التحالف الأميركي التركي على مفترق طرق

Untitled-1
Untitled-1

توم إليس* - (أحوال تركية) 28/4/2021

في مقابلة، يقول إيان بريمر، رئيس مجموعة أوراسيا، لصحيفة كاثيميريني، إن الخلاف بين جو بايدن ورجب طيب أردوغان عميق، حيث يولي الرئيس الأميركي -على العكس من سلفه- أهمية كبيرة لاحترام القيم الديمقراطية، ولا يرى نظيره التركي على استعداد للتعاون في إطار عالمي.اضافة اعلان
يرسم المحلل الأميركي المخضرم والمؤثر صورة قاتمة لأنقرة، مؤكداً أن التحالف الأميركي-التركي يقف عند مفترق طرق حاسم بالنظر إلى أن الرأي السائد في واشنطن هو أن الأهمية الاستراتيجية لتركيا لم تعد كما كانت عليه من قبل، وأن انتهاكات حقوق حقوق الإنسان التي ارتكبتها حكومة أردوغان ضد العديد من قطاعات السكان -من الأكراد إلى النساء– أدت إلى الإضرار بالصورة الدولية للبلد.
كما يتحدث بريمر عن الارتقاء بالعلاقة بين واشنطن وأثينا، بما في ذلك في مجال التعاون الدفاعي، وهو تطور سيعزز بشكل كبير النفوذ الإقليمي لليونان وقيمتها الجيواستراتيجية. ويشير أيضًا إلى أنه بعد استبعادها من برنامج المقاتلات "إف 35"، فقدت تركيا تفوقها الجوي في المنطقة على المدى المتوسط، في حين أن الطريقة العدوانية وغير المتوقعة التي تتصرف بها في السنوات الأخيرة تعزلها عن المجتمع الدولي وتسارع في "استبعادها كذلك من مظلة الناتو".
وفي إشارة إلى الاجتماع الخماسي في جنيف حول قضية قبرص، أعرب بريمر عن اعتقاده بأن تقارب الآراء لن يتحقق، وأنه حتى لو عُقد اجتماع ثان في وقت لاحق من هذا العام، فإن "الآفاق تبدو قاتمة" للتوصل إلى حل.

