البنك الدولي: القطاع الخاص الأردني لا يلبي الحاجة المتزايدة لفرص العمل

مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن.-(أرشيفية)
مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن.-(أرشيفية)

عمان - اعترف تقرير صادر عن البنك الدولي مؤخرا حول التوظيف وفرص العمل في المنطقة، أنّ هناك مشكلة في هذا السياق في الأردن تتمثل في فشل القطاع الخاص في توفير وظائف كافية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الأيدي العاملة في الاقتصاد الرسمي.اضافة اعلان
وقال التقرير الإقليمي الذي حمل عنوان "الوظائف أو الامتيازات: خلف فرص العمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا": "إن هذا الأمر أدى إلى ارتفاع البطالة لا سيما في صفوف الشباب والنساء وظهور عدد كبير من الشركات الصغرى المنخرطة في أنشطة صغيرة ذات إنتاجية متدنية".
وقال التقرير "إن توفير الوظائف في القطاع الخاص في الأردن كان ضعيفا وإنه لا بد من وجود أسواق مفتوحة لتهيئة البيئة المواتية للمنافسة العادلة بما يتيح للشركات الجديدة والناشئة توفير فرص العمل بوتيرة أكثر سرعة".
وأشار التقرير الى أنّه لم يكن هناك نمو في الشركات الصغيرة، ما أدى الى ضعف في نمو الوظائف في معظم الشركات في الأردن وتشكل عدد قليل من الشركات سريعة النمو نسبة كبيرة من توفير فرص العمل.
وقال التقرير "إن المنشآت التي كان يعمل بها شخص واحد في الأردن العام 2006 ظل 65 % منها "كما هي" منشآت الشخص الواحد، بينما استطاع 35 % منها توظيف عامل إضافي واحد على الأقل".
ومن بين جميع المنشآت الصغرى التي كان يعمل بها أقل من 10 عمال العام 2006، لم يحقق النمو سوى 2.2 % منها وقامت بتوظيف أكثر من 10 عمال بعد مضي 5 سنوات.
واعتبر البنك في التقرير أن شدة الضعف لانتقال الشركات الصغرى الى فئات أكبر حجماً أمر لافت للانتباه، مشيرا الى أن هذا الاستنتاج مع نتائج تقرير البنك الدولي (2014) الذي يبين أن معظم الشركات الصغرى تعمل في القطاع الرسمي وأن فرصة انضمام الشركات غير الرسمية الى الاقتصاد الرسمي ضئيلة للغاية.
وأشار التقرير إلى أنّ نسبة احتمال نمو المنشآت المتوسطة لتصبح منشآت كبيرة الحجم بعد 5 سنوات لا تتجاوز 9.8 % في الأردن، في الوقت الذي كانت فيه في تركيا حوالي 13.5 % وفي مصر 11.9 % وفي المغرب 10.7 %.
وأكد التقرير أنّ الشركات الناشئة، والشركات الشابة، وعدد قليل من الشركات الكبيرة القديمة المملوكة غالباً للأجانب، كانت المحرك الرئيس لتوفير الوظائف وفرص العمل في الأردن.
وبالنسبة للأردن؛ مثلما هو الحال في معظم بلدان المنطقة والاقتصادات المرتفعة النمو؛ تعد الشركات الشابة والأخرى الناشئة المصدر الرئيسي لتوفير معظم الوظائف.
وبين التقرير أن الشركات الشابة أو المنشآت التي لم يزد عمرها على 4 سنوات ويعمل فيها أقل من 5 عمال وفرت 40 % من إجمالي صافي الوظائف بين 2006 و2011.
وفي المقابل؛ أسهمت الشركات الأقدم؛ أي المنشآت القائمة منذ أكثر من 30 عاماً بحوالي 28 % من اجمالي صافي توفير الوظائف، علماً بأن الكثير من هذه الشركات الكبيرة القديمة مملوك للأجانب.
وألمح التقرير الى أن 19 % من جميع المنشآت الكبيرة في الأردن هي شركات مملوكة للأجانب وتمثل 30 % من الوظائف التي أوجدتها المنشآت الكبرى، وبذلك فإنها تعكس ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة للداخل بدلاً من النمو العضوي للشركات المحلية الكبيرة.
