
سوسن مكحل
عمان- دون كلل أو ملل تستيقظ ميسون البداوي في السادسة صباحا يوميا لتجهّز الوجبات لمئات القطط في منزلها حيث تقف عشرات القطط عند شرفة المنزل تنتظر إفطارها بذات المكان، ومجموعة أخرى تتنظر دورها خارج أسوار المنزل.
وفي الوقت نفسه منذ سنوات، اعتادت البداوي على الاستيقاظ لتقوم بترتيب الصحون البلاستيكية واضعة الطعام المتكون من الدجاج “المسلوق” في الأطباق، وسط “مواء” حنون من قطط تغازلها لتستعجل في إعداد الوجبة، لتبدأ تلك القطط بتناول الطعام بعد أن تحتمي تحت أقدام البداوي وكأنها تحية سلام ومحبة وعرفان.
تسعة عشرعاما وأشهر بلا لا كلل أو ملل، وبعطاء وحنين تفيض به أطراف منزل ميسون البداوي.
“الأم” الحنون الأقرب لتلك القطط وعالمها الكبير الذي يضم حاليا قرابة 100 قطة بعد أن تم تبني ما يقارب نصف العدد.
ولو نطقت تلك القطط التي تملأ بيت ميسون بلعبها ونظامها لربما نادينها “ماما” وقدمن لها تذكارا في عيد الأم قريبا؛ لما توليه من اهتمام كبير لها في عقر دارها أو بين شجر الحديقة وأسوار البيت.
البداوي هي الأم والأخت والطبيبة والصديقة لكل قطة تدخل منزلها أو قطة تدهس وتعلم بها أو حتى قطط يجلبها أي شخص لها لتعتني بها.
فهي التي تحضر وجبة إفطارها وتحقن المريض منها وتعطي وجبة الدواء لقط بدأ يتعافى من عملية أجرتها له عند طبيب، وتلتزم بمواعيد مطاعيمها.
“الغد” التقت البداوي في منزل يحمي القطط ويوفر الدفء والشعور بالعطاء والرحمة لكل من يدخله، وعما تقوم به تقول “كنت قبل 19 عاما أخاف القطط، إلا أن مشهد جارتي عندما قامت برمي قطة من مرتفع هي وأبناؤها لمجرد أن القطة أنجبت، ومشاهدتي للقطط وهي تتألم دفعني مرة واحدة لوقف هذا الألم لتلك القطط”.
الموقف الذي غيّر كل تفاصيل حياة البداوي لم يكن بالأمر السهل؛ وفق قولها، إذ إن تقبّل قطط الشارع وأخرى تشتريها من الباعة اصطدم بالمجتمع وأولهم بعض الأقارب الذي وجدوا في الأمر “نوعا من عدم النظافة”.
وتتابع البداوي “القطط لها عناية خاصة ولا تشكل أمراضا أو إيذاء إذا تم العناية بها بالشكل السليم”، مضيفة “لا شك بداياتي لم تكن سهلة إذ تعرضت لمعوقات منها رفض المجتمع الذي اعتبر الأمر رفاهية وغير مقنع”، منوهة إلى أنها اليوم وبفضل عالم الحيوانات الأليفة وتربية القطط وبعض الكلاب اكتسبت المعرفة والخبرة و”أهم ما صنعته واكتسبته لنفسي معنى العطاء وأثره الذي لا يبدده الحيوان الذي تحسن إليه”.
وها هي القطط تتسابق للّعب مع البداوي لاحتضانها ومداعبتها، كيف لا؟ وهي التي تربيها وتدربها وتلاعبها وتوفر لها غرفا منفصلة ومستودعا خاصا بالطعام على قدر استطاعتها.
إلا أن ما يميز تلك القطة “زيزفونة” تلك القطة الضريرة التي تدرك عبر السمع وقت حضور البداوي وتجهيز الطعام ومكانها المحدد لشرب الماء.
وبعد أن تمشي “زيزفونة” باتجاه البداوي لتحتضنها برفق وبخطوات ثابتة لمجرد سماع صوتها، يستغرب المشاهد أنها قد تكون قطة عمياء فهي تمشي بثقة وحدس قوي.
