التعداد الزراعي واستراتيجية الزراعة

 

أعلنت دائرة الإحصاءات العامة، الأسبوع الماضي، ملخصاً للنتائج الرئيسية للتعداد الزراعي، الذي تم تنفيذه خلال الفترة من 15/3/2017-31/3/2018؛ إذ إن آخر تعداد كان قد أُجري في العام 2007.

اضافة اعلان

بدايةً، أود أن أثني على الجهود الكبيرة التي تبذلها دائرة الإحصاءات في إنجاز هذا التعداد المهم. الملخص يشمل بعض الخصائص العامة وليس التفصيلية، والملاحظات الآتية مبنية على هذه النتائج فقط:

أولاً: ارتفع عدد الحائزين على حيازات زراعية أو أكثر الى أكثر من مائة ألف، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 28 % عن تعداد العام 2007، كما ارتفع عدد الحيازات بنسبة 34 % عن عدد الحيازات في التعداد السابق.

هذا بالطبع، يشير الى أن هناك توسعاً بالنشاط الزراعي، سواء كان مرتبطاً بعدد الحائزين أو عدد الحيازات ذاتها، ويدل على أهمية النشاط الاقتصادي بالزراعة، وأهميتها للاقتصاد الأردني.

اللافت للنظر أن محافظة إربد تستحوذ على ثلث الحائزين على حيازات زراعية تقريباً، تليها العاصمة، ويظهر النشاط الزراعي مهماً في عدد من المحافظات كالكرك والمفرق وجرش والبلقاء وعجلون، بينما تبقى النسبة متواضعة في بقية المحافظات.

ثانياً: هناك ارتفاع ملحوظ بعدد ونسبة الحائزات الزراعية في العام 2017 وبزيادة 73 %، بينما تصاعدت ست مرات ونصف المرة عن العام 1983.

ثالثاً: بالرغم من الزيادة الكبيرة بأعداد الحائزين، إلا أن 15 % من إجمالي الحائزين يمتهنون الزراعة كمهنة، والبقية يستخدمون عمالاً بأجر، وهذا تحوّل كبير يشير إلى دخول النمط التجاري أو الرأسمالي في النشاط الزراعي، وهذا مؤشر يحتاج الى قراءة معمقة أكثر بعد إعلان النتائج كاملة.

رابعاً: تستحوذ الأشجار المثمرة على نسبة 27.7 % من مجمل الأراضي الزراعية، تليها المحاصيل الحقلية بنسبة 25.5 %، واللافت للنظر أن نسبة 27 % من الحيازات الزراعية تركت بوراً؛ أي أنه لم تتم زراعتها بعام التعداد، وباقي الأراضي توزعت زراعة الخضراوات المكشوفة والمحمية.

خامساً: من النتائج المهمة في هذا التعداد، وجود تركز في الحيازات الزراعية؛ إذ إن أقل من واحد بالمائة (0.6 %) من الحائزين يمتلكون 41.5 % من إجمالي الحيازات الزراعية، بينما بالمقابل فإن نسبة 74.1 % من الحائزين هم من الملاك الصغار، ولا يتجاوز مجموع حيازتهم 8.3 % من إجمالي الحيازات الزراعية.

سادساً: بالرغم من زيادة عدد الحائزين والحيازات الزراعية مقارنة بالعام 2007، إلا أن هناك تراجعاً كبيراً بحجم الحيازات الزراعية مقارنة بالعام 1983؛ إذ تراجعت المساحة الزراعية من 3.6 ملايين دونم العام 1983 الى 2.8 مليون دونم العام 2018، وبنسبة تقدر بـ22.2 %.

من الملاحظات المهمة على هذه النتائج، أن الرقعة الزراعية في تقلص بشكل كبير، ما قد يكون سببه تفتت الملكية الزراعية، والتوسع العمراني غير المدروس، الذي في حال استمراره ستكون له آثار سلبية بالغة على الأمن الغذائي الوطني، فضلاً عن أثره على المزراعين أنفسهم.

أما الملاحظة الثانية، فترتبط بالتحوّل الكبير في النمط الاقتصادي للزراعة؛ إذ من الواضح أن النمط التجاري والرأسمالي بدأ يستحوذ على نسبة كبيرة من النشاط الزراعي، وهذا بحد ذاته ليس مشكلة، ولكن ما يجب معرفته هو حجم التحول بالنسبة لنوعية المحاصيل الزراعية، وأثر ذلك مرة أخرى على الأمن الغذائي.

النتائج المهمة التي أفضى إليها التعداد الزراعي، يجب أن لا توضع على الرف كغيرها من المعلومات المهمة التي تنتجها دائرة الإحصاءات العامة، بل أولاً، يجب أن تخضع للدراسة والتحليل من جانب المتخصصين من جانب، وأن تدخل مخرجاتها الاستراتيجية الزراعية بخاصة، والخطط الاقتصادية بعامة.