الإرشاد إلى الإصلاح المالي

مقاصد القرآن (7)

 

أسامة شحادة

من مقاصد القرآن الكبري إصلاح المفاسد الإجتماعية العظمى ومنها طغيان الثروة والمال، وإصلاح القرآن للمفسدة المالية كان من خلال سبعة محاور، نوجزها في ما يلي:

اضافة اعلان

1- بيان أن المال فتنة واختبار في الخير والشر: فهو امتحان للبشر في حياتهم الدنيوية، إذ المال هو وسيلة الإصلاح والإفساد على مستوى الأفراد والجماعات والدول، قال تعالي " لتبلون في أموالكم وأنفسكم".

2- بيان أن الغرور والطغيان بالمال مذموم و يصد عن الحق والخير: قال تعالي " كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى"، وليس المذموم هو المال نفسه أو الغني بذاته، كلا المذموم هو الغرور والطغيان بالمال وما يتولد عنه من البطر والاستكبار عن الحق.

3- التأكيد على أن البخل بالمال والكبرياء به والرياء في إنفاقه مذموم: وذلك أن التصرفات الثلاث تفسد حياة الناس التي لا تقوم إلا بالمال.

4- جاء القرآن بمدح المال والغني وكونه أحد نعم الله في الدنيا على عباده جزاء إيمانهم وعملهم الصالح: قال الله تعالي حكاية عن نوح عليه السلام: " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً و يمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً"، وقال تعالى: " وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقا لنفتنهم فيه"، أي لو استقاموا على أمر الله لرزقناهم رزقاً واسعاً لنختبرهم ونمتحنهم فيه، ولذلك امتن الله على نبيه صلى الله عليه وسلم بالغني بعد الفقر بقوله تعالى "ووجدك عائلاً فأغنى".

ومن ذلك أن أصل النعم والغني في الدنيا هو حق للمؤمن بالاستحقاق ويشاركهم فيه غيرهم بمقتضي الأسباب ولكنها في الآخرة تكون خالصة للمؤمنين، قال تعالى: " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة"، فحكمة الله اقتضت أن تكون الدنيا وزينتها بالأسباب الكسبية المشتركة بين سائر البشر وجعل المؤمنين أحق بها وأكثر انتفاعاً بها لشكرهم الله عليها بالاعتدال والقصد في أنفسهم والتوسعة على غيرهم بالزكاة والصدقة والإكرام.

5- أوجب الله على عباده حفظ المال ونهي عن الإسراف: ومن أجل هذا أرشد القرآن لاختبار اليتامي حين بلوغهم قبل أن يعطوا أموالهم ليعرف مقدار رشدهم وحسن تصرفهم فلا تضييع عليهم أموالهم عبثاً ، قال تعالى: " وابتلوا اليتامي حتي إذا بلغوا النكاح فإن آنستهم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم". وجعل من صفات المؤمنين: " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً"، وأعظم أصول الإقتصاد جاء في قوله تعالى: " لينفق ذو سعة من سعته"، فكل من الفقير والغني مأمور أن ينفق بقدر طاقته مما آتاه الله لا كل ما آتاه الله، فمن ينفق بعض ما يكسب قلما يفتقر.

6- إنفاق المال في سبيل الله آية الإيمان والوسيلة لعزة الأمة: وذلك أن الإنفاق في سبيل الله من دلائل صدق الإيمان بالله، ولذلك عاب الله عزوجل على الأعراب زعم الإيمان ولم ينفقوا في سبيل الله قال تعالي " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدو بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون"، ومن البلاء المبين أن الشعوب الإسلامية قد قصرت في القرون الأخيرة في بذل المال للخدمة العامة، وقد قارن أمير البيان شكيب أرسلان في كتابه "لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟" بين بذل اليهود لإقامة دولتهم وبين إنفاق المسلمين لإنقاذ فلسطين وكانت النتيجة في صالح اليهود!

7 – قواعد الاصلاح الاسلامي المالي: لترسيخ الإصلاح المالي قرر الإسلام العديد من القواعد المتعلقة بالمال، وهي:

- إقرار الملكية الشخصية وتحريم أكل أموال الناس بالباطل.

- تحريم الربا والقمار.

- منع جعل المال محصور بين الأغنياء.

- الحجر على السفهاء في أموالهم.

- فرض الزكاة.

- فرض نفقة الزوجية والقرابة.

- إيجاب كفاية المضطر من كل جنس ودين وضيافة الغرباء.

- بذل المال في كفارات بعض الذنوب.

- الندب للصدقات على المحتاجين.

- ذم الإسراف والتبذير والبخل والتقتير.

- إباحة الزينة والطيبات من الرزق.