وعن “زيزفونة” الرقيقة الملمس ورفيقة البداوي تقول ميسون لـ “الغد” “تدريبها لم يكن سهلا تحمل بالوراثة مرضا جينيا سبب لها عدم الرؤية، مما جعلني أدربها كونها كانت بالبداية شرسة تخاف الجميع” متابعة
“مع الوقت، دربت “زيزفونة” على البيت بدءا من الديكور ومكان الطعام حيث أصبحت تدرك كل تفاصيل المنزل وأين تذهب وكيف تلعب حتى مكان جلوسي أين يكون”.
البداوي تتألم أيضا مع قططها إذا مرضت، كأم ترعى أبناءها وتبحث لها عن عيادات وأطباء ودواء مهما كلفها الأمر لحمايتها.
إلا أن لذلك الحب ضريبة وأحيانا تفوق مصاريف خصصتها لنفقة القطط بسبب ارتفاع أجور الأطباء البيطريين واستغلالهم أحيانا للحالات المرضية وأسعار الأدوية والعلاجات، وفق البداوي.
غير أن ذلك لم يمنع البداوي من إنفاق المئات من الدنانير على “عمليات” قططها في الأعين أو كسر أصاب إحداها أو معالجة دورية من فيروس ألم بها.
وبابتسامة واثقة تعلق البداوي قائلة “إذا ابنك مرض وكان بحاجة لعلاج ستكون مستعدا لتدبر أمر النقود من أي ما كان المهم تنقذه، هذا ما أفعله بحب لأن القطط روح تتألم مثلنا نحن البشر”.
هي الأم بمعناه الحقيقي تهتم بخدش قد يصيب قططها، وتحتضن المريض منها في كنفها غير مكترثة لاحباطات المجتمع، لذا تبكي إذا ما فقدت أيا منها وتودعها بحب كبير.
وهذا ما حدث حين ودعت البداوي قبل شهرين قطتين بقيتا معها 19 عشر عاما، حين كبرتا وعلمت من ملامحها أنهما سيغادرانها فسهرت تقرأ فوق رأسهما آيات قرآنية وتدعو الله أن يلطف بروحهما.
القطط كل حياتها تعلم فصائلها جميعها، تدرك مرض إحداها عند النظر إليها، وهي تلتفت حولها لتقاسمها البداوي محبتها واهتمامها من دون تمييز.
شروط ترخيص مركز صحي “مكلفة وغير مضمونة؛ لوجود من يطمعون بالربح”، وفق البدوي التي تهدف إلى “تأمين رعاية للقطط بمشروع تسميه “التبني”.
ووفق شروط وضعتها البداوي على صفحتها على “فيسبوك” والتي تتمثل بأن يكون المتبني عائلة وتستطيع توفير الرعاية والطعام للقطة، وبشرط إلزام المتبني بدفع 35 دينارا ثمن المطاعيم.
عن الشروط تقول “وضعت الشروط بعد أن كنت أعرض القطط للتبني مجانا وأفاجأ ببعض المتنبين لا يعالجون القطط ويعدونها “مواتة” تموت بعد يوم أو يومين، لذا اشترط أن يشعر المتبني ببعض المسؤولية، إضافة إلى العائلة لأن الموظف أو الطالب قد لا يجد الوقت لرعاية القطة وإطعامها بأوقاتها”.
تأمل البداوي أن تبدأ التوعية من الأهل في الرفق بالحيوان وأن يرأف اولاد الأحياء والمارة بالحيوان والقطط التي أحيانا يضربونها “ويركلونها بأرجلهم” وكأنها بلا روح أو نفس.
إضافة إلى ذلك تتمنى البداوي أن تزيد الرقابة على الأطباء فيما يتعلق بالعلاجات والأدوية المتفاوتة الأسعار من طبيب لآخر، فضلا عن زيادة العناية من المؤسسات الرسمية والخاصة بالرفق بالحيوان خصوصا التي تدهس على الطرقات.
