الاحتلال و "كورونا" و"صفقة القرن"

أعاد اتفاق رئيسي حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو و"أزرق أبيض" بيني غانتس في كيان الاحتلال قبل أيام على تشكيل حكومة وحدة هدفها الرئيس ضم غور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية الأنظار مجددا لصفقة القرن التي تبنتها الإدارة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، بعد أن انشغل العالم عنها بمكافحة فيروس كورونا.اضافة اعلان
وقبل الإعلان عن هذه الحكومة، استغل كيان الاحتلال انشغال دول العالم بالفيروس، لاستيطان وضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وتنفيذ "صفقة القرن" بإجراءات على الأرض، دون الإعلان عنها رسميا.
لقد أعلنت حكومة الوحدة في الكيان عن توجهها للبدء بضم المستوطنات في الضفة الغربية وغور الأردن اعتبارا من مطلع تموز (يوليو) المقبل، مع أنها لم تتوقف عن اتخاذ الإجراءات على الأرض لتطبيق الصفقة قبل الإعلان عنها رسميا من قبل الرئيس الأميركي في 28 كانون الثاني (يناير) الماضي وما بعد الإعلان عنها.
لكن، تحديد موعد رسمي "إسرائيلي" لبدء ضم غور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية، سيضع أولا وقبل كل شيء السلطة الفلسطينية في موقف خطير لا يمكن لها الخروج منه دون اتخاذ قرارات مصيرية تسبقه وتليه حيث أن ذلك (الإعلان عن بدء تطبيق الصفقة) سيقضي عمليا من قبل الاحتلال على حل الدولتين الذي تتمسك به السلطة والذي كانت تعتبره أساس وجودها وتوقيعها على اتفاقية أوسلو.
وبالسياق، أعلن رئيس السلطة محمود عباس، أن السلطة ستلغي كل الاتفاقيات الموقعة مع كيان الاحتلال في حال تم ضم مستوطنات الضفة وغور الأردن، ولكن وكما تعودنا سابقا، فإن مواقف السلطة وقراراتها لا تكون حاسمة وغير فعالة ولا تحول دون تطبيق سلطات الاحتلال لصفقة القرن وكافة الإجراءات التي هدفها تصفية القضية الفلسطينية من خلال المزيد من القضم للأراضي الفلسطينية وضمها لكيان الاحتلال.
كما أن إعلان سلطات كيان الاحتلال عن بدئها بضم غور الأردن اعتبارا من مطلع تموز، سيضع الأردن أمام مواجهة مباشرة مع هذه السلطات التي لا تأخذ بعين الاعتبار الموقف الأردني المبدئي الرافض لضم غور الأردن، والرافض لتقويض حل الدولتين، الذي يعتبر مصلحة أردنية عليا.
كما أن انشغال البيت الأبيض في محاربة فيروس كورونا الذي ينتشر في الولايات الأميركية بسرعة ويتسبب بأضرار بالغة صحية واقتصادية للشعب الأميركي لن يمنعه من الوقوف مع كيان الاحتلال ودعمه في خطواته لفرض صفقة القرن بشكل أحادي.
ولا يبدو أن روسيا والاتحاد الأوروبي سيشكلان حجر عثرة أمام تنفيذ صفقة القرن، فهما الآن مشغولان بفيروس كورونا، ولم يشكلا قبل ذلك، عقبة أمام الصفقة، بالرغم من رفضهما لها.
لهذا كله، فإن خطر فيروس كورونا، لن يكون الخطر الوحيد خلال الفترة الحالية والمقبلة، فحكومة الوحدة الإسرائيلية أضافت له تحديا خطيرا آخر، يتمثل بموعد ضم الأراضي الفلسطينية، ما يستوجب على فلسطين والأردن تحديا خطيرا ومصيريا يتطلب قرارات مصيرية وإجراءات فعالة لمواجهة هذا الخطر الذي لن ينحسر بالمواقف اللفظية الرافضة والمدينة، وإنما بقرارات وإجراءات فعالة على الأرض.
قد يقول قائل إن فلسطين لا تملك أي أوراق لمواجهة إجراءات تنفيذ الصفقة، ولكنها تملك الكثير من الأوراق التي يمكن لها في المرحلة الأولى تعطيل التنفيذ وبعد ذلك إفشالها؛ وعلى رأسها المقاومة الشعبية، ووقف التنسيق الأمني، وحل السلطة.
كما يملك الأردن الكثير من الأوراق لتعطيل ضم غور الأردن. والقول إن سلطات الاحتلال ليست حريصة على معاهدة وادي عربة والعلاقات الرسمية مع الأردن، ليس في محله وغير صحيح، وستحسب آلاف المرات لأي موقف أردني يضر بهذه العلاقات وبهذه المعاهدة.