لا شك في أن التجربة الأولى للإخوان المسلمين في الحكم لا تبشر بخير بأي حال من الأحوال؛ وأن برنامج النهضة الذي تقدمت به الجماعة للحكم لم يوفق، إلى هذا الوقت، في لفت الانتباه، أو إثبات الحد الأدنى من جديته؛ حيث لا شيء على الأرض، بل تسير الأمور في مصر نحو تدهور غير مسبوق، فيما لا يمكن القبول بكل المبررات التي يدرجها أنصار السلطة في القاهرة، والمتحزبين لها في طول العالم وعرضه، وهي المبررات التي تتحدث عن معركة إعاقة الحكم، ومنع الرئيس الشرعي من المضي قدما في برنامجه. ومع هذا وذاك، وفي وسط حالة الانقسام المجتمعي الحاد التي لا يعلم أحد إلى أين تسير، لا بد من حماية الديمقراطية، ولا بد من خطوات جريئة وعقلانية لإنقاذ هذه التجربة وعدم الزج بها في المجهول.
الإنجاز الأهم الذي قدمته مصر لنفسها وللعالم العربي هو الديمقراطية. وعلى من هم في الحكم اليوم، أكثر من غيرهم، حماية هذا الإنجاز. فتجربة السنة الأولى في الحكم تحتاج إلى نوعين من المراجعة. الأولى، فكرية؛ يقوم بها التنظيم العالمي، لإعادة بناء منطلقاته الفكرية من جديد، والخروج من أسر القوالب الجامدة للآباء المؤسسين. وهذه المراجعة يجب أن تأخذ بحقيقة أولوية الديمقراطية كوعاء اجتماعي وثقافي يحترم حياة الناس اليومية وتفاصيلها، وحرية العبادات وأنماط الحياة، ويرعى الاختلاف ولا يقمعه، ويفصل بين السياسي والاجتماعي في إدارة الحكم. هذا الخطاب يحتاج أن يخاطب العالم بلغة أخرى؛ أن يكف عن مقولات أسلمة العالم، وإقامة دولة الخلافة، أي النزول من دولة السماء إلى دولة الأرض.
أما المستوى الثاني من المراجعة بعد كل هذه الصدمة، فسيكون حتما موجها إلى خيبة الحكم وإلى ممارسة السياسة، حيث لا فائدة من القفز على حقائق العصر، وكيف تؤهل المؤسسات من يصنع السياسة. ولا يمكن للمقولات الدينية التراثية التي أُنجزت بفعل تجارب البشر قبل قرون طويلة، أن تبقى صالحة لكل العصور. فالشلل الاقتصادي الذي تشهدة مصر، وتفاقم البطالة، وأزمة الطاقة والكهرباء، وتراجع النمو الاقتصادي.. تحتاج إلى روح السياسة الصلبة، وممارسة مختلفة تنزل إلى الأرض وتعترف أنها في القرن الحادي والعشرين.
تمثل جماعة الإخوان المسلمين أكبر حركة للإسلام السياسي انتشارا وقدرة على الاستدامة؛ فقد شهد العالم الإسلامي في القرون الأخيرة حركات عديدة، مثل الوهابية والمهدية والسنوسية وغيرها، معظمها انحصرت في مهمة أنجزتها ثم توارت، وبعضها بقي مرتبطا بعائلات سياسية، ولم يحقق الانتشار والجاذبية اللذين حققتهما حركة حسن البنا وإخوانه على مدى تسعة عقود مضت؛ ويعود ذلك إلى نمط أو حد ما من الرشد الذي تمتعت به، وقدرتها على التضحية. لكن الأفكار المؤسسة لهذه الحركة لم تتوفر لها الفرص الحقيقية للتطبيق، وبقيت دوما في دور الناقد السياسي والاجتماعي للنظم السياسية وللمجتمعات. لذا، ما حدث خلال العام الماضي، وما يحدث اليوم في ساحات مصر، يجب أن يدفعا الحركة إلى ممارسة النقد الذاتي، وأن تفتح المنافذ لحركة إصلاح ديني عميق، ينزّل فكر الدولة لدى الإخوان من السماء إلى الأرض، إذا ما أرادوا أن يحافظوا على حصة لهم في هرم الديمقراطية الذي ستبنيه مصر القادمة.
