“علموا اولادكم لزمان غير زمانكم” عمر بن الخطاب
خفضت فرنسا سن بدء الدراسة الإلزامي من ست إلى ثلاث سنوات؛ لأجل المساواة وتحسين قدرات الأطفال الفقراء على التعلم واكتساب الصحة والغذاء الجيد والمهارات المعرفية والعاطفية والاجتماعية في المستقبل، وللاستجابة للطبيعة المتغيرة للعمل على أساس التعلم منذ وقت مبكر ولتكوين نظام تعليمي أكثر مرونة في ظل عدم اليقين.
يتيح التعليم المبكر المجال لتكافؤ الفرص بالنسبة للأجيال، ففي ذلك يحصل الأطفال جميعهم على قدم المساواة على المتطلبات المعرفية والصحية والاجتماعية، ويمكن للمجتمع والدولة ضمان تهيئة مناسبة للفاعلين الاجتماعيين ليكونوا أكثر كفاءة وقدرة على إدارة مرحلة مختلفة في طبيعتها وأعمالها ومواردها، كما يمكن للمؤسسات التعليمية تطوير القدرات العقلية والنفسية للأطفال منذ بدء تشكلها وفي مرحلة يكون الاطفال اكثر استعداد للتعلم، فتأخير سن الدراسة يهدر كثيرا من الفرص في التعليم والتنشئة، كما يمكن للأطفال الفقراء أن يتعرضوا لظروف صحية وغذائية سيئة تؤثر سلبا إلى الأبد في فرص التعلم وتلقي المهارات الضرورية. وفي ذلك سيكون في مقدور المؤسسات التعليمية تعزيز جودة التعليم، وإكساب الأطفال الذاكرة النشيطة، والتفكير المرن، والتحكم في النفس، وتظهر الدراسات والمقارنات نتائج ومؤشرات واضحة في الفروق بين الأطفال الذين يتلقون تعليما مبكرا والذين لا يتاح لهم ذلك؛ في الاستعدادات التعليمية والاجتماعية والقدرة على التفاعل مع الآخرين وتنظيم عواطفهم تحت الضغط، لكن أيضا يجب الانتباه إلى جودة التعليم، ففي كثير من الأحيان سيكون أفضل للأطفال لو لم يذهبوا إلى المدرسة لأنهم قد يتعرضون لتجارب سيئة وتنشئة خاطئة. لكن يظل الاستثمار في المرحلة المبكرة للطفولة بالغ الأهمية في بناء مهارات مستقبلية وتعليم متراكم، ويقدر البنك الدولي أن كل دولار يستثمر في التعليم الجيد في مرحلة الطفولة المبكرة يعود بإيرادات تتراوح بين 6 – 17 دولارا.
تبدأ مواجهة التحدي بالتعليم، إذ ستكون غايات المؤسسات التعليمية مختلفة لأنها ستعد الأجيال لأعمال آتية ليست هي الموجودة اليوم، كما أن الشبكة تعيد صوغها وتوزع المسؤوليات والأدوار لتكون الأسر والمجتمعات شريكة رئيسية، وليكون الفرد أساساً هو الذي يعلّم نفسه بنفسه.
وفي ذلك فإن الاستثمار في الطفولة المبكرة يكون افضل وسيلة لدى الدول والمجتمعات لمواجهة التحولات الكبرى وفي الوقت نفسه فإنه استثمار غير مكلف كثيرا بالنسبة للمؤسسات التعليمية او الميزانيات الحكومية بل هو عمل تلقائي تنهض به في جميع الاحوال الاسر والمجتمعات والحكومات وكل ما نحتاج إليه هو ان نجعل هذا العمل والجهد التلقائي منتجا وفعالا. ونتجاوز به كثيرا من السلبيات والمشكلات التي نغرسها في نفوس الاطفال والناشئة.