ضيوف الغد

التعليم المنزلي ودور الوالدين كمعلمين

إيمان العتيبي

الأحداث العالمية أغلقت المدارس وطلاب العالم خارج أسوار المدارس، وهي فترة يمكن تمديدها. والملايين من الطلاب في البلاد خارج المدرسة ويطلب من الآباء التدخل لدعم تعلمهم، وهذا تحد كبير.
في أسابيع التعليم عن بعد، نكتب الكثير عن رفاهية الطلاب وحاجاتهم. ولكننا هنا سنأخذ لحظة لتناول رفاه الوالدين، ولا سيما الآباء الذين يجدون أنفسهم الآن -مع القليل من التحذير أو بدون تحذير- يدرسون أطفالهم في المنزل.
وهذا يدفعنا للبحث عن أساليب ناجحة للموازنة بين دور الوالدين والمعلم لإنجاح عملية التعليم في المنزل، وحيث إن العلاقة بين الوالدين والطفل تأتي أولا، فلا بد أن تكون خطوتنا الأولى هي تذكر أن هذه العلاقة هي ما تجعل الأبناء أكثر استعدادا لقبول آبائهم في دور المعلم إذا شعروا بالأمان في تلك العلاقة. فدور الأم والأب كمعلم أو معلمة للأبناء في المنزل قد يبدو أقل رهبة من دور المعلم كونهم أكثر قربا منهم في تقبل أسئلتهم واستفساراتهم ومساعدتهم على إيجاد الإجابة، فتدريس الأبناء ليس دورا غريبا كما يعتقد بعض الآباء، لأنهم بالفعل من نواح كثيرة مدرسون، فالأب هو المعلم الأول والأهم للأبناء، ولدى الآباء فرصة للاسترخاء وقضاء الوقت مع أطفالهم تكون جزءا من تعليمهم.
في الوقت الذي يحصل فيه بعض الطلاب وأولياء الأمور على التوجيه والدروس من المدارس، فإن البعض الآخر لا يحصل عليه. وبما أنه ليس من الواضح في هذا الوقت إلى متى سيتم إغلاق المدارس، وإذا لم يرغب الآباء في تواجد أطفالهم أمام الشاشة طوال اليوم، ولم يحصلوا على أي توجيه من مدارس أطفالهم، فماذا يمكنهم أن يفعلوا؟
إن هناك الكثير من المواد التعليمية عبر الإنترنت متاحة مجانا مثل (مدرسة)، وهي منصّة تعليمية إلكترونية رائدة توفِّر محتوى تعليمياً متميزاً باللغة العربية في مادتي العلوم والرياضيات، ومتاحة مجاناً لأكثر من 50 مليون طالب عربي أينما كانوا، ولكن هناك أيضا العديد من الفرص التعليمية التي ليست دروسا أساسية والتي قد يبدع الطلاب من خلالها، فلا يجب أن يبدو التعليم المنزلي مثل المدرسة العادية، لذا علينا أن نعتمد عقلية تتناسب مع التعليم المنزلي.
إن العائلة والأصدقاء يمكنهم أيضا المشاركة، والدة تعلم أطفالها التاريخ والإنجليزية عبر الإنترنت، وجدتهم تقوم بتعيين الواجب المنزلي وهي على استعداد للإجابة عن الأسئلة عبر الهاتف، والأصدقاء يتشاركون من خلال وسائل التواصل بمناقشة الدروس والواجبات، والابتكار بالفن والموسيقى وكتابة الرسائل للأقارب، فهناك الكثير من الأمور التي نغفلها حين ننحصر في العقلية المدرسية، والتي تساعد على التخفيف من الشعور بالوحدة وتعطي شعورا بالراحة.
ونظرا لوجود فلسفة واحدة مشتركة بين العديد من طلاب التعليم عن بعد، وهي أن العالم عبارة عن فصل دراسي وأنه لا يوجد خط فاصل صارم بين الحياة والمدرسة، ولعدم إمكانية تأمين فرص متكافئة لجميع الطلاب فإنه يترتب على أولياء الأمور دور كبير في تفعيل التعليم المنزلي وتهيئة أبنائهم للتفاعل معه.
ولا بد هنا من الإشارة إلى الأهمية القصوى للانضباط المنزلي في سياق «التعليم المنزلي»، فالانضباط المدرسي هو عنصر حاسم في عملية التعلم، وهو كذلك عند الأسرة التي تسعى لتعليم أطفالها في المنزل، وهناك عدد من الطرق التي نحاول فيها إبقاء أطفالنا على المسار الصحيح والبقاء ضمن حدود الانضباط المراد لتحقيق الأهداف المرجوة إذا أردنا حقا أن نرسي عادات عمل جيدة لأطفالنا في الحاضر والمستقبل.
الآباء والأمهات اليوم هم المسؤولون عن دعم وإنجاح مسيرة التعليم المنزلي وتحقيق أهدافها المرجوة.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock