الاعتداء على الكوادر الصحية.. مشاهد متكررة وسط غياب الحلول الجذرية

محمد الكيالي

عمان- باتت الاعتداءات على الكوادر الصحية في القطاعين العام والخاص، مقلقة ومؤرقة للنقابات الصحية الأربعة (الأطباء، أطباء الأسنان، الصيادلة والممرضين)، في ظل غياب الحلول الجذرية لوقف هذه الاعتداءات.اضافة اعلان
وتعدى الأرق الذي تسببه هذه الاعتداءات، النقابات المهنية، لتشمل وزارة الصحة والأجهزة المعنية، وصولا إلى المواطنين المرتادين للمستشفيات والمراكز الطبية في القطاعين العام والخاص، وصولا إلى ما أصبحت تشكله هذه الظاهرة من سمعة سيئة على القطاع الصحي المتميز إقليميا ودوليا.
ولم يختلف العام الحالي عن سابقيه من الأعوام، حيث إن فترة الحظر الذي فرضته الحكومة على الأردنيين لمواجهة تفشي وباء كورونا والذي استمر لأسابيع عدة، لم تمنع البعض من التعدي على الكوادر الصحية سواء جسديا أو لفظيا.
نقابة أطباء الأسنان، سجلت خلال النصف الأول من العام الحالي، حالة اعتداء واحدة، بعد تعرض طبيب أسنان يعمل في عيادته بمنطقة حي نزال، في الثامن عشر من أيار (مايو) الماضي، لاعتداء من قبل أحد المراجعين وإصابته بجرح قطعي في الرأس.
وقال نقيب أطباء الأسنان، عازم القدومي، إن النقابة قامت بالتواصل مع وزير الصحة والأجهزة الأمنية المعنية، حيث تم التأكيد على أن هذه الاعتداءات لا يجب أن تمر مرور الكرام وأن القانون يجب أن يأخذ مجراه.
ولفت القدومي في تصريح لـ"الغد"، إلى أن النقابة والنقابات الصحية تطالب باستمرار بإيجاد حلول جذرية لوقف سلسلة الاعتداءات على الكوادر الصحية، ووقف إسقاط الحق الشخصي للمعتدى عليه، لأن إسقاط هذا الحق لن يردع المعتدين.
وشدد على ضرورة ألا يسقط الحق العام بسقوط الحق الشخصي، مشددا على أن المعتدين على الطبيب الذي تم الاعتداء عليه منذ نحو شهرين، لم يتم توقيفهم لغاية اللحظة، حيث تم استدعاء أحد المعتدين إلى المركز الأمني قبل أن يخرج بعدها.
وكانت لجنة ممارسة صلاحيات مجلس نقابة الاطباء، قد استنكرت مؤخرا، الاعتداء الذي تعرض له اطباء في مستشفى البشير السبت الماضي.
وقالت اللجنة في تصريح صحفي، إنها تابعت الاعتداء وحالة الأطباء المعتدى عليهم جسديا ونفسيا، وإنها قامت بتكليف محامي النقابة لمتابعة كافة الإجراءات القانونية والقضائية بحق المعتدين، فضلا عن أنها ستقوم برفع دعوى قضائية بحق كل من سوّلت لهم أنفسهم الاعتداء على الأطباء أثناء تأديتهم لواجبهم الإنساني، وأنها لن تتنازل عن حقوق الأطباء.
ولا تملك نقابة الأطباء أرقاما دقيقة لعدد حالات الاعتداء على الأطباء في القطاعين العام والخاص، منذ بداية العام الحالي، إلا أنه ووفق مصدر في النقابة، فإن معدل الاعتداءات السنوي على الأطباء يقارب 40 اعتداء، حيث سجل العام 2018 نحو 30 اعتداء على الأطباء.
وكانت النقابة، في وقت سابق، دعت المراكز الأمنية إلى الأخذ بالتعاميم التي تؤكد ضرورة التعامل مع الاعتداءات باعتبارها اعتداء على موظف أثناء تأديته لعمله. ولفتت إلى أن الواقع مغاير لتلك التعاميم، بعد أن "تم التعامل مع شكوى المعتدي بنفس درجة شكوى المعتدى عليه".
وشدد نقابيون، على أن إسقاط الحق العام في قضايا الاعتداءات هو مقدمة لإسقاط الحق الشخصي، الذي يتم وفق تقاليد وأعراف يذهب ضحيتها المعتدى عليه.
وتطالب النقابات الصحية الأربعة، بضرورة تأمين الكادر الطبي في قسم الإسعاف والطوارئ بحماية أمنية ثابتة ومناسبة لحماية العاملين، مع ضرورة وجود الحق العام على حالات الاعتداء على الكوادر الطبية وليس فقط الحق الشخصي، وألا يتأثر الحق العام في حال إسقاط الحق الشخصي.
كما تدعو إلى ضرورة عدم تكييف أي قضية من قضايا الاعتداء على الكوادر الطبية على أنها مشاجرة بل ضرورة واعتبارها اعتداء على موظف حكومي أثناء تأديته لعمله الرسمي.
ولطالما طالبت وزارة الصحة، بتطبيق المادة 187 من قانون العقوبات والتي تعاقب المعتدي على الموظف أثناء العمل من سنة إلى ثلاث سنوات في حال إعاقة سير العمل وتعريض حياة الموظف للخطر، بحسب الكسواني الذي أشار إلى السلطة التقديرية للقاضي بتخفيف العقوبة في حال تنازل الموظف وإسقاطه لحقه الشخصي.
وفيما يخص نقابة الممرضين، فإنه ووفق أرقام النقابة التي حصلت عليها "الغد"، فقد تعرض نحو 500 ممرض منذ بداية العام الحالي ولغاية نهاية الشهر الماضي، 10 % منهم لجأوا إلى القضاء لتسجيل قضية اعتداء.
وتوزعت حالات الاعتداء على الممرضين لفظيا وجسديا، فيما تعرضت بعد الممرضات للتهديد بالقتل من قبل ذوي بعض المريضات.
وقال نقيب الممرضين خالد ربابعة، إن جميع الممرضين المعتدى عليهم، يتعرضون لضغوطات لإسقاط حقهم الشخصي.
وكان ثلاثة ممرضين في مستشفى الجامعة الأردنية، بينهم عضو في مجلس نقابة الممرضين، تعرضوا لاعتداء الشهر الماضي، حيث دعا ربابعة الحكومة لإيقاع أشد العقوبات بحق المعتدين الذين قاموا بالاعتداء عن سبق إصرار وترصد للممرضين ولأسباب غير معروفة.