التفكير والتحليل الزائد بفترة الحجر.. هل يتحولان إلى نقمة؟

figuur-i
figuur-i
ديمةمحبوبة عمان- مع انتشار فيروس كورونا الذي بات حديث العالم، وارتفاع عدد الإصابات والوفيات في دول عدة، تحول بين ليلة وضحاها لـ"كابوس" يسكن القلوب والعقول، ويشغل العقول ويبدد الأمان الذي كان يشعر به الفرد، مع ابتعاده عن عاداته اليومية. ويصبح التساؤل: كيف يمكن تخطي القلق بعيدا عن التفكير الزائد والتحليل طوال الوقت؟ تداول الأخبار بشكل مستمر عن هذا الفيروس، والتحذيرات الدائمة على ضرورتها، يجعل الفرد يحلل كل ما يأتيه، وكل قرار تتخذه الحكومة حول حظر التجول، والابتعاد الاجتماعي، والإجراءات الصحية الوقائية، والتي يتوجب على كل فرد أن يقوم بها جميعها، مما يجعله داخل هذه الدائرة الضيقة من التفكير.. وإلى متى سيستمر هذا الأمر. ويتفق خبراء الاجتماع مع خبراء النفس على أنه ومع ما يحدث في العالم ككل، وجراء هذه الجائحة، والحظر المنزلي الإجباري، أصبح التحليل المستمر أكبر ما يولد الضغط النفسي والسلبية، ويمكن أن يوصل الإنسان إلى الاكتئاب والرهاب الاجتماعي. وعليه يؤكد اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع، أن ما يتحدث عنه اليوم ليس الضغط النفسي جراء عدم الخروج أو توقف الحياة الروتينية واتباع أسلوب حياة جديد، وإنما من كثرة التفكير والتحليل والخوف من القادم والمجهول، والخوف حتى من فقدان الأحبة. ويضيف "ومع سماع الكثير من أخبار العالم والأرقام المتزايدة بالإصابات وحالات الوفاة، يجعل الناس في حالة صمت ويفكرون.. أين نحن، وماذا يحدث وهل من الممكن أن يجعل هذا الشيء غير المرئي العالم يتوقف، مع نهايات تعيسة بسبب حصاد هذا الفيروس أرواح الآلاف بشتى أنحاء العالم، أم أنها فترة مؤقتة وستعود الحياة إلى ما كانت عليه؟". ومع الأخبار المتكررة التي تأتي من المنظمات العالمية، وعلى حد تعبير جريبيع، فإن العالم فعلا بات صغيرا، وإن الأخبار وسهولة تناقلها تجعل المعلومة سهلة الوصول والتأثير، وخصوصا مع إعلان منظمة عالمية تعنى بالصحة أن هذا الفيروس خطير جدا، ولا وجود لدواء له حتى اللحظة، وأنه يصيب أكثر الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، أو كبار السن أو الحوامل. ويتابع "جميع هذه الفئات ستكون في حالة تأهب وخوف حقيقي من الفيروس، وهذا يجعلها تعيش داخل دوامة من التفكير السلبي". ويؤكد جريبيع أن نسبة كبيرة من الناس لديهم قلق وخوف من هذا الفيروس، مما يجعلهم أكثر حرصا وخوفا على أنفسهم ومحيطهم، وأكثر حرصا على سلامتهم النفسية والجسدية لعدم وقوعهم وأحبابهم في شرك الفيروس. ويؤكد اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، أن سهولة وصول الخبر بين الناس والتعداد للإصابات حول العالم، وخصوصا في دول العالم العظمى، جعلت كثيرا من الناس يشعرون بالهلع والخوف والقلق، وأحيانا كثيرة ما يكون خوف الفرد ليس على نفسه بل على أحبائه أو أقربائه أو ذويه أو أطفاله. ويرى مطارنة أن العديد من الحالات النفسية أصبحت تحت السيطرة، فمثلا من لديه رهاب الخروج والتقاط المرض، أو من لديه كآبة من الحجر المنزلي، ومن يعاني من ضغوطات الحياة التي تراكمت عليه، كالاهتمامات المنزلية والدراسية والاجتماعية، عدا عن خوفهم على الأهل والأصدقاء، وجميع هذه الأمور تجعل الفرد يبحث عن طريق آمن للابتعاد عن الكآبة والحالة النفسية السلبية، ومن هذه الطرق اللجوء للنكات، وما يسمى بالكوميديا السوداء، فهي تخفف الكثير عن الناس وتجعلهم يفرغون غضبهم وخوفهم بطريقة إيجابية. ويؤكد أن الناحية النفسية اليوم، هي ردة فعل على تغيير نمط الحياة اليومي، وتقليل الأنشطة الاعتيادية، كما أن هذا الحجر المفروض أيضا يمثل حالة من التوتر والقلق لكثير من الأفراد وتحديا كبيرا على مستوى الإنسان الذي تعود على الحرية والتنقل وممارسة حياته بشكل طبيعي. ويشير مطارنة الى أن الإنسان يشعر أحيانا بالقلق والتوتر والترقب والشرود الذهني وعدم القدرة على التركيز والانتباه واضطرابات النوم، ذلك بسبب التفكير المتواصل بالفيروس والخوف من الإصابة. ويلفت إلى أن الناس، وبعد صدمة كورونا، بحاجة حقيقية للدعم النفسي، وإعادة الثقة بالكثير من الحركات الحيوية التي كان يقوم بها الفرد من دون التفكير، وأهمها التنقل براحة ومن دون خوف.اضافة اعلان