‏البرابرة على الأبواب

غاز مسيل للدموع لتشتيت الحشد الذي اجتاح مبنى الكابيتول الأميركي العام الماضي - (أرشيفية)
غاز مسيل للدموع لتشتيت الحشد الذي اجتاح مبنى الكابيتول الأميركي العام الماضي - (أرشيفية)
‏بإيفاغيلوس فاليانتوس‏ – (كاونتربنش) 3/8/2022 ترجمة: علاء الدين أبو زينة ‏ الأمل هو أن يفهم الأميركيون خطورة انقلاب ترامب الفاشل. نعم، إنها لحقيقة فظيعة أن أميركا كانت تنجب وتربي سلسلة من الطغاة مثل ترامب. وهم يظهرون تحت اسم مليارديرات. وكان ترامب ببساطة هو الأكثر طاقة وحماسة من بينهم. هؤلاء المليارديرات يقفون على الآن بوابات الكابيتول الأميركي. وهم يكرهون الديمقراطية. هذه هي الحقيقة المرة التي تخرج من جلسات الاستماع.‏ * * * كنتُ قد عملت في الكابيتول هيل لبضع سنوات –في السبعينيات. واعتدت على زيارة مبنى الكابيتول، في المقام الأول من أجل المتعة. هنا كان مركز الحياة السياسية في أميركا، مصمما ومبنيا مع وضع اليونان الكلاسيكية في البال. وتعكس الهندسة المعمارية واللوحات في مبنى الكابيتول الكبير في الواقع معبد أثينا.‏ ‏ ومع ذلك، جلب انتخاب دونالد ترامب، رجل الأعمال الفاسد، للرئاسة الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) إلى الأمام قوى غير ديمقراطية كانت تمور منذ عقود تحت السطح في أميركا. وكان 6 كانون الثاني (يناير) 2021 يومًا مظلمًا شن خلاله ترامب محاولة انقلاب فاشلة. ‏ ‏ مثل طاغية متمرس، دعا ترامب أتباعه من جميع أنحاء أميركا للقدوم إلى واشنطن. كان مصمما على الاحتفاظ بسلطته. وطلب من أتباعه الذهاب إلى مبنى الكابيتول من أجل منع نائب الرئيس، مايك بنس، ومجلس الشيوخ من التصديق على الفوز الشعبي الذي حققه جو بايدن في الانتخابات ليكون الرئيس القادم للولايات المتحدة. وظل يقول للغوغاء الغاضبين أن الديمقراطيين سرقوا الانتخابات.‏ في ذلك اليوم، سارت ميليشيا ترامب الخاصة إلى مبنى الكابيتول ودخلت أراضي قلعة الديمقراطية الأميركية سيئة الحراسة.‏ ‏ ولم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى اخترقت قوات ترامب دفاعات مبنى الكابيتول الأميركي: حيث كان يراقب المبنى حراس غير مستعدين وغير منظمين وخائفين.‏ والآن، أصبحنا ‏نحصل على فكرة عن عنف وغضب جيش ترامب من جلسات الاستماع التي عقدها مجلس النواب الأميركي مؤخراً حول أحداث تمرد يوم 6 كانون الثاني (يناير) 2021.‏ ‏

ما كشفته جلسات الاستماع‏

لقد شاهدت جلسات الاستماع تلك. واستمعت إلى شهادة مسؤولين سابقين في إدارة ترامب. وقد اعترفوا على مضض بأنهم غاضبون من ترامب لتجاهله المخاطر التي سيسفر عنها التمرد. وبينما كان أتباعه يدمرون مبنى الكابيتول، كان يشاهد محطة “فوكس نيوز” ولم يتصل أبدا بالبنتاغون لإيقاف عربدة المخربين الذين يعيثون فساداً في الكابيتول. وقد استقال بعض مسؤولي ترامب في البيت الأبيض احتجاجًا على ذلك.‏ ‏ استمعت بعناية إلى العروض التقديمية لأعضاء اللجنة المختارة التي جمعت الأدلة التي تدين ترامب. وقد ألقوا خطابات عاطفية لخصت الأدلة على ارتكاب ترامب مخالفات، بينما عبروا عن تصواراتهم المثالية لما ينبغي فعله لمنع اندلاع تمرد آخر. وكان العضوان الجمهوريان في اللجنة المختارة، ليز تشيني، وآدم كينزينجر، بليغين في إدانة ترامب مثل زملائهما الديمقراطيين.‏

