التربية والتنشئة الإعلامية

إيمان عارف العتيبي يساهم الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع مساهمة فعالة في نشر الأفكار والآراء والتوجهات ونظرا للتقنيات الحديثة فإنه أصبح عاملا أساسيا في نقل المعارف والأخبار وسرعة التواصل في أنحاء العالم وعلينا أن نوظف إيجابياته لخدمة أبنائنا وأن نحميهم من سلبياته ومخاطره التي تشوه القيم وتفسد العلاقات وتحرم المجتمعات من جماليات كثيرة. ومن أشد المخاطر التي تواجه أبناءنا الطلبة تلك الناجمة عن الاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الإعلامي والتي تولد العنف في الأوساط الطلابية سواء على الصعيد النفسي أو الجسدي والذي يصعب علاجه، والتربية الإعلامية والوعي الإعلامي خير وسيلة للوقاية من حدوثها لا البحث عن وسائل لعلاجها بعد حدوثها، فالطالب الواعي المدرك والقادر على فهم المضامين الإعلامية وتحليلها يمكنه تفادي مخاطر العنف الإعلامي مما ينعكس إيجابا على المجتمع المدرسي والبيئة المحيطة. ومن المعروف أن المدرسة وكوادرها كانت هي المصدر الوحيد للمعارف والعلوم، إلا أن إحكام الإعلام بتقنياته الحديثة وسيطرته على العالم جعله يسحب البساط من تحت أقدام المدرسة بل والأهل والمجتمع وبدأ يظهر تأثيره الواسع على تنشئة الأجيال وتوجيههم وتربيتهم. فكان لا بد من حملات تتوجه لتربية أبنائنا إعلاميا ورفع درجة الوعي الإعلامي لديهم حتى لا يجرفهم التيار دون أن يدركوا إلى اين هم متجهون. فكيف نستطيع أن نربي أبناءنا إعلاميا لمواجهة هذا التيار الإعلامي المتسارع؟ وما هو دور المؤسسات التربوية في هذا المجال؟ إن الوعي الإعلامي لا يتأتى دون وضع الخطط المدروسة وتنفيذها من قبل مختصين مدربين في مؤسساتنا التربوية، واعتماد التربية الإعلامية كمساقات ومقررات للتدريس تغرس الوعي في أبنائنا منذ الصغر وتكبر معهم، وهذه التربية هي حق لكل مواطن - كما ترى اليونسكو- بسبب سلطة الإعلام وسرعة انتشاره وتأثيره الواسع، فدون الوعي الإعلامي قد ينشأ لدينا جيل غير مدرك لما يدور حوله في عالم تتجاذبه الأهواء والمصالح والصراعات. وكون الوعي الإعلامي مهارة ترافق الأجيال طيلة حياتها فلا بد من إكساب أبنائنا لهذه المهارة لتوظيفها في فهم وتفسير وتحليل المضامين الإعلامية ليتمكنوا من تمييز الخبيث من الطيب، ويتم من خلال هذا الوعي نشر ثقافة الحوار بين أبنائنا ليكونوا إيجابيين ومشاركين فاعلين في تنمية وتقدم مجتمعهم. وقد نتساءل عن الأساليب التي يمكن أن تتبعها مدارسنا ومؤسساتنا التربوية للتربية الإعلامية، فأول ما يتبادر للأذهان هو الاختيار الواعي للوسائل الإعلامية واعتماد التواصل الإعلامي كوسيلة للتعبير عن الذات بوعي وإدراك، وتصميم برامج توعوية للأسرة للتعامل مع وسائل الترفيه والتقنيات الحديثة لتوجيه الأبناء لما يتناسب مع قيمنا وثقافتنا وحضارتنا وغرس هذه القيم فيهم. كما أن توظيف التربية الإعلامية والوعي الإعلامي كسلوك للمتعلم وممارسته لهذا السلوك يخلق لديه الإبداع والإتقان مما يساعده أن يكون مشاركا في الإعلام والتعبير عن الذات وإعداد المضامين الإعلامية ومناقشتها وليس متلقيا فقط. وعلينا أن نسأل أنفسنا : من منا كان إيجابيا في إعادة بث فيديوهات إيجابية تزرع اﻻنتماء للوطن واﻷمة؟ وكم مرة ساهمنا دون أن ندرك في بث فيديوهات أو رسائل سلبية تنمي العنف والكراهية؟ أليس من واجبنا أن نتثبت من صحة ما نقرأ ونرى ونسمع؟ أﻻ نكون عناصر بناء ومحبة لوطننا وأمتنا ومجتمعنا بل وعالمنا ؟ وبعد فإننا ندرك العبء الذي يقع على عاتق مؤسساتنا التربوية وأهمية الدور الذي يجب أن تلعبه في تنشئة الأجيال إعلاميا من خلال برامج توعوية تثير فضولهم وتلفت انتباههم لأهمية مشاركتهم بفاعلية ووعي صقل قدراتهم على تمحيص ما يدور حولهم من برامج ومضامين إعلامية واختيار المناسب منها في ظل ثورة (السوشيال – ميديا ) والتي هم جزء منها شئنا أم أبينا، وتمنحهم القدرة على التعبير عن ذاتهم وانتمائهم لوطنهم وتبني القيم والمبادئ التي تحافظ على ثقافة المجتمع وتنميته وبنائه. وكل هذا لا يتأتى إلا من خلال الوعي والتوجيه والتنشئة الإعلامية. وبعد أليس من حقنا أن نشاهد مساهمة مؤسساتنا التربوية في إعداد وتهيئة الأجيال ليظهر أثر هذه المساهمات على مشاركاتهم الإعلامية مستقبلا؟اضافة اعلان