
عمان- إن دراسة التصميم الداخلي يعطي ويمنح صاحبه البعد العلمي والثقافي والأسس التي يحتاجها في عمله، من مقاييس ورسم وتصاميم التي تؤدي إلى معرفة ودراية ودراسة عميقة كي يخرجها في قالب يعتمد على معرفة مسؤوله وأسلوب محترف، يدل على دراسة في هذا المجال.
التوازن والترابط بين جميع العناصر في المساحة من ناحية الديكور والهندسة، كالإضاءة والألوان والأسقف والأرضيات والأثاث والإكسسوارات، يجب أن تنجز على إيقاع متناغم. ولكل مصمم روحية تنم عن شفافية خاصة به تعكس ذوقه وشخصيته، وتطلعه للتقنية المتطورة بأشكالها المدروسة، ذات المستوى الرفيع، القادرة على المزج بين القديم والحديث بكلاسيكية مستحدثة.
إن كل ما ذكر سابقا أساسي لكنه لا يكفي ولا يعطي مجاله حقه من الابداع ما لم تكن عند المصمم الداخلي الناجح الموهبة الفذة ذات الميول الخلاقة، ونشأ في بيئة وخلفية فنية نهل من ينابيعها الابداعية، كي تتاح له الفرصة في كل مرة انجاز تصاميم وابداعات مميزة مهما كبرت المساحة أو صغرت، فالتصميم الداخلي في عصرنا أصبح يضم مجالات عدة منها التصميم والتصنيع والتوزيع، وهذا المجال اتسع كثيرا وشهد تطورا كبيرا من خلال الاتساع الجغرافي والانفتاح العالمي تصاحبه حركة تطويرية سريعة للمواد والتقنينات والتبادل التجاري.
الإضاءة في التصميم الداخلي
لم تعد الإضاءة تقتصر على الإنارة، بل تعدت معناها الحقيقي لتنضم إلى ركب التطور والإبداع، فتنوع أشكالها ومصادرها المختلفة جعلها قطعة فنية منفردة في عالم الديكور، تبحث عن المكان الذي يلائمها في التكوين، لتصبح جزءا من فضاءات المساحة تشيع الدفء والغموض لتعطي بانعكاساتها الإشعاعية لمسة عصرية تنسجم مع روح العصر القديم، وتلعب دورا مهما في لعبة النور والظل وخلق التأثيرات البصرية، وإضفاء المزيد من الفخامة على الأجواء فهي تلبي المتطلبات العملية والفنية والجمالية في عالم التصميم الداخلي.
فن توزيع الإضاءة
إن الأفكار والمفاهيم والأشكال المبتكرة للإضاءة باتت تعتبر بأنواعها عناصر أساسية في إحياء المساحات ومنحها روحية مميزة، فكل مكان له إنارة خاصة به لتبرزه وتميزه، لذا فإن الوقت والجهد المبذول لعمل التنسيق يستحقان العناء، فمثلا الثريات بأحجارها البراقة والكرستالية اللامعة الفخمة تناسب صالونات المنازل والقصور وقاعات الفنادق.
أما صالة الطعام فتناسبها الثريا المتدلية فوق طاولة الطعام موجهة لوسطها، في غرفة المعيشة وصالات الاستقبال فإن الإنارة الشاملة القوية ضرورية، مع التركيز على الاضاءة المسلطة على بعض الأركان التي تتواجد فيها القطع الفنية المراد إبرازها.
غرف النوم تحتاج إلى تشكيلة واسعة من الأضواء المختلفة، بدءا من الخافتة للراحة، مرورا بالساطعة للتنظيف والمكياج، وصولا إلى الإضاءة المركزة للقراءة. أما المطبخ فالإنارة يجب أن تكون متنوعة بين الساطعة لأنشطة تحضير الطعام، والإنارة الشاملة أو الخلفية لتناول الأكل.
المداخل والممرات يجب أن تكون الإنارة فيها آمنة، مع مراعاة الحرص على إضافة جو حميم لطيف، أما الممرات الطويلة يفضل أن لا تكون الإنارة مسلطة إلى أعلى بل تكون على جانبي الممر، وتشع بنورها إلى الأسفل.
بعض المبادئ في الإضاءة من حيث الألوان والأشكال
الأضواء الصفراء هي الأكثر جمالا وتوهجا، فنجدها في المباني الحديثة والقصور والمجالس والأماكن الرئيسة في المنزل.
الاهتمام بتوزيع الإضاءة بشكل جيد وتوجيه بعضها إلى الزاوية الخالية من قطع الأثاث، وذلك باستخدام أعمدة الإنارة المتنقلة بنوعيتها المسلطة إلى أعلى وأسفل، فهذا النوع من الإضاءة يعطي إحساسا بالسعة والرحابة.
يجب قدر المستطاع ألا تكون الإنارة مكشوفة للعين أو مسلطة عليها بشكل مباشر، بل تكون مخفية لتستمد الغرفة إضاءتها من انعكاس الأضواء على الجدران، ويتأتى ذلك إما عن طريق ديكورات جبسية أو الوحدات الأرضية المسلطة لأعلى.
بالنسبة للمحيط الخارجي للمنزل، فإن أكثر طرق الإضاءة جمالا إضاءته من الأسفل، وتوجيه الإنارة الغازية عبر الكشافات الكبيرة للأعلى.
عند اختيار وحدات الإنارة يجب الأخذ بعين الاعتبار المكان والمساحة والوظيفة، بغية الحصول على الأروع والأفخم منها، فهناك الكم الهائل من الثريات واللمبات المتنوعة، مثل الفلورسنت والهالوجين والخيوط المضاءة، وغيرها من وسائل الإضاءة الحديثة المتحولة لونا وقوة، بفضل برمجة دقيقة من قبل مصممين باحثين عن التحديات الصعبة، لإضافة بعد جمالي جديد في التعامل مع المساحات ونظريات إبداعية تتجاوب مع قيم الأصالة والعراقة التي تترجم تصاميم طليعية متطورة خارجة عن المألوف.
مما سبق سرده عن موضوع الإضاءة في التصميم الداخلي، نرى أن الديكور ليس مجموعة عناصر تجميلية ارتجالية، بل هو عالم يمتزج به الفن بالمعرفة والعلم والموهبة الشخصية للمصمم المبدع التي توصله إلى آفاق الخيال، ليحولها في الواقع إلى جنات صغيرة في غاية الروعة والعراقة على الأرض.
ماري فينان
مصممة ديكور