التربوية الأسرية تؤثر على شخصية الطفل

التربوية الأسرية تؤثر على شخصية الطفل
التربوية الأسرية تؤثر على شخصية الطفل

 

عمّان- يدرك الطفل خلال سنوات حياته الأولى مشاعر المحيطين من حوله، ولعل من أهم الأشخاص الذين يتأثر الطفل بمشاعرهم نحوه والديه.

اضافة اعلان

ويشكل إدراك الطفل لهذه المشاعر مفهوم الطفل عن نفسه، وعن العالم الذي حوله وعن مكانه في هذا العالم. فالطفل الذي يعامل من قبل والديه بسلبية وبازدراء، يتشكل لديه مفهوم سلبي عن ذاته في مختلف مراحل العمر، بينما الطفل الذي يعامل بإيجابية وتقبل فإنه يطور اتجاهات إيجابية نحو تقبله لذاته مما يطور مفهوماً ايجابيا للذات.

فالطفل ينظر إلى ذاته ويتقبلها بنفس الدرجة التي يتقبل بها أعضاء أسرته له، ويلعب تقبل الذات دورا هاما في أمن الطفل العاطفي. فالأطفال الذين يعيشون في أسر يتصف جوها بعدم تقبل الطفل ونقده نقدا حادا، فإنهم يميلون إلى تقبل هذا التقدير السلبي لأنفسهم، ولذا فإن لاتجاهات الآباء نحو أبنائهم في مرحلة الطفولة المبكرة تأثيرا كبيرا في تحديد الدرجة التي يستطيع الطفل بلوغها في تطوير مشاعره وتقبل ذاته مما ينعكس على  تكييف الطفل من الناحية الاجتماعية أو العاطفية في المجتمع، الذي يعيش به.

فالطفل في النهاية يتأثر بما يسود جو أسرته من هدوء أو خصام، فإذا كان الجو محاطا بالمحبة والهدوء نشأ الطفل هادئا، وأما إذا كان الجو الذي يعيش فيه الطفل مشحونا بالمشاجرات والانفعالات القاسية، فإنه ينشأ عصبيا مضطربا، وقد ثبت أن هذه الأجواء في مرحلة الطفولة المبكرة تشكل مرجعية لجنوح واضطرابات الشخصية في المستقبل. وقد دلت الدراسات العلمية التي أجريت على الأطفال الجانحين على أن أكثرية هؤلاء الأطفال تأتي من بيوت تكون فيها الأسرة مفككة، أو يكون الأب قليل العناية ببيته وأطفاله، وسريع الغضب كثير الضرب، ظالما، قاسيا، أو أنهم يأتون من بيوت تكون فيها الأم مهملة لشؤون منزلها، وكثيرة الخروج من المنزل، وقليلة العناية بأولادها، أو غير ذلك من مظاهر التحلل العائلي، كما أن فقدان الطفل للمحبة، الذي ينشأ في حالات كثيرة بسبب الاضطرابات التي تسود العلاقات بين أفراد الأسرة، هو سبب هام من أسباب الاضطرابات النفسية والانفعالية وخروج الطفل عن المجتمع وانحرافه.

ولقد بين عدد من الدراسات، على أن الأطفال الذين ترعرعوا في أجواء أسرية يسودها التعاطف والتفاهم يتميزون عن الأطفال الذين ترعرعوا بأجواء أسرية متوترة واستبدادية بأنهم: أكثر اعتمادا على النفس وميلا إلى الاستقلال والمبادرة. فضلاً عن أنهم أكثر قدرة على الانهماك في نشاط عقلي تحت ظروف صعبة. وهم أكثر تعاونا مع الآخرين، ومحبوبون من قبل الغير بشكل أكبر. وأنهم ودودون، وأقل اتصافا بالسلوك العدواني. وهم أكثر تلقائية وأصالة وابتكار.

وهناك دراسات كشفت عن وجود ارتباط كبير بين معدلات ذكاء الأطفال في مراحل مختلفة من الأعمار ونوع المعاملة التي كانوا يجدونها من أمهاتهم في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث تبين أن استعمال الأمهات لأساليب القسوة والشدة في معاملة أطفالهن ما بين (2-3) سنوات من العمر، يرتبط بانخفاض في معدلات ذكائهم في مرحلة الرشد.

إن المصلحة الحقيقية للطفل تتطلب من الوالدين أن يمنحاه الحب والعطف والرعاية اللازمة من دون مبالغة في ذلك، لكي يضمنا النمو الطبيعي له، الخالي من كل التأثيرات السلبية.

د. أميمة محمد عمور