الأخوان المسلمون بحاجة إلى إعادة تأهيل
نعم د. باسم الأخوان المسلمون، خصوصاً بعد تجربتهم في رئاسة مصر، بحاجة إلى إعادة تأهيل وفتح أبوابهم ونوافذهم على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية (خصوصاً التسامح والتعايش مع الآخر وحماية حياة البشر وعدم التسلط على الآخرين) والتفكير النقدي والحداثة وأن يخففوا من انعزالهم ومن شعورهم بالتفوق الأخلاقي ومن المبالغة في تقديس قياداتهم، والأهم عليهم احترام المثقفين والمفكرين والمبدعين واحترام دور المثقفين في رسم ملامح الهوية الوطنية وثقافة الشعب. الكذب ونكث العهود والعصبية والتذاكي والعنف اللفظي وتضخيم الانجارات والتحريض هي أيضاً سلوكيات غير محمودة تكررت في أداء قيادات الأخوان والرئيس مرسي وأضعفت من مصداقيتهم عند الناس. من يدري قد يقدم د. عبد المنعم أبو الفتوح من خلال حزب مصر القوية نموذج وتجربة معتدلة وناجحة بديلة لتجربة الأخوان.
ثقافة التيئيس،،،في اسقاط الرئيس
اعتقد ان مصر ذاهبة الى مالا تحمد عقباه لأن النخب والمثقفين والسياسين والأدباء والصحفيين قصّروا في تعليم الشعب المصري تقافة صندوق الأقتراع واتقنوا تعليمهم ثقافة الفوضى والتمرد والتهويش والصراخ على الفاضي والمليان خصوصا على شاشات الفضائيات المصريه التي ساهمت في تدهور العقليه المصريه والقائها مجددا في خانة التخلف الحضاري ليثبتوا فقط اننا امة لا دخل لها بالديمقراطيه من قريب أو من بعيد( انها ثقافة التيئيس) لقد سعد الشعب المصري حين توجه الى صندوق الأقتراع ليدلي بدلوه وينتخب الرئيس المفضل لديه وكان يجب أن تنتهي العمليه بصندوق الأقتراع ايضا بعد ثلاث سنين لكن حتى هذه حرموه منها لقد كانت البدايه مشرّفه في صندوق الأقتراع لكن النهايه لن تكون كذلك لأنهم شطبوا الصندوق من ثقافة المصري وقالوا له اذهب واسقط الرئيس في الشارع (انتخب في الصندوق واسقط في الشارع!! ) أي حمق هذا .
عقدة تسمى الإسلام.
حين يعتاد أي شعب من الشعوب العربية عشرات السنين ، إن لم تكن مئات السنين على حكم الاستعمار باختلاف أشكاله وألوانه القذرة والقبيحة ، وحين يبتعد أي شعب من الشعوب العربية عن الدين ، وعن تطبيق أحكام الدين الإسلامي من خلال نظام سياسي ، فمن الصعب أن لم يكن من المستحيل أن يتكيف ذلك الشعب مع نظام جديد يختلف مع ما اعتاد عليه ذلك الشعب ، وذلك حال الشعب المصري ، وكذلك الليبي والتونسي ، والسوري إن سنحت له الفرصة أن يلحق وينضم إلى أنظمة الحكم الإسلامية في المنطقة …. بل وكذلك حال كافة الشعوب العربية التي اعتادت على حكم الاستعمار وحكم الأنظمة العلمانية وأصحاب الانقلابات العسكرية والحكام الفاسدين واللصوص والطغاة …. ذلك هو لسان حال الشعب المصري الذي اعتاد على نظام حكم فاسد لثلاثة عقود متتالية …. حيث انه من الصعب أن يتم محاربة فساد عشرات الملايين ممن اعتادوا على الفساد طيلة تلك الفترة الطويلة ، وخلال حكم عام واحد فقط من نظام حكم إسلامي ، وكما يحدث في مصر حاليا … مع العلم أن نظام