من حب سيعود إليها مضاعفا وستستطيع أيضا تثقيفه إنسانيا ونفسيا من خلال تقبيلها له واحتضانه وإشعاره الدائم بأن هناك قلب يحبه بصدق بإمكانه أن يلتجئ إليه في أي وقت بدون أن يخاف أو حتى أن يخجل.
إن الشعور بالأمن يعد من أساسيات الإحساس بالذات، كما أنه يساعد الطفل على الهدوء والاستقرار والالتزام النفسي ويعين أيضا على اكتساب المهارات التي تؤهله لأن ينتسب لواقعه ويكون شخصا ناجحا متفائلا قادرا على خوض تجارب الحياة بثقة وإقدام.
يعتقد بعض الآباء والأمهات أن التعبير عن الحب يكون فقط بالإنفاق على الأطفال أو بإنجاز أعمال البيت أو ربما متابعة الواجبات الدراسية ويغفلون عن أهمية تقديم الحب بشكله المباشر والصريح، وتأثير ذلك في تعميق العلاقة بينهم وبين أطفالهم وبناء شخصياتهم بأسلوب سوي يرسخ وجود بعض المبادئ المهمة ويجعلهم أقدر على احتواء هؤلاء الأطفال وحمايتهم من الانحراف.
هم في حقيقة الأمر يعرفون مسبقا خطورة افتقاد الطفل للحضن الدافئ، لهذا السبب نجدهم يحاولون معالجة تلك المشكلات الناتجة عن الاغتراب الذي أحدثته التغيرات السريعة في الكيان الأسري، ويركزون بالتالي على منح الحب غير المشروط لأبنائهم وتقبلهم كما هم والتأكيد أنهم يستحقون الحب لأجل الحب بعيدا عن أي أسباب أخرى.
إن تعبير الآباء عن الحب ينبغي ألا يقتصر فقط على الكلام بل يتعداه ليشمل ذلك التواصل الجسدي المتمثل باللمسات الحانية والاحتضان والتقبيل لأنهم باعتمادهم لهذه الطريقة في الحب يعلمون أطفالهم كيف يبوحون بمشاعرهم ويوجهونها في المسار الصحيح.
احتياج الطفل الملح للأمان بشتى أنواعه يتطلب من الوالدين التواجد المستمر، ويتحقق ذلك فعليا عندما يكون لحضورهما أثر ملموس في نفوس أطفالهما، ويكون باستطاعتهما تخصيص الوقت الكافي للعب معهم والاستماع لمشكلاتهم والعمل على حلها، بالإضافة إلى تمكينهم من الاختيار.
مسؤولية الوالدين الحقيقية تكمن في إشباع ابنهما عاطفيا ونفسيا وماديا حتى يتسنى له الانخراط بمجتمعه والوقوف بثبات على تلك الأرضية الصلبة التي بإمكانها أن تحدد مدى قدرته على تحمل مصاعب الحياة ومحاولة تغييرها نحو الأفضل.