وكشف التقرير أن توفير الوظائف كان مدفوعاً بقطاعات تجارة المفرق، والفنادق والمطاعم، والصحة الخدمات الاجتماعية، ويبلغ متوسط حجم الشركات في هذه القطاعات الثلاثة أقل من 4 عمال بالأجر في الأردن. وأشار إلى أن توفير الوظائف في الشركات الصغرى في هذه القطاعات يمثل غالباً جزءاً من الاقتصاد غير الرسمي الذي يعد أقل انتاجية في الأردن منه في المناطق النامية الأخرى.
وأسهمت في توفير الوظائف أيضاً أنشطة معينة ذات انتاجية أعلى؛ مثل الكيماويات والمستحضرات الصيدلانية، وقطاع الغذاء، والتمويل والعقارات.
ومثلت هذه القطاعات 28 % من إجمالي صافي توفير الوظائف بين أعوام 2006 و2011، مما وازن الى حد ما الاتجاه نحو الوظائف في القطاع غير الرسمي.
وأوضح التقرير أنّ إنشاء الشركات الجديدة منخفض بسبب عدد كبير من الحواجز الماثلة أمام المنافسة وإنشاء أو إغلاق منشآت الأعمال.
فعلى سبيل المثال، يتم إنشاء 7 شركات جديدة سنوياً لكل 10 آلاف شخص في سن العمل في الأردن مقابل 26 شركة جديدة في المتوسط لجميع البلدان النامية.
كما أن كثافة دخول الشركات في السوق في العديد من البلدان النامية سريعة النمو، تعد أعلى بما يتراوح بين ثلاثة وعشرة أضعاف من مثليتها في الأردن.
وبالاضافة الى ذلك؛ فإن معظم الشركات الأردنية لا تقوم بتحسين انتاجيتها بصورة ملموسة بمرور الوقت نظراً لانخفاض الانتاجية وضعف الاداء في الخدمات الأساسية بصفة خاصة.
فالقيود المفروضة على دخول الشركات الأجنبية في قطاعات الخدمات في الأردن تعد قيوداً مرتفعة بالنسبة لقطاعات خدمات مثل النقل والخدمات القانونية ثم قطاعي اتصالات الهاتف المحمول والبنوك بدرجة أقل.
وأدت هذه الحماية الجزئية من المنافسة الأجنبية في قطاعات الخدمات المالية الى انخفاض نمو انتاجية شركات الخدمات في الأردن. فتدفق الاستثمار الاجنبي المباشر يؤدي الى مزاحمة جزئية للشركات المحلية الصغيرة والقديمة العاملة في القطاع نفسه، ولكن له آثار إيجابية من ناحية التوظيف بين مقدمي الخدمات المحلية والشركات الشابة.
وأشار التقرير الى أنه لم تستفد الشركات الصناعية المحلية من آثار الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما يعكس مزيجاً من ضعف المنافسة في القطاع وعدم وجود برامج متسمة بجودة التصميم والكفاءة.
ومن المتوقع أن يؤدي إلغاء القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات الخدمات الأردنية الى توفير الوظائف وفرص العمل في الشركات المحلية.
بالإضافة الى ذلك؛ يؤدي تطبيق السياسات بصورة تمييزية إلى عدم تكافؤ الفرص في الأردن، فعدد كبير من الشركات الأردنية يرى أن الاحتمالات المجهولة بشأن السياسات تشكل "عقبة شديدة" أو كبيرة أمام النمو.
ويعكس ذلك تصورات الشركات بشأن انعدام اليقين تجاه تنفيذ السياسات نتيجة للممارسات التمييزية؛ علماً بأن هناك تفاوتاً كبيراً في تنفيذ السياسات كما يتضح من البيانات، وتنفق الشركات قدراً كبيراً من الوقت والجهد للتأثير على تطبيق السياسات.
وتؤدي الاحتمالات المجهولة بشأن انفاذ القواعد النظامية الى الحد من المنافسة والابتكار في الأردن وما لذلك من آثار سلبية محتملة على نمو الإنتاجية وديناميكية القطاع الخاص، لا سيما دخول الشركات الجديدة في السوق ونموها.
