الاحتلال يعتقل محافظ القدس لمنع تحقيق في تسريب بيت للمستوطنين

 برهوم جرايسي

القدس المحتلة-الناصرة- اعتقل الاحتلال الاسرائيلي محافظ القدس عدنان غيث، ومدير شعبة المخابرات الفلسطينية بالمدينة العقيد جهاد الفقيه، خلال تواجدهما مساء السبت الفائت بالبلدة القديمة، في محاولة من الاحتلال منع تحقيق فلسطيني رسمي في قضية بيع بيت، لواحدة من أخطر عصابات المستوطنين، التي تستهدف العقارات الفلسطينية في المدينة.اضافة اعلان
وتعود القضية إلى حوالي شهر، حينما تكشفت جريمة بيع بيت فلسطيني في البلدة القديمة في القدس المحتلة، إلى عصابة عطيرت كوهنيم، وهي واحدة من أشرس العصابات الصهيونية الإرهابية، التي يتركز نشاطها بالاستيلاء على عقارات في القدس، في غالبيتها الساحقة، إن لم تكن كلها عن طرق الغش والخداع.
وهذه قضية ما تزال قيد التحقيق من قبل السلطة الفلسطينية، على الرغم من أن عناوينها الرئيسية باتت واضحة. فصاحب البيت، وهو اسم بارز في المدينة، ومن عائلة عريقة، عرض بيته للبيع منذ أكثر من عامين. وجرى ابرام الصفقة مع شخص مقدسي، مقيم في الولايات المتحدة الأميركية، إلا أنه حسب الادعاءات المتداولة، فإن جهات فلسطينية رسمية، أحبطت الصفقة على خلفية اصطفافات حزبية في داخل حركة فتح.
وبعد أن تم افشال الصفقة، تم عقدها مع شخص آخر. وحسب ما يُقال، فإن صاحب البيت استفسر من الجهات الفلسطينية، عن الشخص الذي يريد شراء البيت، وكان الرد إيجابيا، وبناء عليه تم بيع البيت له بقيمة تعادل ما يقارب 500 ألف دينار أردني (2,5 ملايين شيكل). إلا أنه تبين لاحقا، أن هذا الشخص باع البيت لشركة وهمية.
وحسب ادعاءات إسرائيلية وفلسطينية، فإنه باع البيت بحوالي 6 أضعاف، بمبلغ يعادل 5,4 مليون دينار. وهو مبلغ ينفيه الشخص المتورط، ولكنه لا ينفي بيع البيت لشركة زعم أنه لم يعرف من يقف  وراءها. كما أن الشخص ذاته يزعم أنه تلقى توجهات من الشخص الأول الذي سعى لشراء البيت، كي يبيع البيت مجددا للشركة الاستيطانية، وهو ما ينفيه المقيم في الولايات المتحدة.
والتهمة الفلسطينية للمتورط المباشر ببيع البيت لعصابة المستوطنين، أنه لم يفحص من هذه الشركة، خاصة وأن قضية الشركات الوهمية باتت أمرا معروفا منذ سنوات طويلة. كذلك فإنه لم يشك بالقيمة التي عرضت عليه لسعر البيت، وهذا وحده يستدعي الشك. 
وقد أعلنت السلطة الفلسطينية قبل ثلاثة أسابيع، عن تحقيق للكشف عن ملابسات القضية. وفي الأسبوع الماضي، اعتقلت سلطات الاحتلال ثلاثة أشخاص، بدعوى أنهم يحققون بالقضية. وتبع ذلك مساء السبت، أن اعترض جنود الاحتلال طريق محافظ القدس، ومدير شعبة المخابرات الفلسطينية بالمدينة، وهما في سيارة في ضاحية بيت حنينا، شمال القدس، وجرى اعتقالهما على الفور. وقالت صحيفة "هآرتس" أمس الأحد، نقلا عن جهات فلسطينية، إن الاعتقال جاء على خلفية مسعى سلطات الاحتلال لاحباط التحقيقات الفلسطينية في القضية. وأصدرت أجهزة الاحتلال أمرا، يمنع نشر أسماء اشخاص متورطين بقضية بيع البيت لعصابة المستوطنين، التي استوطنت في البيت قبل حوالي ثلاثة أسابيع.
