التشكيلي بقاعين ينقل شغفه وإحساسه بالفن للموهوبين الصغار

Untitled-1
Untitled-1

أحمد الشوابكة

عمان- تتجلى عبقرية الفنان التشكيلي سهيل سالم بقاعين في تكثيف الاحساس، حينما تلتقي أعماله في مسارب العقلية والمتعة.
وتقلد التشكيلي بقاعين وسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الثالثة بمناسبة عيد الاستقلال، تقديرا لجهوده الدؤوبة في نهضة الفن التشكيلي واكتشاف مواهب دفينة للطلبة ذوي الإعاقة البصرية، من خلال مبادرة "ما وراء اللون" قبل خمس سنوات في الأكاديمية الملكية للمكفوفين، ثم انتقل لإقامة معرض "قارئ اللون" برعاية جلالة الملكة رانيا العبدالله، وصولاً لـ "عبق اللون".
واستطاع "بقاعين"، أن يبدع في العمل الفني التشكيلي، وبدا ذلك واضحاً في انصياعه بأدق التفاصيل وغوصه في عمق الخيال وفق رؤيا ممنهجة ومنساق مع أشكال اللون في رسم اللوحة المعبرة عن الحالة المراد تشكيله في صورة مبهرة للناظر إليها .
ويركز بقاعين في أغلب لوحاته التشكيلية على إشباع الألوان وقوة التضاد بين الضوء والظل، والمزج بين عناصر الشكل ومضمون بنائها بشكل متوازن ومتلائم ومبدع.
ويعتمد بقاعين في أسلوبه على التعبيرية التجريدية ، وبخاصة الرسم الحركي من خلال ملمس اللون وضربات الفرشاة على العمل أو رسم المساحات اللونية من خلال المساحات والاشكال والالوان وتوظيفها للتعبير عن الحالة الذاتية.
ويرغب التشكيلي في التخلص من كل ما هو يحمل معان للواقعية، ويزيل أي أثر لها، بحسبه "الجسم الكروي في بعض أعمالي تدل على دائرة، ربما كانت كرة أحد الأطفال أو الكرة الأرضية أو نوع من الاستمرارية أو بؤبؤ العين أو ثقب في أحد الجدران أو حتى ثقب في القلب، فكل هذه الكتل ذات الزوايا والتي تعبر أما عن مربع أو مستطيل للحالة المتخلية في عمق الذات".

الفنان سهيل يعلم الأطفال أساسيات الرسم- (من المصدر)
اضافة اعلان


ويؤكد الملقب بـ "حارث اللون" التشكيلي سهيل بقاعين أن أعماله الفنية تؤثر على الملتقي وتكثف الاحساس لديه، حيث تصبح أشكالا وكتلا موجودة وظاهرة ومفهومة، رغم أنها لا تعبر عن حادثة أو مشهد معين، وليست قضية واضحة.
وأسهم بقاعين في اكتشاف مواهب فاقدي البصر الدفينة ، مبتكراً فكرة "الرسم بالشم" لتكون الوسيلة الناجعة لتعليم فاقدي البصر فن الرسم، وذلك من خلال انتقاء ألوان لكل منها رائحة تشير للون (الأحمر: الكرز، الأخضر: النعنع، الأصفر: الليمون)، بحسب ما ذكره لـ " الغد".
ويقول بقاعين شدني اهتمام وشغف ذوي الإعاقة البصرية بالرسم، وكأنهم وجدوا ضالتهم في إبراز مكنونهم الابداعي الداخلي الذاتي، مشيراً إلى أن اكتساب طاقة إنسانية منسجمة مفعمة بالعطاء الإنساني جسدها في تجاربه الفنية من خلال التعامل مع الفن والنبش عن موهبة اللون داخل كل منهم للتعبير عنها، وتم إطلاق العنان لحواسهم المكبوتة، وبدأ الرسم بالبصيرة باعتمادهم على الصورة في مخيلة هذه الفئة من المجتمع
واستطاع في هذه التجربة الاعتماد على مخيلة وذهنية ذوي الإعاقة البصرية لوضعها في الرسومات من خلال انتقاء الألوان عن طريق حاسة الشم، فالأحمر لون الكرز والتفاح، والأخضر لون النعنع، والأصفر ليمون، والبرتقالي برتقال.
ولم يقف إلى هذا الحد بحسبه، بل تم إنجاز أكبر جدارية في الأردن تحت عنوان "قارئ اللون" عرضها 12 مترا وطولها 50 مترا ، وتلاها مبادرة ومعرض "عبق اللون" الذي يأتي استكمالاً لمسيرة خمس سنوات من العمل الدائم مع طلبة الأكاديمية، مشيراً إلى أن قصة "عبق اللون" الذي طبع منها نحو ألف نسخة، هي بمثابة القصة المتنقلة في مدارس المملكة لتعريف الطلبة بقصة نجاح طلاب الاكاديمية، وكيف تحولت الاعاقة الى طاقة.
ونوه بقاعين، إلى أهمية مشروع المتحف المتنقل بالتعاون مع المتحف الوطني للفنون وهو يهدف إلى اتصال الفئات والمدارس ومراكز الإحاطة وذوي الإعاقة البصرية بالفن، من أجل نبذ العنف والأفكار الظلامية الهادمة ونشر الطاقة الإيجابية وثقافة الفنون التي تساهم في خلق الانفتاح الجمالي على الوطن والعالم عند الأطفال وكل الفئات العمرية.
وحرص بقاعين على رفع قدرات الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في مرسم الأكاديمية، وتحفيزهم على التعبير عن مكنوناتهم وأحاسيسهم بالألوان، الى جانب تعزيز ثقتهم بأنفسهم ودمجهم بالمجتمع من خلال عرض أعمالهم الفنية في معرض "عبق اللون" محلياً وعربياً وعالمياً.
وبدأ بقاعين الذي درس دبلوم في الطيران بتأسيس "دارة سهيل للثقافة والفنون" تهدف إلى تعليم الفن التشكيلي وخصوصاً ذوي الاعاقة البصرية في اللويبدة مجاناً استكمالا لمبادرة "عبق اللون".