وأشار التقرير الى أنّ السياسات المرعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كثيراً ما تخضع لنفوذ عدد قليل من الشركات المتمتعة بصلات سياسية، ما يؤدي الى ايجاد امتيازات بدلاً من الوظاف.
ولكن الشواهد الكمية المتاحة تشير الى آلية مماثلة لاكتساب امتيازات خاصة بالسياسات في البلدان الاخرى في المنطقة بما في ذلك الأردن.
ودعا الصندوق الى ضرورة إصلاح السياسات التي تؤثر سلباً على الأسواق المفتوحة والمنافسة لصالح عدد قليل من الشركات المتمتعة بامتيازات سياسية.
وتشمل السياسات الواجب اصلاحها الحواجز الادارية أمام دخول الشركات في السوق، وقوانين الإفلاس المرهقة، ومتطلبات الترخيص الحصري للعمل في قطاعات معنية، والحواجز القانونية الماثلة أمام الاستثمار الأجنبي المباشر في الخدمات، وتجارة المفرق، أو الحواجز القادمة أمام الوصول الى السلطة القضائية أو الأراضي أو المناطق الصناعية.
وأكد التقرير وجوب تضييق حيز التمييز في تنفيذ السياسات وضمان إنفاذ القوانين والانظمة بعدالة ومساواة بين الشركات، والتأكد من تصميم السياسات وتنفيذها من قبل ادارة قوية خاضعة للمساءلة.
ويمكن دعم هذه الادارة من خلال ربط العمل والترقي فيها بالجدارة والاستحقاق والحكم على عملها على اساس المساهمة المحتملة أو الفعلية في تحقيق الأهداف المشروعة للسياسة العامة.
وقال التقرير "إن أحد الجوانب الأساسية لأجندة الإصلاح تتمثل في ايجاد المؤسسات التي من شأنها تشجيع وضمان المنافسة وتكافؤ الفرص أمام جميع رجال الأعمال".
ويتضمن ذلك وجود قانون قوي للمنافسة وهيئة مستقلة معنية بها، وقوانين ملائمة للمشتريات وإنقاذها، وسلطة قضائية مستقلة، والى غير ذلك.
كما يجب إتاحة حصول المواطنين على المعلومات المتعلقة بالقوانين والأنظمة المقترحة والمصدق عليها، واستقاء آراء وتعليقات المواطنين بشأن تصميم السياسات وتقييمها، ومعرفة المواطنين بأسهم وحصص السياسيين في الشركات المستفيدة من السياسات الحكومية، وإلمام المواطنين بالمستفيدين من الدعم والإعانات، وعطاءات ومناقصات المشتريات الحكومية، والمعاملات الخاصة بالأراضي العامة، والخصخصة...الخ.
وأخيراً، ثمة حاجة الى عملية التشاور والحوار وتبادل الآراء بين واضعي السياسات والمواطنين.
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وحول توفير فرص العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قال التقرير "إن المشكلة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمثل في إشكاليات البطالة المرتفعة أو وجود الوظائف في أنشطة منخفضة الإنتاجية في الاقتصاد غير الرسمي في كثير من الحالات".
وقال التقرير "لم يوفر القطاع الخاص فرص عمل بأعداد كافية بسبب السياسات المقيدة للمنافسة التي حدت من دخول شركات جديدة الى السوق وحالت دون نمو الشركات الأكثر إنتاجية؛ علماً بأن الشركات من هذا النوع هي التي توفر معظم الوظائف". وغالباً ما استحوذ على هذه السياسات عدد قليل من الشركات المتمتعة بنفوذ سياسي، مما أدى الى منحها امتيازات بدلاً من تهيئة بيئة تكفل تحقيق النمو والازدهار لجميع رواد الأعمال.
وأشار التقرير الى أن الحل يكون من خلال تشجيع المنافسة وإصلاح السياسات التي تسمح بهيمنة عدد قليل من الشركات المتمتعة بنفوذ سياسي على القطاعات المجزية في الاقتصاد.