‘‘الاعتماد على الذات‘‘خيار الأردنيين بوجه التلويح بقطع المساعدات

علم الأردن -(أرشيفية)
علم الأردن -(أرشيفية)

محمد الكيالي

عمان - أكد نقباء وحزبيون ضرورة أن يوجه الأردن بوصلته نحو الاهتمام بقدراته الداخلية، وإعادة خياراته التحالفية، في حال أوقفت واشنطن أو قلصت المساعدات المالية للمملكة، نتيجة لموقفها الداعم للقضية الفلسطينية ووقوفها ضد قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب. اضافة اعلان
وأشاروا، في أحاديث لـ "الغد"، إلى أن "الاعتماد على الذات والتركيز على ما يمتلكه الأردن من ثروات طبيعية تديرها عقول محلية لخلق اكتفاء ذاتي يعتبر أحد بدائل "فخ السياسة الاتكالية" التي اتخذت شكل المساعدات الأميركية، بموازاة ايجاد حلفاء دوليين آخرين من ذوي النفوذ والقوة في العالم".
وقال نقيب أطباء الأسنان إبراهيم الطراونة، إنه "آن الأوان لأن يبحث الأردن عن مصالحه التي تتماشى مع سيادته وأن لا يكون مرتهنا بمساعدات أي دولة في العالم"، معلقا على احتمال قيام واشنطن تعليق أو تقليص مساعداتها للأردن بقوله إنه "اختبار حقيقي للعلاقة مع دول لا يؤتمن جانبها".
وأكد أن "الواجب أن نتماشى مع خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في خطبة العرش خلال افتتاح الدورة العادية لمجلس النواب والذي عبر بكل وضوح عن ضرورة الاعتماد على الذات وأن لا أحد سيمد يد العون للأردنيين"، مشيرا الى إلى أنه "لو رجع الأردنيون بالذاكرة إلى أعوام قليلة مضت، لوجدنا أن الأردن كان مكتفيا زراعيا وبالثروة الحيوانية، ولكن حصل سوء توزيع لمقدرات الوطن جعل من المملكة دولة غير زراعية ولا صناعية".
ودعا الطراونة إلى تشجيع إقامة مشاريع استثمارية، لافتا إلى أن "الكثير من الدول كانت تعيش وضع الأردن وتمكنت من تخطي هذه المراحل وأصبحت دولا مكتفية ذاتيا"، مشددا على أن من الضروري "التفكير جدياً بأن الأردن لا يُساوى بكل أموال العالم، كما أكد جلالته مؤخرا، وأن لا فائدة من مليارات الدولارات لو خسر الأردنيون القضية الفلسطينية".
نقيب الجيولوجيين صخر النسور اكد بدوره أن "المبادئ لا تتجزأ، ولطالما كانت القضية الفلسطينية القضية المركزية للأردن، وحارب من أجلها منذ 1948 وله شهداء ارتقوا على أرض فلسطين دفاعا عنها، إضافة إلى الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات لما للمدينة من رمزية للعالمين العربي والإسلامي".
وأضاف: "كل هذه الاعتبارات تجعلنا كأردنيين أمام موقف واضح لا مجال للدبلوماسية فيه، وهو أن كل أموال الدنيا من أي جهة أخرى لن تغير الأردن ولن تحيده عن بوصلته وهي فلسطين والقدس الشريف".
وأكد أن تهديدات الرئيس الأميركي  بقطع المساعدات عن الدول التي صوتت ضد قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، "لن تؤثر ولن تلقى صدى في قلوب ولا عقول الأردنيين حتى ولو كانوا يعانون من أزمة اقتصادية خانقة"، معربا عن أمله بأن يكون ذلك "فرصة ورسالة تاريخية للأردنيين ليعيدوا حساباتهم عبر الاعتماد على الذات، والعودة للأرض والاهتمام بها زراعة وتنقيبا عن الثروات الطبيعية وتطوير صناعتها واستثمارها استثمارا أمثل".