مذبحة أميركية: حقيقة فظيعة تكشفت على الملأ ‏ ‏

استمعتُ إلى ‏‏جيمي راسكين‏‏ من ماريلاند بعناية. وأكثر من أي من زملائه في اللجنة والشهود، وقد انتهى به المطاف في قلب انقلاب ترامب. وقال في ملاحظاته الختامية:‏ ‏ ”مذبحة أميركية. هذا هو الإرث الحقيقي لدونالد ترامب. إن رغبته في الإطاحة بانتخابات الشعب والاستيلاء على الرئاسة أوقفت فرز أصوات المجمع الانتخابي لأول مرة في التاريخ الأميركي، وكادت تطيح بالنظام الدستوري، وجعلت المئات والمئات من الأشخاص وحشيين. كان اقتحام ووترغيت أشبه باجتماع للكشافة الأشبال مقارنة بهذا الاعتداء على شعبنا ومؤسساتنا… الشيء الحاسم هو: .. ماذا ستفعل هذه اللجنة، وما الذي سنفعله جميعا لتحصين ديمقراطيتنا ضد الانقلابات والعنف السياسي وحملات سرقة الانتخابات وأخذها من يد الشعب…‏ ‏ ”لقد وَّسع دونالد ترامب كذبته الكبيرة لتشمل أحداث 6 كانون الثاني (يناير) نفسها. فهو يؤكد أن التمرد كان هو الانتخابات الحقيقية، وأن الانتخابات كانت التمرد الحقيقي. ويقول أن الغوغاء حيّوا ضباط شرطتنا في 6 كانون الثاني (يناير) بالعناق والقبلات.‏ “إنه يهدد بأخذ أحد الحزبين السياسيين الرئيسيين في أميركا معه في طريق الاستبداد، وهو حزب أبراهام لنكولن، لا أقل. ويخبرنا علماء السياسة أن الأحزاب الاستبدادية لها سمتان أساسيتان مشتركتان في التاريخ وفي جميع أنحاء العالم: أنها لا تقبل نتائج الانتخابات الديمقراطية عندما تخسر؛ وأنها تتبنى العنف السياسي وتعرضه على أنه شيء مشروع. وقد ازدادت خطورة مشكلة التحريض على العنف السياسي في عصر الإنترنت كما سمعنا للتو. ‏ ”لكن هذه ليست مشكلة حزب واحد، إنها مشكلة البلد بأكمله الآن. إن الديمقراطية الأميركية، سيدي الرئيس، هي ميراث، وهي شيء نادر في تاريخ العالم، بل وحتى على كوكب الأرض حتى اليوم. الديمقراطية الدستورية هي الإطار الفضي، كما قال لينكولن، الذي تستريح عليه تفاحة الحرية الذهبية. نحن في حاجة إلى الدفاع عن كل من ديمقراطيتنا وحريتنا بكل ما لدينا من طاقة، وإعلان أن هذه المذبحة الأميركية ستنتهي هنا والآن. في عالم من الاستبداد المتجدد والعنصرية ومعاداة السامية، دعونا جميعًا نقف بقوة من أجل الديمقراطية الأميركية”.‏ ‏وأضاف في مقابلة مع برنامج “واجِه الأمة” الحواري ما يلي:‏ ‏ ”قال ‏‏ماديسون‏‏ إنه في الديمقراطية، يحق للشعب الاطلاع على الحقيقة الأكثر فظاعة، وهي الحقيقة حول طبيعة حكومته والذين يحكمونه. ونحن في حاجة إلى أن ينظر الأميركيون بعناية فائقة إلى ما حدث [في 6 كانون الثاني (يناير) 2021]”.‏ ‏ بوصفه أستاذا سابقًا للقانون الدستوري، أدرك راسكين الخطر الذي انطوى عليه انقلاب ترامب. وقد فشل ترامب هذه المرة، ولكن ماذا عن المرة القادمة؟ إن ترامب هو الملك غير المتوج للحزب الجمهوري. وعلى الرغم من حقيقة أن بعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين انتقدوا ترامب خلال التمرد الفاشل، إلا أن معظمهم ينظرون إليه على أنه مرشحهم للانتخابات الرئاسية للعام 2024.‏ هذا الاحتمال يخيف راسكين. وهو محق في المطالبة بوجوب أن يعرف جميع الأميركيين الحقائق الأكثر فظاعة في السياسة الأميركية. وترامب هو تلك الحقيقة الفظيعة. إنه مستعد دائما للإطاحة بالحكومة. وهو مهووس بأناه ولديه مزاجات ملِك. ‏ ‏ لقد شاهدت أيضاً مقاطع الفيديو التي تصور عنف أتباع ترامب والتخريب الذي مارسوه. لقد حطموا مبنى الكابيتول. وأرادوا قتل بنس وأعضاء الكونغرس. وذكرني سلوكهم البغيض بالصليبيين وهم يستولون على القسطنطينية في العام 1204.‏ أثارت هذه المواجهة التي جاءت في خضم مناقشات الكونغرس وسن القوانين غضب جميع الديمقراطيين وعدد قليل من الجمهوريين. وقد أصيب قادة الكونغرس بالفزع.‏ ‏ هل سيتعلم الأميركيون درسًا من هذا الهجوم الفظ والشرس على الكابيتول والديمقراطية؟ هل سيحكمون على ترامب بإنزاله من عليائه وسجنه بسبب جرائمه؟ هل سينددون بأنصار ترامب الجمهوريين، ويحرمونهم من إعادة انتخابهم؟‏ لدى تمرد 6 كانون الثاني (يناير) 2021 درس ليقوله لأعضاء الكونغرس الديمقراطيين أيضًا. إن هذا التمرد هو تحذير من أن الديمقراطية الأميركية غارقة الآن في ورطة عميقة. الرئيس جو بايدن لا يأخذ الديمقراطية على محمل الجد. وقد نسي وعوده بشأن تغير المناخ وهو الآن يدعم شركات النفط التي تغذي الفوضى المناخية.‏ ‏ وبذلك، لا يستحق بايدن إعادة انتخابه. يجب أن يحل ديمقراطي آخر مثل راسكين محل بايدن.‏‏