الحكم الإسلامي الذي يحكم مصر حاليا يعتبر من الإسلام الوسطي بكافة المقاييس ، وليس نظام متطرف ، ولا يمكن مقارنته بنظام العمائم مثل طالبان أو طهران على سبيل المثال …. وان أي شعب اعتاد على اللعب بالبيضة والحجر فقد يحتاج من (50-100) عام كي يتكيف مع نظام حكم إسلامي ، وكما هو واقع الحال في مصر العروبة ، من خلال الفوضى المصطنعة ، وبمبررات وحجج زائفة وواهية وكاذبة ، وكذلك لسان الحال في كل من ليبيا وتونس…. ليس هذا فحسب بل أن التدخلات الدولية والإقليمية لها دور رئيس ومباشر في محاربة أي محاولة لتطبيق أي تجربة للحكم الإسلامي ، وخاصة في المنطقة العربية لما تتمتع به المنطقة من موقع استراتيجي ، وما يكتنز في باطنها من خيرات لو تم تسخيرها لصالح الشعوب العربية لانتقلت دول هذه المنطقة من مصاف دول العالم الثالث إلى مصاف الدول الصناعية والمتطورة …. وكذلك لا ننسى مصالح الأنظمة الرأسمالية ، وبعض أنظمة الحكم العربية التي تعاني من عقدة الإسلام ، وخاصة أن الإسلام لا يجتمع مع الفساد بكافة أشكاله وصوره وألوانه ، وذلك ما لا يمكن ولا تستطيع أن تتكيف معه جهات دولية وإقليمية وأنظمة وشعوب تعاني الفقر وتحارب الفقر من خلال الفساد ، ومنذ عشرات السنيين نتيجة إصرار جهات دولية وإقليمية وأنظمة الحكم في المنطقة من إتباع سياسة استمرار إفقار الشعوب العربية ، كي تستمر تلك الجهات والأنظمة في نزف واختلاس ونهب كنوز وخيرات شعوب المنطقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
القومية والاسلام
ربما يستغرب البعض إذا قلنا، أن أكثر ما أغاظ الشعب المصري والشعوب العربية عامة من إخوان مصر بعد تعاطفهم معهم ضد مبارك، هو نكوصهم عن أدبياتهم الدينية وتنكرهم لكل ما دعوا إليه طوال قرن من الزمان، فبدلا من سماع تطبيق الشريعة بدأنا نسمع الشرعية أي الأحقية بالسلطة، وبدل تعاليم القرآن طبلت آذاننا كلمات مرسي والإخوان كلمت الديموقراطية، وبدل العلاقة مع ايران أفضل العلاقات مع أمريكا العدو الأكبر للعرب والمسلمين، وبدل إغلاق السفارة الاسرائيلية أغلقت سفارات عربية، وبدل الجهاد وتحرير فلسطين، دوى سمعنا السلام الحقيقي، إذا هناك نكوص حقيقي عن المبادئ الأساسية لكل عربي ومسلم. لقد أوهمهم الشيطان أن التكتيكات السياسية أجدى من الخيارات الاستراتيجية، وأغرتهم الأموال الأمريكية، وظانين أن لا سلطة الا برعاية أمريكية وغربية، فضلا عن أنهم فهموا السلطة سلطة الحزب والأشخاص وليست سلطة القانون، وأن الحكم هي التحكم الشخصي بالناس وليس حكم الدستور. أبشر كل من يحلم بالسلطه أن لا مكان له بعد اليوم، وستبقى ثورات متعاقبة حتى ترجح العقول وتكتمل الصورة الانسانية الاسلامية السمحة لنظام الحكم بدون تكفير ولا تقتيل، بحوار وتفاهم. على كل حال واهم من يتصور أن رفض الناس للإخوان هو رفض الإسلام لحساب أفكار أخرى قومية أو غيرها، بل أن أن الناس رفضت الاسلام الأمريكي المتهاون، وتريد اسلاما كريما عزيزا مقاوما مجاهدا رافضا للهيمنة الأجنبية،