البنك الدولي: تباطؤ النمو حالة استثنائية في الأردن

فاخوري يتحدث خلال إطلاق نتائج التقرير - (من المصدر)
فاخوري يتحدث خلال إطلاق نتائج التقرير - (من المصدر)

سماح بيبرس

عمان – توقع تقرير صادر عن البنك الدولي أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة في العام المقبل إلى حوالي 3.7 %.
وأكد التقرير الذي أطلق أمس أنّ التحدي الأكبر للأردن يبقى في معالجة التداعيات الأمنية من جرّاء الأزمة في سورية والعراق.
وقال البنك الدولي، في تقرير له حول الأوضاع الاقتصادية في الأردن لخريف 2015، أنّ حالة التباطؤ التي شهدها الاقتصاد الأردني في النصف الاول من العام الحالي هي حالة استثنائية في ظل الظروف الإقليمية المحيطة؛ حيث إن الأردن مايزال مستمرا بالإصلاحات الاقتصادية.
وعرض التقرير الذي قدمته الاقتصادية، ليا حكيم، من البنك الدولي، أهم التطورات الاقتصادية والسياسات لآخر 6 أشهر، وكذلك آخر استنتاجات البنك الدولي حول الاقتصاد الأردني، كما ويغطي التقرير مؤشرات حول الاقتصاد الكلي، والأسواق المالية، والرفاهية والتنمية البشرية، إضافة إلى تحليل السياسة الاقتصادية التنموية عامة، كما تطرق التقرير بشكل خاص إلى قطاع تكنولوجيا المعلومات من جهة الشركات الناشئة.
وجاء في التقرير أنه وبعد 4 سنوات من التعافي التدريجي للاقتصاد، يتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي في العام 2015 بسبب تداعيات الأوضاع الامنية في سورية والعراق؛ حيث يتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 2.5 % مقابل 3.1 % في العام 2014 (الأبطأ منذ النصف الأول من العام 2010).
ويعزى التراجع بالنمو في النصف الاول من العام 2015 إلى إغلاق الممرات التجارية مع كل من سورية والعراق. إلا أن استمرار الأثر الإيجابي لأسعار النفط المنخفضة على كل من عجز الحساب الجاري وعجز الموازنة، وأثر الزيادة في حجم الاستثمار بالأخص في مجال تنويع مصادر الطاقة، كذلك الأثر الإيجابي للإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا بالنسبة لقطاع العقار والسياحة كل ذلك سيدعم النمو في العام 2015، وبالمضي قدما فإن النمو الاقتصادي يتوقع أن يبلغ 3.7 %، 4 % في عامي 2016 و2017 على التوالي.
وقال التقرير إنّ استضافة الأردن لأكثر من 631 ألف لاجئ ساهم بارتفاع معدل البطالة بالنصف الأول من العام 2015 ليسجل 12.5 % مقارنة مع 11.9 % في نفس الفترة من العام 2014.
وفيما يخص القطاع الخارجي، قال التقرير إنّ عجز الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع أن يتسع خلال العام 2015 ليسجل 7.1 % من الناتج المحلي الإجمالي، إذ إن أثر الاضطرابات التجارية الناجمة عن النزاعات بالمنطقة وتوقع ثبات حوالات العاملين وانخفاض المنح الخارجية سيفوق النتائج المحققة من انخفاض قيمة واردات الطاقة.
وأضاف التقرير أنّ "السياسة النقدية تستمر على نحو توسعي بينما تبقى السياسة المالية متشددة. وقد تحسن عجز موازنة الحكومة المركزية في الأشهر السبعة الأولى من العام 2015، ذلك إلى حد كبير بسبب خفض النفقات على نحوٍ فاق الانخفاض في الإيرادات بالنسبة للناتج".
ومن المتوقع أن يضيق العجز المالي للحكومة المركزية والمؤسسات العامة ليسجل 4.1 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2015. ولكن إجمالي الدين العام نسبة إلى الناتج مازال على ارتفاع ومن المتوقع أن يبدأ بالتراجع في العام 2016 وما يليه مدعوما بتحسن في النمو وانخفاض أعباء الدين الناجمة عن شركة الكهرباء الوطنية.
وأكد التقرير أنّ التحدي الأكبر للأردن يبقى في معالجة التداعيات الأمنية من جرّاء الأزمة في سورية والعراق. ويفترض سيناريو الأساس في التقرير والذي يتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 3.7 % في العام 2016، أن أحداث النصف الأول من العام 2015 مرحلية، باستثناء التداعيات التي ما زالت ترمي بثقلها على التجارة. إلا أن أي تدهور في الأوضاع بالمنطقة، متبوعا بارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية سيؤدي إلى تفاقم المخاطر الاقتصادية.
أما الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الحكومة، وخاصة فيما يتعلق بتنويع مصادر الطاقة وتحسين بيئة الأعمال، فقد أشار التقرير إلى أنها "تدعو للتفاؤل" بالنسبة للنمو على المدى المتوسط، خاصة إذا ما استطاع الأردن التغلب على التحديات الناجمة عن الوضع الأمني غير المستقر في الدول المجاورة.    
وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي، عماد نجيب الفاخوري، أن الأردن ملتزم بتحقيق مستقبل مزدهر ويقوم بتعزيز التدابير الرامية إلى دعم الشركات الناشئة وتوسيع الأعمال التجارية، وإعداد المهارات التي يتطلبها سوق العمل، وتقوم حاضنات الأعمال والمناطق التنموية والشراكات الجديدة بدورها في دعم الصناعة والابتكار، وكذلك الأعمال الريادية والقطاع الخاص، وهما أهم مصدر لنمو الوظائف في الاقتصاد الوطني ومستقبله.
