الأمن الغذائي أولوية<br>وطنية في ظل صراعات العالم

عبدالله الربيحات

عمان- تحتفل المملكة بذكرى الاستقلال، في ظروف تحتدم فيها الصراعات والنزاعات والحروب والتغييرات المناخية في العالم، وتلقي بتبعاتها على مختلف مجالات الحياة، لكن أبرز ما بات يؤرق دول العالم، هو الأمن الغذائي لكل منها.اضافة اعلان
وهنا، فإن الأردن وهو جزء من هذا العالم، أدرك مهمته مبكرا بفضل توجيهات وتنبيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، لتحقيق الأمن الغذائي، دافعا باتجاه الانتقال بالزراعة، خزان الغذاء الوطني إلى مراحل متقدمة، واستخدام التكتنولوجيا في زراعات استراتيجية، وتوفير ظروف كاملة للنهوض بالعملية الزراعية، لتكون رافدا لخزينة الغذاء الوطنية.
وبرغم ذلك، فإن الظروف التي مرت على المملكة، منح الأمن الغذائي وتوفير الغذاء للمواطن فيها، كان من أهم المحاور التي لا يمكن المس بها، لتغدو أولوية وطنية، شأنها كما الأمن والتعليم والصحة.
وقد مرت جائحة كورونا، وسبقتها ظروف اقتصادية في الأعوام الماضية، كان الغذاء فيها يتأثر على نحو سريع بالواقع الاقتصادي وتبدلاته، باعتبار تأثره بالنقل والتصدير وسلاسل انتاج الغذاء، لكن التوجيهات الملكية دفعت الى توفير الأمن الغذائي على نحو سريع، بهدف استقرار الأسعار والتخفيف من معاناة المواطنين عند توفير الغذاء المناسب لهم.
ولعل الظروف السياسية التي يمر بها العالم، كالأزمة الأوكرانية الروسية والتوترات في عدة مناطق الى جانب ما تعانيه المنطقة من صراعات، مؤشر على تأثر الغذاء بالأزمات السياسية، وكيفية تراجع الإنتاج الغذائي العالمي في مناطق الصراع والنزاع ومحيطاتها، لتغدو سلة الغذاء في محل تراجع على نحو متدرج.
من هنا، جاءت طمأنة المواطنين على توافر الغذاء، برغم ما يعيشه العالم من تقلبات وصراعات وحروب، وتنضاف الى ذلك عوامل التغير المناخي التي أرخت بذيولها على الظروف الجوية، وتسببت بانخفاض المساحات المزروعة في العالم، وبالتالي بتراجع المخزون الغذائي العالمي، ما يلقي بظلال قاتمة على مصير الأمن الغذائي في العالم.
حرصت الدولة الأردنية على توفير الغذاء بالسبل كافة، بهدف عدم التأثير على موائد المواطنين والمقيمين، وذلك كله، نابع من التوجيه الملكي للاهتمام بالأمن الغذائي الوطني، وعدم ربطه بالمتغيرات الاقتصادية أو السياسية، وكذلك جراء تحذير جلالة الملك عبدالله الثاني المبكر، بشأن وقوع أزمة غذاء عالمية قبل جائحة كورونا، بسبب ما كان يتداعي من مقدمات لصراعات عالمية، ستنعكس على الأمن الغذائي المحلي والعالمي، والتنبيه لتبعات ذلك.
في هذه النطاق، انجزت الدولة الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، وبتمويل من منظمة "الفاو"، وبدئ بتنفيذها، كما وضعت برامج زراعية ذات فعالية لاستمرار عمل المزارع وتحسين انتاجه، وهو الذي يعتبر خط الإنتاج الأول، عبر تقديم برامج تمويلية له حقه، وتديم استمرارية الانتاج، فوفرت له الأسمدة والبذور والبحوث المعنية بتطوير زراعاته وتكنولوجيا البيئة.
تعتبر المملكة من البلدان التي تتمتع بأمن غذائي تصل درجته الى 8.8 نقاط، وفقاً لمؤشر الجوع العالمي للعام 2020، وفق برنامج الغذاء العالمي، لكن ذلك يمثل تحديا بسبب عوامل هيكلية وسياسية، كارتفاع معدلات الفقر والبطالة وبطء النمو الاقتصادي وزيادة تكاليف المعيشة، مع وجود تفاوتات واضحة بين المناطق والفئات السكانية.
كما وفرت الدولة الغذاء لكل من يقطن على أرضها، بخاصة مع تداعيات الأزمة السورية، لكنها واصلت تقديم يد العون بالتعاون مع منظمات وجهات دولية في هذا الجانب، اذ يعتبر الأمن الغذائي مصدر قلق رئيس للاجئي المخيمات، لانخفاض دخولهم بسبب خسارة فرص العمل غير الرسمي.