البترا: تداعيات كورونا تدفع سكانا للبحث عن عمل في قطاعات بديلة للسياحة

حسين كريشان البترا - بينما تعيش مختلف القطاعات السياحية في مدينة البترا الاثرية حالة شلل تام منذ شهر آذار (مارس) من العام الماضي، لتوقف النشاط السياحي فيها كليا، نتيجة تداعيات جائحة ” كورونا”، بدا سكان في المنطقة بالبحث عن عمل في قطاعات اقتصادية بديلة، بهدف ايجاد مصادر رزق لاسرهم. وتواجه البترا الوردية حاليا أزمة غير مسبوقة في القطاع السياحي، على خلفية تفشي فيروس كورونا المستجد، ما يتطلب أطلاق خطة إنقاذ حكومية لمساعدة السكان على الصمود في وجه أزمة الوباء للتكيف مع الشكل الجديد للحياة في المنطقة، من خلال تنويع مصادر الدخل المحلي، بعد أن تسبب توقف السياحة بإغلاق جميع الفنادق ذات التصنيفات المختلفة أبوابها، اضافة الى اغلاق عشرات من المطاعم والمنشآت السياحية الأخرى وتسريح موظفيها، في مدينة تعد من أكثر المدن استقطاباً للسياح في العالم. وحذر سكان في المنطقة، من أوضاع اقتصادية وإنسانية واجتماعية أكثر سوءاً حال بقاء الأوضاع على حالها، وعدم الحد من الآثار المتفاقمة للأزمات المتتالية، وحالة الشلل التي تعيشها أسواق المدينة بفعل النقص الشديد في السيولة النقدية، والتوقف التام للقطاعات الإنتاجية والحرف التقليدية المرتبطة بالسياحة. ودعا سكان إلى استحداث وتفعيل دور القطاعات الإنتاجية والمشروعات التنموية والصناعية، للحد من الاعتماد على السياحة، مصدر دخل رئيسيا وحيدا لأبناء المنطقه، من خلال فتح المجال أمام الاستثمار في المجالات الصناعية والحرفية والزراعية وغيرها من المجالات، بهدف إيجاد فرص استثمارية واقتصادية في قطاعات غير السياحة، من أجل خلق فرص عمل واقتصاد جديد في المنطقة. وطالبوا بايجاد قطاعات اقتصادية بديلة للسياحة، من حيث الاستغلال الامثل للميزات الزراعية والصناعية التي تزخر بها المنطقة،  بما يوفر فرص عمل وعيش افضل للسكان، بعد أن اظهرت مختلف الازمات وآخرها جائحة كورونا. ويقول مدالله الحمادين أحد العاملين سابقا في القطاع السياحي، أنه توجه للبحث عن فرصة عمل أخرى، بعد أن انتظر منذ بداية العام الماضي بأن تتحسن ظروف القطاع وتعود السياحة إلى طبيعتها بلا جدوى. وقال انه بحث ومعه آخرون من العاملين في المهن السياحية إلى تغيير مهنهم، بما يوفر لهم متطلبات حياتهم اليومية، بعد الانتكاسة التي أصابت السياحة، سيما إن مؤشرات الفترة القادمة تشير إلى أن قطاع السياحة لن يتمكن من بدء التعافي إلا بعد أن تتم السيطرة على حالة الوباء عالميا. وطالب الحمادين، بتوفير مشروعات تنموية يعتمد عليها المجتمع المحلي في البترا وتكون بديلا للقطاع السياحي، الذي يتأثر بشكل مباشر بالأزمات والأحداث السياسية، من خلال توجيه المستثمرين للمنطقة لإقامة مشروعات أخرى بديلة للسياحة لمواجهة فقدان الوظائف، خاصة في ظل وجود حوافز استثمارية واعفاءات ضريبية، تتيحها سلطة إقليم البترا لكل من يرغب بالاستثمار في اللواء، مشيرا إلى أن المدينة تزخر بمقومات تجعلها قادرة على احتضان بعض المشروعات التنموية التشغيلية ذات الطابع الصناعي والزراعي. وقال أحمد الهلالات ان 80 % من سكان البترا