وقال الفاخوري "اليوم وبالرغم من تباطؤ النمو في النصف الأول للعام 2015 بسبب التطورات في سورية والعراق وتداعياتها على اقتصادنا، إلا أنه وبالمضي قدما نتوقع أن يتحسن النمو في عامي 2016 و2017، ويدعم هذه التوقعات استمرار إدارة اقتصادية وطنية حصيفة".
وأضاف أن "الأردن يبقى في ظل الاضطرابات بالمنطقة محفوفا بالتحديات، ونحن ندرك أن علينا أن نكون في الطليعة لمواجهة التحديات التي تغلبنا على العديد منها، ونحن بحاجة إلى الاستمرار في قلب التحديات إلى فرص وتعزيز المنعة الوطنية".
وأكد أنّ الاستراتيجية الوطنية المتمثلة بوثيقة "الأردن 2025" سوف تمكن الأردن من التحرك بسرعة لتنويع الموارد وتطوير البنى التحتية اللازمة، واستثمار نقاط القوة، مشيرا إلى أنه سيتم تنفيذ ذلك من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص، موضحا أن المرحلة الأولى من الترجمة العملية لهذه الاستراتيجية بدأت من خلال خطة عمل الحكومة المتمثلة بالبرنامج التنفيذي التنموي للأعوام 2016-2018 والذي كان الأساس في وضع موازنة الدولة للعام المقبل.
وأشار الفاخوري إلى أن التعداد العام للسكان والمساكن الذي قامت به الحكومة مؤخرا سيساهم بوضع الخطط التنموية بصورة تراعي بشكل أكبر حاجات السكان وأوضاعهم المعيشية.
وحول ما ذكره التقرير من أن دعم الريادة والمشاريع الناشئة في قطاع تكنولوجيا المعلومات سيعزز من قدرة الأردن على الوصول لهدفه بأن يصبح مركزا لتكنولوجيا المعلومات في منطقة الشرق الأوسط، وفي هذا الإطار أشار وزير التخطيط والتعاون الدولي إلى أن وثيقة الأردن 2025 والتي ركزت على 9 عناقيد اقتصادية تنافسية يتميز فيها الأردن تبنت عنقود تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كأحد العناقيد الاقتصادية الرئيسية كمحركات نمو الاقتصاد الوطني، كما أن الحكومة أقرت مؤخرا حزمة من الحوافز الاستثمارية لأنشطة تكنولوجيا المعلومات تمثلت بإضافة عدد من أنشطة خدمات قطاع تكنولوجيا المعلومات التالية للاستفادة من قانون الاستثمار، وإعفاء السلع اللازمة لممارسة الأنشطة الاقتصادية لخدمات تكنولوجيا المعلومات، من الرسوم الجمركية وإخضاعها للضريبة العامة على المبيعات بنسبة (الصفر) في حال تم استيرادها أو شراؤها محلياً.
كما قامت بخفيض ضريبة الدخل المستحقة على أنشطة خدمات تكنولوجيا المعلومات المذكورة سابقا بقيمة 30 % في جميع مناطق المملكة ولمدة 10 سنوات من تاريخ التشغيل الفعلي للمشروع قابلة للتجديد. وبالتالي تصبح ضريبة الدخل لهذه الانشطة 14 % بدلا من 20 %.
من جهته أكد الممثل المقيم ورئيس بعثة IFC في الأردن، احمد عتيقة، أنّ هذا التقرير يأتي ليكون أداة من أدوات التحاور مع كل الجهات ذات العلاقة من أجل تحقيق الهدف المرجو للاقتصاد.
وألمح عتيقة إلى أن إطلاق مركز الاستعلام الائتماني يعتبر "سبق للأردن"؛ حيث أنّه الأول من نوعه في المنطقة، ويمتلكه القطاع الخاص، لكنه يغطي جميع الأطراف التي تقوم بتمويل المشاريع، ما يعكس مدى التعاون بين القطاعين.
من جهته قدم رئيس فريق البنى التحتية لمنطقة الشرق الأوسط للبنك الدولي، الدكتور حسام بيدس، عرضا حول النظام البيئي للشركات التكنولوجية الجديدة في الأردن.
 وأشار، خلال العرض، إلى نقاط القوة والضعف لهذا النظام؛ حيث أشار إلى أنّ من نقاط القوة ارتفاع أعداد خريجي فروع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، اضافة إلى وجود الخبرة والدعم الحكومي.
أما عن نقاط الضعف فقد ذكر بيدس منها صغر السوق المحلي ونقص الفضاءات للشركات الناشئة، وضعف بيئة الأعمال والتفاوت في الموهبة، أما التهديدات التي تواجه القطاع فقد ذكر منها عدم الاستقرار الإقليمي، وهجرة المواهب.
من جهته، تحدث رئيس مجموعة قعوار ومصمم ورئيس مبادرة "ريتش" التي تعتبر خريطة طريق لاقتصاد المعرفة حول قطاع تكنولوجيا المعلومات، كريم قعوار، حيث أشار إلى مبادرة "ريتش" التي عملت على 5 محاور هي البيئة التشريعية والبيئة التمكينية والمشاريع الوطنية، والتمويل والاستثمار إضافة إلى محور الموارد البشرية.
وأضاف أن "ريتش" ركزت على جذب الاستثمارات وزيادة الصادرات وخلق فرص عمل، واستطاعت أن تحقق عدة إنجازات ومن ضمنها تحويل وزارة البريد إلى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وإنشاء هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، كما تمّ تأسيس جمعية إنتاج، واستحداث صنف جديد من الشركات المساهمة الخصوصية ليكون لها وجود في الأردن، كما استطعنا أن يصل إنتاج هذا القطاع إلى 14 % من الناتج المحلي الإجمالي.

اضافة اعلان

[email protected]