الانتخابات العراقية ..ماذا عن الصوت الأميركي؟!

    تتجه التحليلات ومعلومات الفرز الأولية الى تأكيد سيطرة شيعة العراق على برلمان وحكومة العراق المقبلة ليس بفعل صناديق الاقتراع وحدها وانما بفعل غياب الطرف القوي المنافس " السنة ".

اضافة اعلان


    والى حين صدور النتائج الرسمية والنهائية بعد ايام ينبغي الالتفات الى ما بعد الانتخابات العراقية ونتائجها وهوية الجهات او التيارات التي ستحكم العراق مستقبلا .


    من العبث القول إن جهة واحد او تيارا بعينه سيتفرد في حكم العراق المستقبلي وصنع قراره فطبيعة القوائم الانتخابية العراقية تملي واقعا مفاده ضرورة الائتلاف بين اكثر من تيار في حكومة واحدة .


     وفي خضم الحمى الانتخابية العراقية لم تبرز حتى اللحظة بشكل جلي التوجهات الاميركية تجاه من تراه الادارة الاميركية مناسبا لحكم العراق .
      العلمانيون من جماعة إياد علاوي وأنصاره الذين شكلوا قائمة موحدة تضم 6 أحزاب علمانية بالكامل، وقامت على أكتافهم حكومة الاحتلال المؤقتة السابقة هي الخيار الاقوى للأميركيين الذين لا يمكن ان يسمحوا للشيعة من غير العالمانيين ان يسيطروا على مقاليد الامور لكن دعاية الديمقراطية التي تقودها الولايات المتحدة في العراق عبر الانتخابات تحتم عليهم ان يحتكموا لنتائج صناديق الاقتراع التي ستفرز بلا شك اغلبية مطلقة لقائمة السيستاني وعبد العزيز الحيكم .


       لكن الدعم الأميركي للقوى العلمانية واضح تماما فقد تعاظم دورالأحزاب والقوى السياسية العلمانية وبدعم واضح من قبل الإدارة الأميركية التي لا تعول كثيرا على الورقة الدينية، حتى وإن حاولت أن تتلاعب بها في بعض الأوقات لأغراض تكتيكية وسياسية لتمرير بعض السيناريوهات.


       لكن رهانها الأكبر يبقى قائما بالأساس على الأحزاب والتيارات العلمانية التي تجد اميركا فيها عنوانا كبيرا لنجاح مشروعها الشرق أوسطي الكبير، وتنفيذا لسياساتها المستقبلية في العراق والمنطقة عامة.


      ومن هنا فإن التوجهات الاميركية تصب باتجاه تشكيل حكومية شيعية –علمانية تجمع بين قائمة علاوي وقائمة عبد العزيز الحكيم التي تمثل السيستاني والحوزة الشيعية واقدم الاحزاب الشيعية في العراق حزب الدعوة والقائمتان في نهاية المطاف تمثلان الخيارات الاميركية ولو بشكل متفاوت .


     الصوت الاميركي في الانتخابات العراقية سيتجلى ايضا بإشراك السنة ومنحهم حصة مناسبة رغم مقاطعة اغلبيتهم ومحاولة التعامل مع باقي المجموعات الشيعية من قبيل جماعة الصدر ذرا للرماد في العيون .


     تقارير أميركية صدرت مؤخرا وتناولت في هذا الشأن تأكيد بقاء اياد علاوي رئيسا للوزراء لفترة مقبلة على الاقل حتى نهاية عام 2005 ونظر البعض الى المكالمة الهاتفية الأخيرة للرئيس الأميركي بوش مع علاوي على انها إشارة الدعم .
 
    نحن اذا امام قائمتين ستقودان العراق في المرحلة المقبلة العلمانية (قائمة علاوي) والدينية (قائمة السيستاني) والاسترضاء الاميركي لهاتين القائمتين قائم على اساس ان الدمج بينهما يرضي معظم الاطراف ويحقق الرغبة الاميركية في العراق وفي نفس الوقت يمثل ديمقراطية صناديق الاقتراع .
 
     الاحتلال الاميركي في العراق بدوره لديه "حسبة إستراتيجية" في العراق بدأت منذ التخطيط للغزو، تقوم على السيطرة على منابع النفط، وخلق قواعد عسكرية في المنطقة تعوض قواعد أخرى في الخليج، وجعل العراق منطقة انطلاق لضرب دول أخرى مثل سوريا وإيران، مع الأخذ في الاعتبار حدوث إخفاق في تطبيق بعض جوانب هذه الإستراتيجية بفعل المعطيات الجديدة التي ظهرت، وأبرزها المقاومة السنية الشرسة، والاصطدام بالطموحات الشيعية، فسيكون من الصعب التخلي عن أبرز الأهداف الإستراتيجية الأميركية في العراق.


      ولذا فإن الحل الامثل هو الخيار التوافقي بين الأميركيين غير الراغبين بحكم الشيعة للعراق بنظام اسلامي اقرب الى نموذج الثورة الاسلامية والحوزة الدينية المدركة تماما لعدم رضا الاميركيين عن طموحاتها .


    الصورة باتت اقرب الى الوضوح والصوت الاميركي في الاقتراع لدى صناديق الانتخابات العراقية جاء لصالح عراق علماني – شيعي   !