الإرهابي الجولاني يشلح جلده ولكن سمّه موجود

إعلان جبهة النصرة الإرهابية فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، وتحويل الاسم من جبهة النصرة إلى جبهة فتح الشام، لا يعدو كونه لعب أطفال صغار، ومحاولات لشراء الوقت في زمن ضائع، وتدليس على العالم.اضافة اعلان
فالنصرة، أو أيا كان اسمها الجديد، لم تعلن فك ارتباطها بالتنظيم الإرهابي الأم (القاعدة)، إلا بعد أن بارك ذلك زعيم عصابتهم أيمن الظواهري، الذي أفتى بجواز الانفصال لضرورة "جهادية!" كما ادعى، وبطبيعة الحال فإن الظواهري حث أبناءه القتلة الجدد على قتال من اعتبرهم روافض، وروسيا والصين (لا أعرف لماذا الصين، ولكنها إشارة لطريقة تفكير أولئك القتلة)، وكذلك العلمانيين والديمقراطيين والصليبيين! كما قال.
بطبيعة الحال فإن الظواهري لم يؤشر في خطاب "فك الارتباط" لإسرائيل، لا من قريب أو بعيد، وهذا بالنسبة لي أمر طبيعي، فتنظيم القاعدة لم يعرف عنه البتة أي خطاب باتجاه إسرائيل، ولم يتحدث يوما عن المسجد الأقصى، وما يتعرض له من انتهاكات.
أصدقكم القول، فإن غياب القضية الفلسطينية عن خطابات  تنظيم القاعدة الإرهابي أمر حسن، فلسطين لا تريد أن يذكرها إرهابي، ملطخة يداه بدماء أطفال أبرياء في أصقاع العالم، كما لطخت أيضا بدماء أبرياء تفجيرات عمان التي أعلن  تنظيم القاعدة مسؤوليته عنها.
اليوم خلعت "النصرة" أحد جلودها، ولبست جلدا آخر، فهي كالأفعى، يمكنها خلع أكثر من جلد، ولكنها في كل المراحل تحتفظ بميزة السم والقتل، فلا فرق بين جلد وآخر، فغريزة القتل موجودة، وشهوة اللدغ متوفرة، وإن اعتقدت "النصرة" سابقا، "فتح الشام" لاحقا، أنها عندما تغير اسمها ستخدع العالم، تكون واهمة، فالعالم بجميع ألوانه يعرف حقيقية أولئك القتلة، ويعرف حقيقة الجولاني وأذنابه، وحقيقة غيرهم من زعماء التنظيم الذين يستهويهم الدم والقتل فقط، ولا يريدون سورية ديمقراطية، حرة، وإنما يريدون تحويلها لدولة دينية وفق دينهم، الذي يؤمنون به، والذي لا يمت للدين الإسلامي الحنيف بشيء، كما أن أولئك القتلة يتحركون بأوامر من يدفع، ومن يمول، ولا يملكون من أمرهم شيئا، ينفذون رغبات مشغليهم، يريدون تخريب سورية والمنطقة، وخلق واقع جديد يقبل بإسرائيل بيننا، واقع ضد الدولة الحضارية وضد الإنسانية وضد مفهوم الدولة المدنية، واقع يؤسس لكنتونات وتقسيمات جديدة أساسها تقسيم المنطقة عرقيا ودينيا ومذهبيا، وبالتالي السماح للدولة الصهيوينة بإقامة دولة يهودية في فلسطين المحتلة.
سواء غيّر الإرهابي الجولاني جلده أو استبدل اسم تنظيمه الإرهابي باسم جديد، فإن أيامه معدودة، وقصصه مكشوفة وتحالفاته مفضوحة، يعرفها الجميع، وما عاد التضليل الإعلامي الذي كان يمارسه هذا الطرف أو ذاك يجدي نفعا في إقناع العالم بـ"عدالة" مطالب أولئك القتلة الذين يقتلون الأطفال ويسبون النساء ويغتصبون الفتيات، ويريدون تقسيم بلادهم وتفتيت أهلها بحسب الملة والعرق والمذهب.
في الوقت الضائع جاءت استدارة الإرهابيين باتجاه فك ارتباطهم مع تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي يعاديه كل العالم، وتلك الاستدارة كانت متوقعة من مراقبين منذ فترة، وخاصة بعد أن ارتفعت وتيرة الحديث عن تنظيمات معتدلة وأخرى متشددة، ولكن الإرهابيين تأخروا كثيرا، وماطلوا قبل إعلان فك ارتباطهم، والحق أقول، حسنا فعلوا، فقد منحوا العالم أجمع وقتا أطول ليرى بأم عينه بشاعة إرهابهم، ويقتنع بأن لا فرق في سورية بين تنظيمات معتدلة وأخرى متطرفة فكلاهما يسعيان وراء شهوة القتل، وكلاهما لا يريدون سورية ديمقراطية حرة مستقلة، ولا يريدون حريات عامة ولا حقوق مدنية، وإنما يسعون لإقامة كنتونات متفرقة يتزعم كل رئيس عصابة منهم جزء معينا وكفى.
من يعتقد أن أولئك الذين يقاتلون في سورية حاليا تعنيهم حقوق الإنسان والطفل والمرأة واهم، ومن يعتقد أن أولئك يؤمنون بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والإنسانية وحرية الأديان، واهم أكثر، ففاقد الشيء لا يعطيه، وأولئك، فاقدون لكل ذلك ولا يؤمنون به، فكيف لهم أن يستحضروا ديمقراطية في سورية!