استمرار الجرائم يساوي الحصانة من المقاضاة؟‏

يجب أن نكون ممتنين للجنة المختارة في مجلس النواب للكشف عن الحقائق الفظيعة لديمقراطيتنا. ومع ذلك، يقول فرانك بروني من صحيفة “نيويورك تايمز” أن اللجنة تضيع وقتنا مع عرض كل هذه الاكتشافات حول ترامب. ويريدنا بروني أن ننسى مخالفات ترامب غير القانونية التي لا تنتهي. وكتب:‏ ‏ ”‏‏يستفيد ترامب‏‏ من التطرف والقسوة في مخالفاته. إنه مسيء للغاية في كثير من الأحيان لدرجة أن المخالفات تُطمس، ولا يوجد انتهاك واحد يحافظ على نوع الاهتمام الذي يجب أن يتركز عليه لأنه سيكون هناك انتهاك آخر بعد ثانية فقط وآخر بعد ذلك مباشرة”.‏ ويتحدث بروني أيضا عن قدرة وسائط الإعلام على إرباكنا، الأمر الذي يقوض في الحقيقة نتائج واستنتاجات اللجنة المختارة. وكيف يحدث هذا؟ يشرح بروني: ‏ ”إن عصرنا المترابط للغاية والخالي من الفروق الدقيقة يقصفنا بالأخبار السيئة، والكثير منها يتم تقديمه بطريقة لاهثة متلاحقة الأنفاس وعالية الإثارة بحيث تبدو وكأنها تكلُّف أكثر من كونها إنذاراً. ولأننا غير قادرين على الانتباه إليها كلها، فإن المطاف يمكن أن ينتهي بنا إلى الاهتمام بالقليل جدًا منها”.‏ ‏ صحيح أن وسائل الإعلام تضر بأميركا. ولكن، بدلاً من اقتراح علاج، يستخدم بروني اللاهوت لتحييد عمل لجنة 6 كانون الثاني (يناير) 2021، فيقول عنها:‏ “إنها تقوم بعمل متسامٍ للغاية في بيئة تحظر التسامي تقريباً”.‏

أعداء الديمقراطية‏ ‏

إنني أجد أنه من الغريب والمثير للقلق أن تعمل أي صحيفة على تقويض العمل النزيه الذي تقوم به اللجنة المختارة لمجرد أن مهندس التمرد كان رئيسًا سابقًا أضر بالديمقراطية وسمعة البلاد.‏ ‏ ومع ذلك، آمل حقاً أن يفهم الأميركيون خطورة انقلاب ترامب الفاشل. نعم، إنها لحقيقة فظيعة أن أميركا كانت تنجب وتربي سلسلة من الطغاة مثل ترامب. وهم يظهرون تحت اسم مليارديرات. وكان ترامب ببساطة هو الأكثر طاقة وحماسة من بينهم. هؤلاء المليارديرات يقفون على الآن بوابات الكابيتول الأميركي. وهم يكرهون الديمقراطية. هذه هي الحقيقة المرة التي تخرج من جلسات الاستماع.‏ ‏*إيفاجيلوس فاليانتوس‏‏ Evaggelos Vallianatos: مؤرخ واستراتيجي بيئي، عمل في وكالة حماية البيئة الأميركية لمدة 25 عاما. وهو مؤلف سبعة كتب، بما في ذلك أحدث كتاب، “‏‏آلية الآنتيكثيرا” The Antikythera Mechanism‏‏.‏ نشر هذا المقال تحت عنوان: Barbarians at the Gates  اقرأ أيضا في ترجمات اضافة اعلان

الإعدام الإسرائيلي لشيرين أبو عاقلة مقصود وجزء من سياق

شيرين أبو عاقلة.. خسارة شخصية..!

الفلسطينيون دائما هم الهدف

على الأميركيين المطالبة بتحقيق مستقل في مقتل شيرين أبو عاقلة