الالتزام بتحقيق التنمية الاقتصادية لمواجهة أزمة كورونا

تبرز الاهمية لايجاد مصادر للتنمية الاقتصادية اليوم اكثر من اي وقت مضى بسبب الازمة الاقتصادية التي تسببت بها جائحة كورونا في معظم دول العالم ، وتتمثل هذه الاهمية في دور القطاع المصرفي الذي يمكن ان يؤديه للقيام بهذه المهمة، من خلال وظيفته كوسيط مالي ينظم انسياب رؤوس الأموال من الوحدات الاقتصادية ذات الفائض إلى الوحدات الاقتصادية ذات العجز.
المشكلة أحياناً تكمن في شح الموارد المحلية وعدم قدرتها على الاستجابة لحاجة الخطط التنموية وتراجع مدخرات الافراد بسبب هذه الجائحة ، ففي هذه الحالة تكمن وظيفة الجهاز المصرفي في الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة والحفاظ عليها من التشتت والضياع، والتوجه إلى تقديم التمويل للمشاريع الاقتصادية التي من شأنها أن تحدث تنمية اقتصادية وتسهم في توظيف الايدي العاملة والتقليل من حدة الفقر من منطلق المسؤولية الوطنية للمساهمة في مواجهة هذه الازمة .
عندما يسهم هذا القطاع في خلق بيئة اقتصادية سليمة ويتصرف بمسؤولية اخلاقية في مساعدة المجتمع على الخروج من هذه الازمة ، فإنه ومما لا شك فيه سيجد فرص استثمار أفضل يسعى من خلالها لزيادة حصته من الأرباح ويحقق أهدافه التي وجد من أجلها، وهنا الحديث يشمل كل مكونات القطاع المصرفي وبشقيه الإسلامي والتقليدي، ولهذا نجد أن الجهاز المصرفي أو قطاع البنوك، إن جاز التعبير، هو المسؤول عن التقدم الاقتصادي في اليابان والعديد من الدول الاوروبية والصين، كما حافظ على قطاع إنتاج ينمو بشكل متواصل عزز المكانة الاقتصادية لهذه الدول وغيرها من الدول التي حققت تقدما ونموا اقتصاديا .
وفي نفس الوقت، فإن القطاع المصرفي هو نفسه المسؤول عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي اندلعت قبل حوالي اثني عشر عاما، وما تزال ارهاصاتها إلى يومنا هذا في العديد من دول العالم عندما تجرد هذا القطاع من المسؤولية الاخلاقية بهدف تعظيم أرباحه بشتى الوسائل، فكانت ازمة الرهن العقاري وما تلاها من انهيارات في أكبر المجموعات المصرفية في العالم، والأميركية منها خاصة، وقد عزا العديد من خبراء الاقتصاد والمال ذلك الى سلوك الجشع في جني الأرباح الطائلة من ارتفاع معدلات الفائدة، وعدم قدرة المقترضين سواء الصغار منهم ممن اقترضوا لتأمين مأوى لهم وتسوية حاجاتهم الاستهلاكية أو على مستوى كبرى المجموعات الاستثمارية التي تراجع لديها الطلب ولم تعد قادرة على تسديد التزاماتها تجاه البنوك، وكانت بداية الأزمة ، ونتيجة لذلك اتجهت الانظار إلى الصناعة المصرفية الإسلامية، خاصة بعد نجاحها في تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية، وما رافق ذلك من زيادة في الطلب على منتجاتها المالية فاوجد لديها حالة من التحدي لكسب المزيد من الحصة السوقية في الاسواق المالية العالمية، ودفع بالبنوك التقليدية لفتح نوافذ مالية إسلامية لديها لغرض المنافسة، وهنا نتعرض للقيم والمبادئ التي قامت عليها المصارف الإسلامية ومنحتها القوة والثقة لتصبح منافساً حقيقياً للمصارف القائمة، وهي عدم تقديم أي نوع من التمويل للمشاريع التي تخالف الشريعة الإسلامية أو إنتاج أي سلعة محرمة يمكن أن تلحق الضرر بالمجتمع، وعليه فإنها ملزمة بنهج السلوك الإسلامي، والمقصود هنا بالسلوك؛ الالتزام بكل المعايير الأخلاقية التي وردت في الشريعة الإسلامية، وأقرها القرآن الكريم والسنة النبوية، مثل عدم الاحتكار واستغلال حاجيات الناس وضروريات المجتمع، ونهى عن التبذير والإسراف وعدم حجب الزكاة التي هي بمثابة الضريبة الشرعية وما شابه ذلك ، لكنها مطالبة ومن منطلق المسؤولية الاجتماعية والاخلاقية بالمساهمة في ايجاد الحلول التنموية للمساعدة على الخروج من هذه الازمة .

اضافة اعلان

*باحث ومتخصص في التمويل الاسلامي