الإعلام هو مرآتي... الأشخاص ذوو الإعاقة بين المنهج الحقوقي والرعائي في الأردن

الاشخاص ذوي الاعاقة
الاشخاص ذوي الاعاقة

إيناس الدويكات، ثريا المعابرة، ريما دمج، صفاء عباسي*

اضافة اعلان

هل يمارس الإعلام الأردني دورا مؤثرا اتجاه حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في التأكيد على حُقوقهم، وعَكسِها بالطريقة الصحيحة التي تتماشى مع المنهج الحقوقي؟ ام ما يزال يعكس النهج الرعائي الذي يُعبر عن قضاياهم على أساس الشفقة والحزن أو كإنجاز بطولي خارق؛ مما يعزز الصورة النمطية المأخوذة عنهم؟

حُقوقياً، دعت الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الدول المُصادقة عليها بما فيها الأردن إلى العمل على "إذكاء الوعي المُجتمعي" فيما يخص حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واتخاذ جُملة من التدابير التي تعمل على تعزيز الوعي بحُقوقهم من خلال تطبيق هذه التدابير، ومنها تشجيع وسائل الإعلام على إبراز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بطريقة تتناسب مع الاتفاقية ومَضمونِها وبصورة لا تُشكل انتهاكاً لحقوقهم.

وعلى الصعيد المحلي، أكد قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لعام 2017، في المادة 40 على هيئة الإعلام ونقابة الصحفيين ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية والمؤسسات الإعلامية والصحفية الرسمية وغير الرسمية كُلٌّ حسب اختصاصه بالتنسيق مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة القيام بما يلي: 1- تضمين محاور تُظهر حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 2- تَبَنّي سياسات تحرير للغة والمصطلحات؛ لضمان عدم التمييز والاحترام الكامل لهم 3- تضمين تعليمات مِنَح وتجديد التراخيص المختلفة بما في ذلك المواقع الإلكترونية لإتاحة وصول الأشخاص ذوي الإعاقة للمعلومات 4- تدريب الصحفيين والإعلاميين على آليات التناول الإعلامي الإيجابي لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة للتعريف بحقوقهم والقضاء على الصور النمطية الاجتماعية السائدة 5- تطوير قدراتهم ومنظماتهم في مجال الإعلام والتواصل العام؛ لتغيير الاتجاهات السلبية السائدة عن الإعاقة.

كيف يتم تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة في وسائل الإعلام الاردنية؟

ما تزال الصورة الرعائية في بعض الأحيان هي المُستخدمة اتجاه الأشخاص ذوي الإعاقة في الوسائل الإعلامية الاردنية. فأظهرت ورقة سياسات أعدها قسم العدالة الاجتماعية في معهد غرب آسيا وشمال أفريقيا حول الرصد الاعلامي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الإعلام المكتوب، أنّ هذه الصورة الرعائية تاخذ أشكالٍ عدة منها: تمثيلهم والتعبير عن احتياجاتهم وحقوقهم بأسلوب رعائي فمثلاً يتم تسميتهم مُعوقين أو الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أو أصحاب الهمم وهذه المصطلحات مُنافية للمصطلح الحقوقي وهو "الأشخاص ذوي الإعاقة" فهذا المصطلح يستبعد الإعاقة للشخص بحد ذاته، وأن المُعيق هو البيئة المُحيطة. اتخاذ قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة كوسيلة لجذب القارئ أو المستمع وعدم التركيز على نقل الواقع الفعلي للأشخاص ذوي الإعاقة، فبعض المُحتويات تركز على عرض الإنجازات وتصويرهم كأبطال خارقين دون التطرق الى التحديات التي يواجهونها في وصول الى هذا الإنجاز، وبعضٌ آخر يركز في تسليط الضوء عليهم واستعطاف مشاعر المجتمع اتجاههم، ووصفهم بفئة بحاجة الى الدعم والمُساعدة.

بحسب "إذكاء الوعي المجتمعي" التمثيل الرعائي للأشخاص ذوي الإعاقة في وسائل الإعلام يضعف الوعي الاجتماعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؛ ليساهم ذلك في استمرار الصورة الرعائية والتمثيل الخاطئ لهم، وبالتالي استمرار الصورة النمطية المرسومة اتجاه الأشخاص ذوي الإعاقة واعتبارهم فئات مهمشة وهشة وضعيفة.

لماذا ما يزال المنهج الرعائي هو السائد؟

تتعدد الأسباب في اتباع الإعلام للمنهج الرعائي اتجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، أهمها: ضعف تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسات والهيئات الإعلامية، ضعف الترتيبات التيسيرية في وصول الأشخاص ذوي الإعاقة للمحتوى، فلا يوجد هناك محتوى إعلامي إلكتروني يقدم خدمة (طريقة برايل) للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، نُدرة وجود إعلاميين وإعلام متخصص بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، وإن وجدت فهي نابعة في معظم الأحيان من جهود إعلامية فردية وليست جهود مؤسسية، بالإضافة الى ضعف التوعية والتثقيف للموظفين الإعلاميين حول كيفية تناول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

ما هي الحلول؟

العمل على تطوير قُدرات المؤسسات الإعلامية حول شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم؛ بما يضمن تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم بالشكل الصحيح وبالتالي المُساهمة في رفع الوعي في المجتمع والمساهمة في تغيير الصورة النمطية اتجاههم. العمل على إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسات الإعلامية بما يضمن تحقيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة، فلا بد من تطوير برنامج وظيفي خاص الى جانب تطوير برنامج تأهيل وتدريب خاص بالأشخاص ذوي الإعاقة. المساهمة في تعزيز وصول الأشخاص ذوي الإعاقة في مواقع صنع القرار في المؤسسات الإعلامية، مع التأكيد على توافر التسهيلات البيئية والترتيبات التي تتناسب مع احتياجاتهم المُختلفة.

وعليه، ولأهمية دور الاعلام وسرعة تأثيره في حياة الأفراد ولأهمية دوره في نشر الوعي والتثقيف وتسليط الضوء على القضايا المهمة فلا بد ان يسهم في تحقيق رسالته اتجاه حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، والمُساهمة في رفع مستوى الوعي اتجاه حقوقهم وتغيير الصورة النمطية اتجاههم، لينعكس ذلك على ادماجهم الاجتماعي والاقتصادي، وبالتالي المُضي قُدُماً نحو تحقيق مبدأ العدالة والمساواة.

*متدربون في معهد غرب آسيا وشمال أفريقيا