  • هل يكون ما نشهد تدهوراً على المدى الطويل، إن لم يكن نهاية للتحالف الأميركي-التركي؟
    إننا نقف بالتأكيد عند نقطة تحول بالنظر إلى التدهور الكبير الذي شهدناه. فقد شهدت تركيا تحولًا كبيرًا بعيدًا عن الديمقراطية، الأمر الذي لم يزعج دونالد ترامب، ولكنه يمثل مشكلة حقيقية جدًا لجو بايدن. وهذا القلق يشمل شراء تركيا للنظام الدفاعي روسي الصنع "إس 400"، وعقوبات بنك خلق التركي الحكومي، والقتال في سورية، ثم تحول الولايات المتحدة بعيدًا عن الشرق الأوسط نحو آسيا. ويسبب كل ذلك مشكلات للعلاقة طويلة الأمد بين الولايات المتحدة وتركيا. والآن أصبح الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، والذي كان يمثل مشكلة للعديد من الإدارات الأميركية في حين أقدم عليه بايدن أخيراً، بمثابة اعتراف بمدى أهمية التحالف بالنسبة له.
  • ما دلالات اتصال بايدن بأردوغان بعد ثلاثة أشهر كاملة من توليه المنصب؟
    يرسل هذا برسالة مباشرة. لا يرى بايدن أن أردوغان متحالف مع الولايات المتحدة في القيم الأساسية، ويعتقد بايدن وإدارته أن ذلك مهم، لا سيما وأنه يريد عقد تحالفات أميركية أوثق على أساس الالتزام بنظام دولي قائم على القواعد، ولا يرى أردوغان يسير وفقاً لهذه القواعد.
  • ماذا يعني الاعتراف الأميركي بالإبادة الجماعية للأرمن؟
    كل الإدارات منذ ريغان تجاهلت ذلك ولم ترغب في استعداء الأتراك. ولكن، يبدو أن بايدن لا يهتم. وكان باراك أوباما قد وعد بذلك، لكنه تراجع، وهو ما قال أشخاص مثل سامانثا باور وبن رودس إنه خطأ كبير. وقطع بايدن ووزير خارجيته، توني بلينكين، الوعد وهما على دراية بكل هذا التاريخ، وشاركت نائبة الرئيس كامالا هاريس في رعاية القرار. لقد اتفقت جميع الأطراف هذه المرة واتخذوا القرار منذ أشهر. وإضافة إلى كل ذلك، هناك شعور متزايد في واشنطن بأن أنقرة لم تعد حليفًا استراتيجيًا مهمًا كما كانت من قبل؛ وهذا الاعتراف هو أحد أعراض الانفصال الأوسع الجاري بين الولايات المتحدة وتركيا.
  • هل سيؤدي استبعاد تركيا من برنامج مقاتلات "إف 35" إلى تغيير وضعها في ميزان قوى بحر إيجه وفي المنطقة الأوسع؟
    لا أظن أن الكثير سيحدث على المدى القصير، لأن القدرات العسكرية لتركيا قوية. لكن هذه هي نتيجة قرار الأتراك بمتابعة شراء وتفعيل نظام صواريخ "إس-400" الروسي الصنع. وعلى المدى المتوسط وما بعده، سيؤدي استبعاد تركيا من برنامج مقاتلات "إف 35" إلى نهاية التفوق الجوي لأنقرة في المنطقة. ويأتي هذا أيضًا على خلفية عملية تطهير واسعة النطاق تم تنفيذها في سلاح الجو التركي في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في العام 2016 ضد أردوغان.
    ومع استعداد جميع منافسي تركيا لشراء طائرات "إف 35"، بما في ذلك الإمارات واليونان، ستكون مناورة "إس 400" في أنقرة مكلفة للغاية. وسيكون على تركيا البحث عن بدائل للطائرات المقاتلة من الجيل التالي من خلال شراء طائرات روسية أو صينية أو تطوير طائراتها الخاصة. ولن يؤدي الخيار الأول سوى إلى تعميق عزلة أنقرة وتسريع استبعادها الفعلي من مظلة الناتو؛ أما الخيار الأخير فما يزال بعيد المنال، حيث ما يزال يتعين على تركيا تطوير محرك قابل للعمل.
  • ما تحليلك للوضع في شرق البحر المتوسط؟ هل سيتراجع أردوغان خطوة إلى الوراء ويحاول إصلاح العلاقات مع اليونان ومصر وإسرائيل، أم أنه سيكون أكثر حزماً وعدوانية؟
    على المدى القريب، سيحاول إردوغان إصلاح الحواجز بينه وبين هذه الدول، لكنه سيتعرض لمزيد من الضغوط المحلية (لا سيما بالنظر إلى صراعات البلاد الاقتصادية والصحية وسط الوباء) وهذا سيتسبب في اضطرابه، ما سيخلق مشكلة لكل من تركيا والآخرين.
  • ما دور اليونان في هذا اللغز الإقليمي الجديد؟
    ستكون اليونان أكثر انسجاما واتساقاً مع الولايات المتحدة، وستساعدها بشكل كبير حقيقة أن لديها حكومة تثق بها القوى الأوروبية الكبرى، وكذلك واشنطن. كما أنها تستجيب بشكل لائق لأزمة الجائحة، ما يساعد على تحسين وضعها بشكل أفضل. كما أن لديها صلاحيات واسعة لتحسين التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة، الأمر الذي سيضع اليونان في مكانة جيدة حيث تتطلع واشنطن إلى خيارات خارج تركيا -الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى تحسين موقف أثينا بالمقارنة بأنقرة.
  • كيف تبدو الآفاق بالنسبة لقبرص؟ تستضيف الأمم المتحدة هذه الأيام اجتماعاً في جنيف للقوى الضامنة الثلاث -اليونان وتركيا والمملكة المتحدة- ومجتمعي قبرص، على أمل استئناف المحادثات من أجل إيجاد حل.
    ستقترح أنقرة والقبارصة الأتراك حل الدولتين، وهو ما سيرفضه القبارصة اليونانيون والمجتمع الدولي، مستشهدين بقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وسيكون الاجتماع الأول فرصة للجميع لتوضيح قوائم رغباتهم القصوى، وستحظى الأمم المتحدة أيضاً بفرصة لمعرفة أين يمكنهم تهميش القضايا الشائكة لبدء محادثات جديدة على أرض الواقع. ومن المحتمل أن نرى اجتماعًا ثانيًا في وقت لاحق من هذا العام، لكن التوقعات تبدو قاتمة وستمنع حدوث أي تحولات جذرية على صعيد جميع الجوانب. وفي نهاية المطاف، ليس لدى القبارصة اليونانيين وتركيا أي حافز لحل خلافهم الطويل في هذا المنعطف، ما سيجعل التنازلات المكلفة سياسيًا أمرًا محظورًا في كل من نيقوسيا وأنقرة.
  • ما تقييمك للوضع الداخلي في تركيا، من الاقتصاد إلى حقوق الإنسان والمرأة، من بين أمور أخرى؟
    الأمور لا تسير على ما يرام، والاستجابة الضعيفة لأزمة الجائحة هي فقط المشكلة الأكثر حدة التي تواجهها البلاد. ما يزال الاقتصاد يكافح من أجل إيجاد موطئ قدم له ولا تساعده التدخلات غير الحكيمة التي يواصل أردوغان القيام بها في البنك المركزي، ما يقلل من شهية المستثمرين المتبقية لاغتنام الفرصة في تركيا.
    تستمر الديمقراطية في البلاد في التدهور على جبهات متعددة، سواء كان ذلك في مجال حقوق المرأة أو الاعتداء المتزايد على السياسيين الأكراد. من الواضح أن أردوغان يشعر بالضغط، لكن أفعاله لا تحرك الإبرة في يساعد فيه نفسه أو يساعد تركيا على نطاق أوسع.