أفكار ومواقف

الأمية إلى ارتفاع

احتفلنا كعالم عربي أمس، باليوم العربي لمحو الأمية، وهو تاريخ من المفترض أن نلتفت فيه إلى إنجازنا الحقيقي في هذا المجال، لكي نرى كم نجحنا في تخفيض أرقام الأميين العرب.
في الحقيقة، لا يمكن لنا أن ندعي بأننا فعلنا شيئا في هذا المجال، فنسبة الأمية التي سجلت 21 % في مطلع العام الماضي، بحسب المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألسكو”، لم يطرأ عليها أي خفض، هذا إن لم تكن زادت فعلا تبعا لعدم الاستقرار الذي تعيشه بلدان عربية عديدة، وفقدان الأمن في بعضها، والذي يمنع من التحاق الطلبة بالمدارس.
إن نسبة الأمية في العالم العربي ما تزال مرتفعة جدا، وبعيدة عن المتوسط العالمي الذي يقف عند 13 %، ففي العالم اليوم زهاء 800 مليون أمي، فيهم أكثر من 70 مليون عربي بلغوا سن الرشد، وهو رقم ضخم بجميع المعايير!!
في ظل رقم كهذا، يظل من الصعب جدا تحقيق تنمية حقيقية في العالم العربي، خصوصا أن القراءة والكتابة أدوات مهمة لأي تنمية. وإذا ما علمنا أن نسبة الأمية لدى الذكور العرب هي في حدود 14.6 %، وعند الإناث ترتفع إلى 25.9 %، فعندها نعلم أن نسبة كبيرة من الأسر العربية مهددة بالجهل والفقر، كون المرأة في مجتمعاتنا هي من تقوم بدور التربية والرعاية للأبناء، وفي الوقت الذي تكون فيه أمية فهي لن تستطيع تمرير معارف كبيرة إلى أبنائها.
في الأرقام الداخلية العربية عن الأمية، نرى حجم الخراب الذي ينذر بمستقبل غامض للدول والأفراد، حيث تسجل موريتانيا 48 %، اليمن 30 %، المغرب 28 %، مصر: 24 %، السودان 24 %، العراق 20 %، تونس 19 %، سورية 14 %، الجزائر 12 %، ليبيا 9 %، لبنان 8 %، الإمارات 7 %، الأردن 6.8 %، عمان: 6 %، السعودية 5 %، البحرين 4 %، الكويت 4 %، فلسطين 3 %، وفي قطر النسبة الأقل، حيث 2 % فقط.
لكن إذا ما علمنا أن هناك العديد من البلدان العربية تندلع فيها حروب ونزاعات، وأخرى غير مستقرة أمنيا وسياسيا، بينما هناك صنف ثالث يعاني من أزمات اقتصادية حادة تؤثر بشكل أساسي في قدرتها على تعزيز منظومة التعليم لديها، علاوة على أن أرقام الفقر والبطالة في تصاعد مستمر فيها، ندرك عندها أن أرقام الأمية مرشحة للزيادة خلال السنوات المقبلة، ما يضع مستقبل بلداننا على كف عفريت.
في هذا السياق نتحدث عن أمية قرائية وكتابية، ولم نتطرق بعد إلى جودة التعليم في عالمنا العربي، والتي انحدرت كثيرا خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ما يضعنا أمام تحديات كبيرة من الصعب حلها بالتنظير الذي ساد طويلا من غير أن يصنع فرقا في مجتمعاتنا!

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock