الاجتماع الرباعي لوزراء الزراعة العرب: تسهيل انسياب المنتجات وإيجاد حلول للأزمات الغذائية

جانب من فعاليات الاجتماع الرباعي لوزراء الزراعة الأردني والعراقي والسوري واللبناني في عمان أمس - (من المصدر)
جانب من فعاليات الاجتماع الرباعي لوزراء الزراعة الأردني والعراقي والسوري واللبناني في عمان أمس - (من المصدر)

عبد الله الربيحات - انطلقت أمس في عمان، فعاليات الاجتماع الرباعي لوزراء الزراعة في الأردن والعراق وسورية ولبنان، لتعزيز التعاون الزراعي وتسهيل انسياب السلع الزراعية بين الدول الأربع، وإيجاد الحلول الممكنة للأزمات الغذائية، والعمل مع المنظمات الدولية لدعم وتطوير الإنتاج الزراعي.

اضافة اعلان


وتأتي الاجتماعات استكمالا للقاءات عقدت في بيروت في تموز (يونيو) الماضي، ودعما لجهود الدول المشاركة، لتلبية آمال وتطلعات قطاعاتها الزراعية، وتحقيق الأمن الغذائي بينها.


ويناقش الوزراء في الاجتماعات التي تستمر يومين، قضايا إجرائية متعلقة بالتبادل التجاري والإرشادي الزراعي، وإمكانية تطوير التعاون الفني بين الدول في القطاعات الزراعية النباتية والحيوانية، وتبادل الكفاءات لبناء قدرات العاملين والفنيين في الدول المشاركة.


كما يناقشون، سبل رفع مستوى الأمن الغذائي لدولهم عبر التكامل الغذائي، والإجراءات الموحدة لمواجهة تحديات النقص المستمر في الموارد المائية وانتشار الأوبئة والجراد الصحراوي، وتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري بين دولهم.


بالإضافة لإجراءات تسهيل تبادل وتسجيل الأسمدة والمبيدات والأدوية واللقاحات البيطرية والبذور، والتقاوي المحسنة، ومدخلات الإنتاج النباتي والحيواني، وإمكانية توحيد روزنامة زراعية بين الدول المشاركة لتسهيل وتوضيح عمليات التبادل التجاري بينها.


وتتضمن أعمال الاجتماعات لقاء مع المديرين الإقليميين للمنظمات الدولية المختلفة العاملة في الدول المشاركة، لبحث التعاون في مجال الأمن الغذائي، والتغير المناخي، وانسياب السلع الزراعية، فضلا عن آفاق الاستثمار في القطاع الزراعي.


وتشمل المباحثات مع ممثلي المنظمات الدولية كذلك، إمكانية جعل الاردن مرصدا إقليميا واستراتيجيا للأمن الغذائي، للحد من آثار الازمات والصدمات، وتأثيرها على بلدان المنطقة، والاستفادة من الميزات النسبية للاردن لخدمة دول المنطقة، وإرساء أسس تعاون أوسع ومستدام، وتوفير البنية التحتية لمخزونات الطوارئ لمنظمات الاغاثة الاقليمية والدولية.


وأكد وزير الزراعة خالد الحنيفات في كلمة في جلسة الافتتاح، خطورة وحجم تحديات دول المنطقة، بخاصة المتعلقة منها بالتغيرات المناخية، في ظل توالي الأزمات والحروب والاضطرابات في العالم، والتي عطلت معظم الانشطة الزراعية والسياحية والثقافية، في وقت تراجعت فيه حركة التجارة البينية بين الدول المشاركة؛ ما أدى لانخفاض تبادل الصادرات والواردات ومنها الزراعية، وأثرت على جميع القطاعات الاقتصادية في الدول ومست حياة مواطنيها.


وقال إن الدول الأربع عانت العامين الماضيين من ازمات دولية، بخاصة أزمة كورونا، وما تبعها من إغلاقات صحية أثرت على تنقلات الأفراد، والإنتاج في القطاعات الاقتصادية كافة، وسلاسل الإمداد، وعطلت التجارة البينية، تلتها الأزمة الروسية الأوكرانية التي أثرت على نحو مباشر على إمدادات الغذاء، بخاصة الحبوب والزيوت والأسمدة.


وأضاف أن تداعيات التضخم وارتفاع اسعار النفط، أدت ايضا لارتفاع أسعار مدخلات الانتاج والخدمات المرتبطة بالطاقة، كالشحن بجميع أشكاله البحري والجوي والبري، فيما ظهرت بوادر أزمة غذاء عالمية أثرت على توافر الغذاء، وقدرة المستهلكين في الوصول إليه؛ ما يدفعنا للإسراع بوضع حلول مشتركة بيننا للتخفيف من وطأة الأزمات والتكيف معها بأقل الخسائر الممكنة لبلداننا.


وبين الحنيفات، أن الأردن تنبه الى التحديات التي تحيط به وبدول المنطقة باكراً، وشرع بوضع وتبني وتنفيذ استراتيجية شاملة للأمن الغذائي، بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة، تم عبر إعادة النظر في السياسات المتعلقة بالأمن الغذائي، فيما عمل على إيجاد مظلة وطنية، تعنى بملف الأمن الغذائي لضمان توافر الغذاء واستمراريته واستقراره أثناء الازمات.


اقليميا، أكد االحنيفات أهمية تأسيس مرصد إقليمي للأمن الغذائي، ليكون صرحا إقليميا تلتقي فيه الخبرات المحلية والدولية؛ لجمع بيانات الامن الغذائي وتحليلها، ما يمكن صانعي القرار في دولنا من التنبؤ بالازمات الغذائية، ورسم السياسات المناسبة لتفاديها وتقديم الحلول الناجعة والعاجلة.


وقال إننا في الاردن نتطلع لجهود برنامج الغذاء العالمي، لإنشاء مركز اقليمي للإغاثة والمساعدات الطارئة؛ لتمكين دول الاقليم من الاستفادة السريعة من هذه المساعدات في وقت الازمات، مبينا أن هذا المركز، الذي يؤكد الاردن استعداده لاستضافته، سيلعب دورا محوريا في تعزيز الامن الغذائي في بلداننا.


وجدد الحنيفات، التأكيد على ضرورة استمرار هذه اللقاءات بين الدول المشاركة على المستويات كافة لبحث القضايا المشتركة، وتطوير التعاون بينها، والوقوف على إجراءات الحجر الصحي الزراعي والبيطري واجراءات النقل والترانزيت، وتبسيط اجراءات تسجيل مدخلات الإنتاج الزراعي والبيطري، وتطوير مشاريع مشتركة بالتعاون مع المنظمات الدولية كأجندة مشتركة متجددة تصب في مصلحة الجميع.


وأشار إلى مخرجات الاجتماع الأول لوزراء الزراعة في الدول الاربع في لبنان، ونتائج اجتماعات اللجان الفنية في العراق؛ ما يؤكد حرص الدول الشقيقة على تجاوز العقبات وتذليل كل العوائق، مشيدا كذلك بمشاركة المنظمات الدولية في هذه الاجتماعات الحالية، وفي مقدمتها منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، وكذلك المنظمات الاقليمية؛ ومنها المنظمة العربية للتنمية الزراعية، وبرنامج الغذاء العالمي، والعديد من المنظمات والجهات المشاركة.


من جانبه، قال وزير الزراعة في سورية محمد حسن قطنا، إن التعاون المشترك والتكامل الاقتصادي الزراعي بين الدول المشاركة في هذه الاجتماعات؛ يعزز من قدرتها على الصمود واحتواء تبعات الأزمات العالمية الناشئة، والتعافي من آثارها، والتصدي لما ينتج عنها من نقص في إمدادات الغذاء، واضطرابات في أسواق وأسعار الطاقة والغذاء، وصعوبات في النقل، بالإضافة لتعزيز قدرات الدول المشاركة في مواجهة أثر تغير المناخ على الموارد الطبيعية والأنشطة الزراعية.


وأضاف أنه في ظل ما يعصف بالعالم من اضطرابات وتغيرات؛ فقد بات من الضرورة والمصلحة الوطنية العليا لدولنا الاربع، أن تركز على الخطوات التي تحقق الاستقرار والأمن الغذائي؛ عبر تسهيل تبادل المنتجات والمعلومات، والعمل المشترك لتطوير الإنتاج ورفع كفاءة استخدام المدخلات والموارد الطبيعية.


وبين أن سورية، وبرغم قساوة الازمة التي مرت بها، استطاعت الصمود والاستمرار في الانتاج الزراعي، والحفاظ على القطاع الزراعي باعتباره الأهم وخط الدفاع الأول في مواجهة الأزمات التي يمر بها العالم.


ولفت المهندس قطنا، إلى أن سورية تحقق حتى الآن الاكتفاء الذاتي في أغلب المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية، وأن هناك فائضا في العديد منها، في وقت تصل فيه هذه المنتجات الى أكثر من 60 وجهة حول العالم، نتيجة لصمود المزارعين، ودعم الحكومة السورية لاستثمار معظم الاراضي القابلة للزراعة، وتأهيل البنى التحتية التي دمرتها الحرب.


وأكد أهمية هذا اللقاء بدعم الجهود العربية الساعية لرسم خطوات عمل واضحة على طريق تعزيز العلاقات بين الدول الأربع، والمضي قدماً نحو تنفيذ ما اتفقت عليه في الاجتماعات السابقة؛ تحقيقا للمصالح المشتركة في مجال التكامل الزراعي، وتسهيل حركة التجارة الزراعية البينية.


كما أعرب عن أمله في أن تخرج هذه الاجتماعات ببرامج عمل واضحة في تبادل المعلومات حول الإجراءات الحجرية البيطرية والنباتية، وتوحيد نماذج الشهادات الصحية؛ بما يتوافق مع المعايير الدولية والمتطلبات المحلية لكل دولة، ووضع هيكلية واضحة وروزنامة زراعية مشتركة تراعي احتياجات السوق.


بدوره، أكد وزير الزراعة في العراق محمد كريم الخفاجي، أهمية البعد الذي يشكله الأمن الغذائي كأحد الركائز الأساسية للاستقرار السياسي والاقتصادي للبلدان ورفاهية شعوبها.


وقال إن البلدان تحرص باستمرار علـى تـوفير وديمومـة الأمـن الغـذائي؛ عبر مواردهـا الذاتيـة، او الاستيراد الذي يعـد حلقـة ضـعيفة لارتباطه بظروف خارجيـة وداخليـة عديـدة مـؤثرة على ديمومته وانسيابية الحصول عليه.


وشدد على أهمية الاجتماعات لوضع خريطـة طـريـق للخـروج مـن التداعيات التـي تـهـدد الأمن الغـذائي والمـائي في منطقتنا، والانعكاسـات التـي سـتتولد علـى أمننـا المجتمعي بسببها، محذرا من البقاء دون خطة واضحة لتحقيق التكامل الزراعي المبني على الميزة النسبية لكل محصول أو منـتج فـي بلداننا.


وأكد ضرورة تسخير كل مـوارد الاستثمار المشـترك فـي القطاع الزراعي النباتي والحيواني في الدول المشاركة، وبناء قاعدة لمنظومة أمن غذائي مستدام في منطقتنا، داعيا لعدم الاستمرار في الاعتماد على الاستيراد في ظل التهديـد لطـرق الإمدادات العالميـة وارتفـاع أجور النقـل.


واعتبر الخفاجي أن الارتفاع الحـاد والمستمر في أسعار السلع الغذائية، أصبح هاجساً وحمـلاً ثقيلاً على كاهـل المواطن العربي؛ ما يدعو إلى اتباع مـنهج إقليمـي لتسهيل وتذليل كل المعوقات التي تضيف تكلفة إضافية على السلع الزراعية.
ودعا الى تحقيق التكامـل في الروزنامة الزراعية، وتنشيط زراعـة الاعـلاف، وتربيـة الثروة الحيوانية والمشـاريع المشتركة المتكاملـة لتخفض كلـف الإنتـاج للبروتين والأسمدة والمبيدات واللقاحـات والأدوية البيطريـة، وبـرامج مكافحـة الآفـات، والسيطرة على الأمـراض.


وقال وزير الزراعة اللبناني عباس الحاج حسن، إن انعقاد هذه الاجتماعات يعكس إيماننا المطلق بأن الأزمة أكبر من كل الحسابات وأن الأمن الغذائي لا يعرف حدودا ولا تناقضات، وسعينا المشترك لبناء رباعية نطمح أن تتوسع لتشمل كل الدول العربية.


وأضاف أن أمننا تتهدده أكثر من أزمة؛ ما يحتم ايجاد السبل الكفيلة بوضع الأولويات للاستدامة والرؤية العلمية للعلاقات البينية بين دولنا، لتحقيق الأهداف المشتركة في معالحة آثار التغير المناخي، ودعم انسياب المنتجات الزراعية، والاستثمار في القطاع الزراعي كأولوية للنهوض بالاقتصادات الوطنية.


واعتبر أن هذه الاجتماعات تجسد شراكة عربية جامعة موحدة للجهود، وأن المطلوب في هذه المرحلة التفاعل والتكامل، وصولا الى رفع مستوى الأمن الغذائي كهدف إستراتيجي لدولنا مجتمعة، وصناعة رؤية وحدوية تراعي الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والشراكة بين منظماتنا العربية والمنظمات الأممية العاملة في بلداننا.


ودعا لتأطير الجهد الدولي المساعد بالتنسيق المطلق، بغية الوصول الى النتائج المرجوة، مؤكدا أن توقيع اتفاقية تفاهم في القطاع الزراعي يشكل أولوية ملحة لنا جميعا للانطلاق في عمل عربي جامع يفتح الأبواب أمام تطوير هذا الملتقى بانضمام باقي الأخوة من الأشقاء العرب.


وأشار إلى خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في الأمم المتحدة، حول مخاطر الأمن الغذائي؛ باعتباره هما مشتركا وعلينا جميعا أن نتفاعل ونتعاون للعبور إلى مرحلة مستقرة لحاضرنا ومستقبلنا، مؤكدا أن لبنان يمر بمرحلة صعبة، غير أنه أصبح في نهاية الطريق للخروج قويا من أزماته.


ويشارك إلى جانب وزراء الزراعة في الدول الأربع، الممثل الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" عبدالحكيم الواعر، وأمين عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية إبراهيم الدخيري، ومدير برنامج الغذاء العالمي في الأردن البرتو كوريا منديز، ومدير عام المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي يرلان بيدولايت، ومدير عام المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد) نصر الدين العبيد، ومندوب الممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي.

اقرأ المزيد :