بين مئات القطط الموزعة هنا وهناك وأخرى بأقفاصها تنتظر “الولادة” بموعد التزاوج، يتوسط المجموعة كلب يبدو للوهلة الأولى شرسا بشكل كاف يجعلك تبتعد عنه.
سرعان ما يثبت العكس اذ إن البداوي أسعفته من حادث سير فكيف لا يحترم “الكلب” ضيوفها ويرحب بهم على طريقته ويحتضنهم أحيانا ويداعبهم.
تعود قصة الكلب الوحيد حاليا بين القطط إلى مدة تقرب العام كما تقول البداوي؛ حين قرأت عن حادث سير في منطقة اربد لثلاثة كلاب وشاهدت الصور على موقع “فيسبوك” فذهبت لتجلبها لأنها ظلت تنازع على الطريق دون مجيب فلم تجد إلا واحدا منها والآخران توفيا.
وها هو “الكلب” الذي تظنه شرسا يحمي القطط وكأنه مؤتمن على رعايتها وأحيانا يلاعبها تماما كأنه من ذات الفصلية.
بيت البداوي يردك إلى الأصالة والبداوة بمعناها الحقيقي “الأصيل” حين كان يألف الإنسان أخاه الإنسان ويرأف بالحيوانات.
وتعتبر أن من مكارم الأخلاق التي أوصت بها كل الديانات السماوية “احترام الكائن الحي والإحسان والعطاء عند القدرة”.
إلا أنه وفي ظل زيادة العنف والوحشية بالإنسان قبل الحيوان تدعو البداوي بكلمات تختم فيها مسيرتها المستمرة قائلة “اتقوا الله في أنفسكم” مؤكدة أن الإنسان الذي يرأف بالحيوان هو نفسه الذي يرأف على الإنسان وأي كائن حي.
يستطيع الأفراد التواصل مع البداوي عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي وتحمل اسم “صفحة الرفق لرعاية الحيوان” إما للتبني أو الاستفسار عن كيفية التعامل مع الحيوانات الأليفة.
يا سلام
يا سلام على الانسانية. بوركت يداك سيدتي.
شكر
اشكر الأخت سوسن مكحل و الأخ محمد على المقابلة الرائعة وعلى جهودهم
الناس اولى من القطط
يا ريت بدل القطط تبذلي هالمجهود للناس الفقراء اللي مش لاقية تاكل علشان توخذي الأجر والثواب فالناس أولى من القطط والبلد مليانة فقر
شكرًا ميسون
الكلمات تعجز عن وصف السعاده عندي الان لما اقرأ هيك خبر جميل عن شي جميل جدا. الدنيا لسا بخير.
بالنسبه للقطط و الكلاب و مطاعيمهم و الكشف الصحي، كان لازم الحكومه (البلديات) يكون عندها قسم للحيوانات بحيث تكون خدماتهم جيده و أسعارهم مقبوله لانه بالفعل أسعار العيادات البيطرية الخاصه دائماً مكلفه و خصوصا لحاله مثل حالة ميسون اللي بتعتني بمجموعه كبيره من القطط و برضو كلب.
شكرًا ميسون و ان شاء الله تسمح ظروفي و وقتي اني ازورك و أزور هاي العيله الكبيرة الجًميله.
حاولت ألاقي صفحتك على الفيس بوك بس ما عرفت اي وحده بلزبط.