يعتمدون في اعمالهم على قطاع السياحة، بيد انه مع ظهور جائحة كورونا اصبح هناك ادراكا من قبل أهالي المنطقة، بأن قطاع السياحة وحده أصبح غير مجد في توفير الدخل للمجتمع المحلي، وبدأ التفكير من قبل بعضهم للتوجه في البحث عن قطاعات مساندة للسياحة مثل قطاعات صناعية وزراعية يمكن اقامتها في البترا لتنويع مصادر دخل للافراد والاسر. ويقول هشام المساعدة، إن الاقتصاد في البترا يعتمد على السياحة بشكل رئيسي، وهناك حاجة ملحة للتوجه لقطاعات بديلة، مما يحتم على الحكومة مساعدة السكان في الاعتماد على بدائل أخرى غير السياحة للحد من البطالة، بسبب توقف النشاط السياحي وزيادة فرص الأيدي العاملة في الحصول على عمل مناسب، بعد ما رافق حالة عدم الاستقرار الاقتصادي التي شهدتها المنطقة مؤخرا، من انقطاع في دخول المستفيدين من القطاع السياحي، وركود في الحركة التجارية. ودعا عبدالله الحسنات إلى تفعيل دور القطاعات الأخرى والذي يعد أولوية لإيجاد حراك اقتصادي آمن في البترا، من خلال استحداث مشروعات تنموية وصناعية في اللواء، للمساهمة في تحسين الحراك الاقتصادي فيه، والذي غالبا ما ينحصر في السياحة، الأمر الذي من شأنه الحد من الاعتماد على السياحة، لأن النشاط السياحي يرتبط دائما بالحالة السياسية والصحية لمنطقة الشرق الأوسط والعالم وآخرها جائحة كورونا، التي ضربت العالم على حين غرة، فتسببت في شل حركة الاقتصاد وإيقاف نشاط قطاعات السياحة والسفر والفندقة كليا، وخلقت ازمة شح في الكثير من الموارد الماليه المتاتية من الدخل السياحي. ويؤكد رئيس سلطة اقليم البترا الدكتور سليمان الفرجات، أن السلطة تسعى جاهدة لتنويع المنتج السياحي في المدينة حال عودة السياحة الوافدة، وإطالة مدة إقامة السائح عبر توفير مشاريع لازمة لذلك، وعدم الاعتماد على السياحة الأثرية وحدها. وقال ان السلطة تخطط لإنشاء مشاريع أبرزها قصر المؤتمرات لجذب سياحة المؤتمرات للمنطقة، اضافة الى المشاريع التي تنجزها حالياً وأبرزها القرية التراثية، إضافة إلى الحصول على الحوافز الصناعية لتنويع مصادر الدخل في لواء البترا، وعدم الاعتماد على السياحة وحدها. وأشار الفرجات، الى إن الخطط الاستراتيجية لمناطق البترا أنبثق عنها رؤى اقتصادية ستسهم في دفع عجلة الاقتصاد المحلي، وتفعيل عدد من القطاعات الانتاجية، إذ تشتمل الرؤى على مشروعات سياحية وأخرى خدمية في قطاعات السياحة والمجتمع، إلى جانب وجود رؤية تتعلق للنهوض بالقطاع الزراعي والصناعي، خاصة مع تقديم كل التسهيلات والحوافز للمستثمرين في شتى القطاعات، للمضي قدما في إيجاد اقتصاد محلي مستدام، يخدم المنطقة ويوفر فرص العمل لأبنائها، فضلا عن تنمية بقية القطاعات وتفعيلها، سيما التجارة والخدمات والصناعة والزراعة ما يحفزعلى تطوير القطاعات والأنشطة الاقتصادية المستقبلية للأجيال المقبلة. وقال ان السلطة وضعت خارطة طريق للسياحة والاستثمار وتطوير واقع البنى والخدمات، بهدف السعي إلى زيادة ناتج المملكة من الدخل السياحي، من خلال مضاعفة أعداد زوار البترا بعد زوال جائحة كورونا، الأمر الذي سيسهم بتحسين السياحة وتعزيز سلسلة الفائدة الاقتصادية لأبناء المجتمع.اضافة اعلان