وقال إن ما جرى خلال الأيام القليلة الماضية "برهن أن الأردن وقع في خديعة أميركية غربية، عبر الوقوع في فخ السياسة الاتكالية على مساعدات الغير وعدم الاعتماد على النفس"، مضيفا "كان علينا أن نعرف مسبقا أن لكل موقف ثمنا".
ورأى أن "هناك بدائل، منها ضرورة إنشاء سلة للطاقة من الرياح، والشمس والصخر الزيتي، وخامات اليورانيوم والنحاس، ورماد السيليكا، وتطوير حقل الريشة لزيادة كميات الغاز المنتج، وهذا كله يوفر على الحكومة 50 % من كلفة استيراد المواد المنتجة للطاقة".
وأكد النسور أنه "لا داعي للمنح والمساعدات الخارجية، وأن على الأردن أن ينفتح للعالم ويستورد التكنولوجيا من دول أخرى مثل روسيا والصين وعدم النظر لأميركا على أنها الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك تكنولوجيات حياتية متطورة".
الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد"، عبلة أبو علبة، قالت إنها "لا تعتقد أن يتم تنفيذ التهديد الأميركي، لأن هناك دولا عديدة وكثيرة حليفة لأميركا ولا تستطيع الأخيرة وقف المساعدات وتغيير استراتيجياتها معها اعتباطا".
وأضافت "لكن على فرض أن التهديد تم تنفيذه، فإن من المهم تنفيذ مقولة الاعتماد على الذات، وإيجاد وسائل تمكن من ترجمة هذا الشعار اعتمادا على الثروات الطبيعية في الأردن واستثمارها من قبل شركات ذات خبرة وهي موجودة في أكثر من دولة في العالم".
وشددت أبو علبة على ضرورة توسيع خيارات الأردن "التحالفية"، على الرغم من أن الأردنيين يدركون أنه "ليس من السهل الانفكاك عن التحالف مع أميركا، ولكن آن الأوان أن يبدأ الأردن بالبحث عن خيارات في دول عدة لها تأثير وذات قوة ونفوذ ويمكن أن تقدم خبراتها ومساندتها دون شروط تمس السيادة الوطنية الأردنية".
فيما أكد أمين عام حزب الوحدة سعيد ذياب، أن التهديد الأميركي يندرج ضمن سياق "ابتزاز الدول"، وهو لأول مرة "يصبح أمرا مكشوفا بعد أن كان في السابق غير مطروق على العلن".
وأبدى ذياب استغرابه من تقليص أو تقنين أو وقف المساعدات وربطها بموقف سياسي من دولة تعد حليفة منذ عقود، مبينا أن "الأردن وُضع حاليا ولأول مرة في موقف مقايضة مكشوف بين قراره الوطني وبين المساعدات التي تقدم له إن كانت اقتصادية أو عسكرية أو غيرها"، داعيا "الأردن الرسمي الى التمسك بموقفه وقراراته السياسية من القدس لسببين، أولهما أن قضية القدس ليست مسألة موقف من أي مدينة، وإنما هي مرتبطة بالأمن القومي العربي والصراع العربي الإسرائيلي ومرتبطة بالأمن الأردني، والثاني مرتبط بالموقف السيادي الأردني".
وأضاف، "يستطيع الأردن أن يتدبر أموره بأكثر من طريقة"، مبينا أن السبب الرئيسي هو الخلل في الجانب الاقتصادي الذي اتبعته الحكومات المتعاقبة ما أدى إلى "تبعية" لأميركا ورهن صمود اقتصاد المملكة بمساعدات واشنطن.
وفيما يخص إنشاء تحالفات جديدة للأردن، أكد ذياب أنه "إذا تخلى حلفاء المملكة القدماء عنها في هكذا ظروف، فالأجدى البحث عن حلفاء آخرين وهناك الكثر منهم في المنطقة والعالم".