كل التوفيق و شكرًا للغد على هذه المقاله
قمة الانسانسة و التحضر
بالرغم من ما نراه من وحشية الناس في التعامل مع الحيوانات وخصوصا القطط في الشوارع من دهس بكل اعصاب بارده و ضرب و ركل الا ان هناك بالمقابل امثلة اخرى على الرحمة و الانسانية والرفق بالحيوان التي اوصى بها ديننا الحنيف و انت احد هذه الامثلة بارك الله فيك يا سيدتي
الى الاخت سارة
لفت نظري تعليقك وبالفعل كنت افكر بنفس الفكرة , ولكن سبحان الله كل انسان له دور في هذه الحياة , البعض يعمل من اجل الانسان والبعض الاخر من اجل الطبيعة والبعض من اجل القطط بمعنى اخر كل انسان له رسالة , وفي الديانة الاسلامية امرأة دخلت النار بسبب قطة , حتى عبدالله بن صخر تم تسميته بأبو هريرة 🙂
انسانه عظيمه
كل الإحترام لك اخت ميسون والله يقدرك على فعل الخير
ميسون محمد البداوي
اخت ميسون لم اجد الصفحة على الفيسبوك ؟! ..كيف يمكن التواصل معك
جزيت خيرا
جميعنا يعلم قصة المرأة التي دخلت النار بسبب قطة فما بالك بما تقدمه الاخت ميسون .. اشكر جهودك النبيلة و أسأل الله ان يجعلها في موازين حسناتك
القطه
أرجو من الشباب توضيح سند قصه السيده التي دخلت النار بسبب قطه؟
عظيمة
انت تستحقين الاحترام والله يوفقك
تبني
ممكن ان ترفقو اسم الحساب على الفيسبوك او الرابط لانو بدي اتابعها عالفيسبوك انا بحب الحيوانات وانا كمان بعمل نفس الشي بس على مستوى بسيط حسب قدرتي و بدير بالي عقطط مريضة ونفسي اعمل مشروع كبير بس ما في امكانية ياريت عندي امكانية اعمل هيك واكتر كمان جازاكي الله خير اختي انا بتمنالك النجاح و التوفيء و انا عيطت الصراحة على الفيديو و كنت اتمنى اني اعمل هيك
دروس في الإنسانية
شكراً للكاتبة المتألقة التي تحسن اختيار موضوعاتها خاصة أنه جاء في وقت قام النواب الكرام بقتل قط دخل قاعة النواب ربما طلبا للدفء أو الطعام فكان التعذيب والقتل من نصيبه …ليتهم يتعلمون الحب والحنان من إنسان قمة في العطاء والتفاني ..ليتهم يسمعون أو يقرأون أو يعقلون …ميسون البداوي قمة في الانسانية وعلو وسمو نطمح إليه في زمن القتل والدمار …شكرا من الأعماق
ماشألله
لقد اعجتني شدة العناية والرعاية للحيوانات مثل القطط والكلاب وكذلك الحمام في اسطنبول – تركيا. وخصوصا منطقة غالاتا
عمل عظيم
انا عاجزة عن التعبير، بارك الله فيك يا اخت ميسون، وادعو رب العالمين ان يهدي جميع البشر ويتعلموا معنى الانسانية من امثالك ايتها المرأة المحسنة وان يتقوا الله في مخلوقاته ، فتلك ارواح بريئة خلقها الله من تراب مثلنا لتسبحه ليلا نهارا ونحن المسؤولين عنها ، يجب ان نعلم اولادنا اهمية وقيمة الحيوانات جميعها ، وجزاك الله كل الخير
مرحبا اخت ميسون
اخت ميسون بحب اقلك انك انسانه بكل ما للكلمه من معنا والك اجر عند الله عظيم وبتستاهلي جائزه افضل رفيق للحيوان في العالم وبحب اقلك انك من اصل طيب وشريف انا متلك بس عالخفيف ويا ريت لو سمحتي بدي اسمك او عنوانك او ايميلك ضروري وهذا ايميلي [email protected]
مرحبا اخت ميسون
انتي بجد عظيمه وانتي قدوه لرعاية الحيوان وانا نفسي اربي قطط بس ماما رفضه لو عندك حل علشان اقنعها
اختي ميسون
السلام عليكم جزاكي الله خير على رعاية القطط بدي عنوانك او رقم تلفون اريد اتبنه قط ذكر من القطط انا احب القطط ورعايتهم شكرا وهذا رقم تلفوني 0788598478 سكان الزرقاء ارجو التصال
اختي ميسون
عنجد إنتي روعة الله يوفقك كمان وكمان
ممكن اتبني قط من عندك هي رقمي للتواصل 0787898654
عمان
اخت میسون عنچد یسلمولی ادیکی انتی من الاقله یا ریت الاتصال حابب اتبنا ..