الازدهار ودبلوماسية السلام والتقدم

لحسن أو سوء الحظ، فإن الإبهار لا ينشئ تنمية ولا إصلاحا، المسألة ليست لغزا ولا سرّا، ففي مقدور جميع المواطنين اليوم أن يلاحظوا أنهم في حاجة إلى تحسين حياتهم على نحو ملموس، بما يعني ذلك ببساطة ارتفاع مستوى المعيشة والدخل إلى الحدّ الذي يماثل الأمم الناجحة أو يقترب منه، ما يعني نمو الناتج المحلي وتوزيعه توزيعا عادلا، ثم رعاية صحية يمكن ملاحظتها وقياسها بعدد وفيات الأطفال ومعدلات العمر المتوقعة وعدد المستشفيات والأطباء والممرضين والأسرة، ثم تعليما يجد فيه كل طفل في سن الدراسة مكانا في المدارس الحكومية ومحتوى تعليميا يقدم المعرفة والمهارات الأساسية للحياة والاعتماد على الذات، ثم رعاية اجتماعية يجد فيها الفقراء وكبار السن والمعوقون فرصة للاندماج والمشاركة الاقتصادية والاجتماعية. وليس مطلوبا من الحكومة سوى أن تدير الموارد المتاحة بعدالة وكفاءة، وأن تنظم تنافسا عادلا للفرص والأعمال والأسواق.اضافة اعلان
لكن يظل سؤالان محيرين بالفعل؛ كيف تكون المجتمعات (المدن والمحافظات والبلديات والنقابات والمنظمات الاجتماعية،..) شريكا حقيقيا وفعليا مع الحكومة والشركات على النحو الذي تملك مواردها ومؤسساتها المستقلة وتشغل على الأقل خمس القوى العاملة في البلد؟ وكيف تمثل القيادات السياسية (الوزراء والنواب والأعيان) قواعد ومصالح اجتماعية حقيقية وفاعلة، وليست بالطبع مجموعات من الأصدقاء أو عشائر ولا روابط دينية! .. ويبدو أن هذا مبتدأ التحدي والإصلاح، مدن ومجتمعات مستقلة ومتمكنة تقدم إلى مجلس النواب قادتها بكفاءة وعدالة،.. وهؤلاء النواب يشكلون الحكومة! وبغير ذلك فإننا ندور حول أنفسنا؛ حتى لو عملت الحكومة بكفاءة وصدق لتحسين الحياة والمؤسسات والمرافق،...
لقد أبدى المواطنون وعيا عمليا جديدا في حراك الثلاثين من أيار عندما واجهوا الحكومة بقضيتين أساسيتين: ضريبة الدخل والطاقة، وفي مقدور الحكومة (المفترض أنها جاءت على أساس رواية الضريبة والطاقة) أن تقدم مبادرة فورية في خلال الأيام المائة الأولى لها، أن توفر النفط على أساس واضح وتنافسي في الأسعار والضريبة وملكية الطاقة أيضا، وأن تتوسع في التسهيلات القانونية والفنية ليمتلك المواطنون جميع المواطنين بل إلزامهم باستخدام الطاقة المتجددة.
هناك فرصة عملية كبيرة لتحويل الماء والطاقة إلى موارد متاحة وغير مكلفة وأن تنظم الضرائب على أساس عادل، وبعد ذلك ندبر أنفسنا بمواردنا المتاحة من غير معونات خارجية،.. المهم أن تدار هذه الموارد بعدالة وكفاءة.
وإذا أمكن توفير الماء المحلّى للمواطنين بتكلفة معقولة كما صارت دول كثيرة تفعل، فإننا نحرر المياه المتاحة لاستخدامها في الزراعة ونضيف إليها الماء المكرر وفي ذلك يمكن مضاعفة الأراضي الزراعية، ويمكن بناء اقتصاد معقول حول الزراعة يشغل نسبة كبيرة من المواطنين ويطور الناتج المحلي ويقلل الواردات الغذائية، هناك فرصة عملية ومعقولة لتحقيق اكتفاء غذائي بنسبة تزيد على 80 في المائة، وربما يمكن أكثر من ذلك إذا أعيد النظر في موضوع تأجير واستخدام أراضي الديسي لتكون مجالا لزراعة الحبوب وتشغيل وتسكين مئات آلاف المواطنين فيها. لا نتحدث عن معجزات ولا عن حلول عبقرية، وإن كان ليس خطأ أن ننتطر مشاريع ومبادرات إبداعية تعكس التقدم التعليمي والمهني في البلد.