وقد أصدرت القوى الوطنية والاسلامية بالقدس المحتلة، في نهاية الأسبوع الماضي بيانا قالت فيه، إن، "الحقيقة في هذه القضية واضحة وجلية، ولا تخفى على عاقل، والحاجة إلى لجنة التحقيق لم تنبع من اختفاء الحقيقة وغيابها، بل من الحاجة لاستكمال الصورة ومعرفة جميع الضالعين في جريمة تسريب هذا العقار التاريخي للمستوطنين المتطرفين. واتهم البيان العائلة صاحبة البيت" بأنها شريكة في هذا التسريب حين لم تتحر الحقيقة وهي تتعامل مع عقار وموقع بهذه الحساسية، وظلت مصرة على بيعه في محاولتين متتاليتين، رغم كل ما أحاط بالمحاولتين من ملابسات غير مريحة، ومن ضبابية الجهة المشترية.
وأضاف البيان، أما المشتري فهو آخر من كان هذا العقار بحيازته قبل تسريبه للمستوطنين المتطرفين، والتحقيق يتركز الآن على الكشف عن المتواطئين والمشاركين معه في تنفيذ هذه الجريمة والخيانة ونطالب اللجنة المشكلة من رئيس الوزراء بالكشف عن كافة التفاصيل وكافة الاجراءات التي ستتخذ بحق المتورطين.
هذا ومددت سلطات الاحتلال، صباح أمس الأحد، اعتقال محافظ القدس لـ 96 ساعة، وقامت بتحويله إلى محكمة "عوفر" العسكرية قرب رام الله. وقال المحامي محمد محمود إن "قرارا صدر من محكمة الاحتلال بتحويل غيث إلى محكمة "عوفر" بحجة ارتكاب المخالفة داخل الأرض الفلسطينية، وستعقد له جلسة خلال 96 ساعة من تاريخه".
ودانت الحكومة الفلسطينية اختطاف قوات الاحتلال غيث واعتقال العقيد الفقيه، واعتبرته "جريمة جديدة بحق أبناء شعبنا، وقيادته، وبحق عاصمتنا الأبدية، مدينة القدس العربية المحتلة".
وقالت الحكومة، "إن قوات الاحتلال تهدف الى مزيد من التأجيج والتصعيد في المشهد برمته، وإلى الاستمرار في عزل عاصمتنا مدينة القدس العربية المحتلة عن محيطها الطبيعي، وتعتقد انها بهذه الإجراءات يمكن ان تؤثر على تمسك شعبنا وقيادته بالقدس.
في سياق آخر، أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أمس الأحد، أن إخلاء قرية الخان الأحمر، التي تقطنها عشيرة الجهالين، المهجّرة من صحراء النقب في أعقاب النكبة، سيتم قريبا، وأن الطاقم الوزاري للشؤون العسكرية والسياسية، "الكابينيت"، سيضع التاريخ قريبا، كما قال.
وجاءت تصريحات نتنياهو في كلمة له، لدى استقباله وزير المالية الأميركي سيتفن مينوتشين، أمس. وكما يبدو، ردا على بيان صدر عن مكتبه مساء السبت، أوحى لوسائل إعلام إسرائيلية، بأن الاحتلال قرر تأجيل اخلاء الخان الأحمر لأجل غير معلوم، بسبب الانتقادات الدولية لقرار الاحتلال، بإخلاء أهالي القرية، واقتلاع قريتهم من جديد، وهي واقعة على الطريق ما بين أريحا والقدس المحتلة، لغرض توسيع المستوطنات المجاورة، في اطار مشروع استكمال الحزام الاستيطاني، الذي يبتر الضفة الى قسمين شمالي وجنوبي، ويبدأ من غرب الضفة، في منطقة بيت لحم، مرورا بالقدس المحتلة، ووصولا الى مشارف البحر الميت شرقا.
وبعد صدور البيان مساء السبت، أعلن وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، ووزير التعليم نفتالي بينيت، رفضها لاي تأجيل لإخلاء قرية الخان الأحمر واقتلاعها.
وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، فيدريكا موغريني، قد دعت اسرائيل إلى عدم اخلاء القرية، وأشارت الى أن الاخلاء سيكون له تداعيات انسانية شديدة. كما أن المدعية العامة الاولى في المحكمة الدولية في لاهاي، باتو بنسودا، اوضحت أنها تتابع بقلق الاستعدادات للاخلاء، وحذرت من أنه من شأنه أن يشكل جريمة حرب.
ومنذ صدور قرار المحكمة العليا، قبل نحو شهر، باقتلاع قرية الخان الأحمر، ورفض التماسات الأهالي، شرع الاحتلال في شق طرق، لتسهيل العدوان المخطط. في حين تشهد القرية طيلة الوقت، تواجد فلسطيني، ومن ناشطين من العالم وحتى من إسرائيل. وفي كل يوم جمعة تشهد القرية مسيرات تضامنية تنتهي بمواجهات لصد جيش الاحتلال عن القرية.