الاستخدام المفرط للإنترنت يؤدي إلى سلبيات نفسية وذهنية

الاستخدام المفرط للإنترنت يؤدي إلى سلبيات نفسية وذهنية
الاستخدام المفرط للإنترنت يؤدي إلى سلبيات نفسية وذهنية

 

عمان-طرأت على المجتمعات البشرية خلال الاعوام القليلة الماضية تغيرات هائلة تعود في اصلها الى اختراق علمي كبير أتاح للبشر ما لم يكن متاحا من قبل، وبشكل لم يسبق حدوثه بهذه السرعة على مر التاريخ البشري.

اضافة اعلان

ويعد هذا الاختراق ثورة هائلة في مجال انسياب وإتاحة العلاقات والمعلومات عبر شبكة الإنترنت "او الشبكة العنكبوتية", ولا ننسى ان الاختراق لم يكن فقط في كمية وسرعة انتقال المعلومات, بل ايضا في نوعيتها.

وكانت دراسة علاقة الانسان بالآلة من قبل, حول مفاهيم ابسط بكثير مما اصبحنا نحتاج اليه الآن, فمن غير المنطقي أن نغفل ان التعامل مع الكمبيوتر يختلف عن التعامل مع اي من منتجات التكنولوجيا؛ لأن هناك ما يشبه العقل او لنقل الكيان المغاير, وهو من طبيعة هذا الكمبيوتر والتي تطورت بشكل مذهل خلال أعوام قليلة, وبالتال فإن مفاهيم علم النفس القديمة والحديثة في تفسير العلاقة بالجماد لم تعد صالحة للتطبيق على الكومبيوتر فهو ليس جمادا او هو جماد تستطيع الحوار معه والتفاعل بشتى صور ذلك التفاعل.

وتطورت الامور كما لمسناها، كاختصاصيين نفسيين، من الآثار النفسية لألعاب الفيديو التفاعلية الخطيرة التأثير في النفوس, الى ألعاب الانترنت الاشد خطورة لانها اعطت الذات قدرة على التعدد اثناء الاتصال بالآخرين, فكل مستخدم للانترنت يستطيع اتخاذ ذات غير ذاته ويتواصل اما بذاته الحقيقية او بذاته الالكترونية التي يصنعها على المقاس الذي يريد وبالشكل الذي يريد, بل ويستطيع ان يصنع ذاتين وثلاثة وربما أكثر.

ويعد ادمان الانترنت أحد المصطلحات الجديدة على المجتمعات العربية والمجتمع الاردني بصفة خاصة, وما يزال مصطلح ادمان الارنت، في حد ذاته, تحت الدراسة والتغيير حسب مستجدات الدراسات والبحوث, وآخر ما تم التوصل اليه في هذا الموضوع هو ان مدمن الانترنت يعاني من خمسة، على الأقل، من الاعراض الثمانية التالية:

* التفكير الدائم في الانترنت حتى أثناء البعد عن الكمبيوتر.

* الشعور بالرغبة في زيادة عدد ساعات استخدام الانترنت.

* البقاء على الشبكة لفترة اطول من المخطط لها.

* الفشل مرارا في ضبط عدد ساعات استخدام الانترنت.

* التوتر عند عدم استخدام الانترنت.

* الشعور بالندم على فقد مكتسبات معينة وعلاقات أو صفقات والتزامات؛ بسبب كثرة استخدام الانترنت.

* الكذب على المحيطين بهدف التفرغ للمزيد من الوقت لاستخدام الانترنت.

* اللجوء للانترنت للهروب من مشاكل الحياة.

كما ان ادمان الانترنت عملية مرحلية, فالمستخدمون الجدد عادة هم الاكثر استخداما وإسرافا في استخدامها, بسبب انبهارهم بتلك الوسيلة.

ويحدث للمستخدم بعد فترة عملية خيبة أمل من الانترنت, وحسب بعض الدراسات التي تمت في هذا المجال فإن اكثر الناس قابلية للإدمان هم اصحاب حالات الاكتئاب والشخصيات القلقة.

وتؤكد بحوث نفسية حديثة أن الاستخدام المفرط لشبكة الانترنت يسبب ادمانا نفسيا قريبا من الادمان الذي يسببه التعاطي المكثف للمخدرات.

وهذا الادمان يؤثر على مزاج ونفسية الانسان في حالة الابتعاد عنه. كما أن أحد مظاهر الإدمان وهو "ظاهرة التحمل"؛ أي الميل الى زيادة ساعات استخدام الانترنت لإشباع الرغبة نفسها التي كانت تشبعها من قبل ساعات اقل. وكذلك ظاهرة "الانسحاب" أي المعاناة من أعراض نفسية وجسمية عند انقطاع الاتصال بالشبكة ومنها التوتر النفسي الحركي "حركات عصبية زائدة" والقلق فضلا عن تركز التفكير بشكل قهري حول الانترنت وما يجري فيها. بالإضافة إلى أحلام وتخيلات مرتبطة بالانترنت وحركات إرادية ولا إرادية تؤديها الاصابع على الكمبيوتر والرغبة في العودة الى استخدام الانترنت للتخفيف او تجنب اعراض الانسحاب. مع الميل الى الاستخدام بمعدل اكثر تكرارا او لمدة زمنية اطول.

ومما يزيد الامور اختلاطا أن مدمني الانترنت انفسهم مختلفون, فليس مدمن المواقع الجنسية كمدمن الدردشة! او اللعب على الشبكة, وهناك خمسة أنواع موصوفة من إدمان الانترنت حتى الآن:

* الإدمان الجنسي: وهو ولع مستخدم الانترنت بالمواقع الاباحية وغرف المحادثة الرومانسية, وقد يرتبط هذا بعدم الاشباع العاطفي لدى الشخص او بمعاناته من حالة نفسية معينة.

* إدمان الدردشة: وفيه يستغني مستخدم الانترنت بعلاقاته الالكترونية عن علاقاته الواقعية.

* الإدمان المالي: وهو ولع الشخص بالصرف المالي على الشبكة في ما ليست له حاجة فيه؛ كالقمار والدخول في المزادات وأسواق المال بهدف المتعة لا التجارة الحقيقية.

* الإدمان المعرفي: وهو انبهار الشخص بحجم المعلومات المتوفرة على الشبكة لدرجة انصرافه عن واجبات حياته الاساسية.

* إدمان الألعاب: وهو الولع بالألعاب المتوفرة على الشبكة؛ حيث تؤثر على الوظائف الاساسية في الواقع الحياتي كالدراسية والعمل والواجبات المنزلية.

ومعنى ذلك انه ليس هناك حتى الآن اتفاق على قبول اطلاق لفظ ادمان على الاستخدام المفرط للانترنت, ففي حين اقتنع بعض العلماء بصلاحية مفهوم الادمان لوصف الحالة, اعترض آخرون واعتبروا استخدام بعض الناس للانترنت استخداما زائدا على الحد نوعا من انواع الرغبات التي لا تقاوم او الاندفاعة، وبصرف النظر عن التعريف, واختلاف العلماء في التسمية, فإنه لا خلاف على ان هناك عددا كبيرا من مستخدمي الانترنت يسرفون في استخدام الانترنت حتى يؤثر ذلك على حياتهم الشخصية.

صدام موسى الكراسنة

اختصاصي نفسي