التعديلات الدستورية وازدواجية الجنسية

نشرت صحيفة الرأي صباح يوم الاثنين الماضي تقريراً يبين الاحتمالات المتاحة أمام من يحملون جنسية أخرى غير الجنسية الأردنية، ويحتلون مواقع لا يجوز فيها ذلك، وهي الوزارة، والمناصب في حكم الوزارة، والعينية، والنيابة.اضافة اعلان
وأوردت الصحيفة ثلاثة احتمالات يمكن أن يرسو عليها التفسير النهائي، وهي إنهاء الخدمة في تلك المناصب فوراً وحكماً، أو منح مهلة لتسوية الأوضاع أمام الراغبين بذلك، أو القول إن النصوص الدستورية الجديدة تسمح للذين احتلوا هذه المراكز قبل تعديل الدستور بالاستمرار فيها حتى نهاية مددهم.
وهذا وضع مقلق، وحتى تتكون المحكمة الدستورية، وتنظر في الموضوع، فإن الخيارين الثاني والثالث قد ينطويان على مخاطر كثيرة. فماذا لو حكمت المحكمة الدستورية أن الوزراء تنتهي خدماتهم بمجرد نشر التعديلات في الجريدة الرسمية؟ إن مثل هذا الاحتمال سيفتح الأبواب مشرعة على كثير من القضايا في المحاكم، والاحتجاجات على كل قرار وقعه أو شارك في توقيعه وحتى نقاشه أي شخص استمر في تحمل مسؤولياته بعد ذلك لأن في هذا مخالفة واضحة للدستور.
ماذا لو وقع وزيرٌ يحمل جنسية أخرى اتفاقاً بملايين الدنانير، فهل سيصبح مثل هذا القرار قابلاً للطعن؟ ماذا لو نسب بإحالة موظف الى التقاعد المبكر؟ وماذا لو أجرى مناقلات داخل وزارته لم تُرْضِ بعض الموظفين فاشتكوا أن هذا القرار غير دستوري لأن صاحبه يحتل موقعه بخلاف الدستور؟.
وماذا لو وقع هذا الوزير اتفاقية دولية؟ فما الذي سيكون عليه الحال لو أن أردنياً تحدى تلك الاتفاقية بأنها توقع ضرراً به فحكمت المحكمة الأردنية لصالحه ضد الحكومة، لأن الاتفاقية لاغية، وماذا بشأن الجهة الدولية التي وقعنا معها ذلك الاتفاق لو رفعت علينا قضية بأننا تراجعنا عن التوقيع؟.
هذا بعض من الاحتمالات التي يمكن أن تحصل، ويستحق السيد طلال أبو غزالة التقدير على تقديمه استقالته. وأنا واثق أن شخصاً مثله لا بد أنه بحث وناقش وتوصل الى القناعة بأن وجوده في مجلس الأعيان لم يعد ممكناً.
وحتى بافتراض أن بالإمكان منح الوزراء والنواب والأعيان وغيرهم ممن يحملون الجنسية المزدوجة فرصة لتعديل أوضاعهم، فماذا عن الفترة التي يقضونها وهم يؤدون أعمالهم فيها بحكم مناصبهم ومواقعهم قبل أن يتمكنوا من تعديل الأوضاع؟.
ماذا لو قرر شخص يحمل حالياً جنسية أخرى، ولا يحتل منصباً، أن يبقي فُرَصَهُ لذلك المنصب مفتوحة، فإن عليه أن يتنازل عن تلك الجنسية الأخرى. وبالطبع فإن النص الدستوري لا يحجب عنه بعد ذلك حق الترشح أو التعيين في تلك المناصب، وذلك لأن وضعه سيكون منسجماً مع نصوص الدستور الجديدة. إذا، فالعبرة هي التوافق بين وضع الشخص والنصوص الدستورية سارية المفعول. ولذلك فإن استمرار النواب والأعيان والوزراء الحاليين في مناصبهم وهم يحملون جنسية أخرى غير منسجم مع الدستور.
وبناء على هذا، وبعد الحديث مع عدد من المستشارين القانونيين، فإنني أميل الى الاعتقاد بأن احترام الدستور ونصوصه لا يسمح بالتذاكي عليه. إن على الوزراء ومن هم في منزلتهم، والأعيان والنواب الذي يحملون جنسية غير أردنية أن يفصحوا عن أنفسهم، ولا داعي لقبول استقالاتهم لأن خدماتهم قد انتهت حكماً.
إننا نحيا في وقت تتغير فيه الأمور بسرعة، ما يرفع درجة القلق والحساسية. وتشكل التعديلات الدستورية التي أجريت البوابة الكبرى لذلك الإصلاح، إن لم يكن عمودها الفقري.
إننا بحاجة أن نثبت بإجراءاتنا احترامنا لتلك النصوص الى حد التقديس. فلنثبت ذلك بتطبيق الأحكام المتعلقة بالوزراء والنواب والأعيان.