التلفزيون: لا مجال للإصلاح!

لا نعرف ما إذا كان على أجندة السيد ناصر جودة، الرئيس الجديد لمجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتفزيون، هدف يتعلق بإصلاح التلفزيون، فالحقيقة أن الأمر ليس مهماً، إذ سواء حمل هذا الهدف أم لم يحمله فإن النتيجة ستكون واحدة، وهي عدم إنجاز أي إصلاح فعلي، لأن إصلاح التلفزيون الرسمي يكاد يكون "مهمة مستحيلة".

اضافة اعلان

التلفزيون، مثله مثل مؤسسات الإعلام الرسمي الأخرى، عصي على الإصلاح، ذلك أن الخلل فيه بنيوي ومتغلغل. وما يؤكد هذا، أن كثيراً من "المشاهدين" المفترضين، ظلوا يتخذون موقفاً ثابتاً من التلفزيون الرسمي على مدار السنوات الأخيرة، مفاده أنه تلفزيون باهت يعزفون عنه، ولا يلتقون بشاشته إلا مصادفة، هذا رغم أن ثمة شواهد تؤكد تغيّر أحوال ما يُعرض على الشاشة، نسبياً، مع تغيّر مجلس إدارة "الإذاعة والتلفزيون" من مرحلة إلى أخرى، حتى أن بعض استطلاعات الرأي كانت أشارت إلى ارتفاع نسبة مشاهدي نشرة الأخبار الرسمية، مثلاً، في الفترة بين عامي 2004 و2006، وهي التي تولى مصطفى الحمارنة، المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، رئاسة مجلس إدارة المؤسسة خلالها.

لكن ذلك أيضاً، على أهميته، لا يحجب حقيقية مفادها أننا، نحن المشاهدين المفترضين، لا نحب تلفزيوننا الرسمي، ونعتبر مشاهدته إضاعة للوقت، وخضوعاً طوعياً لواقع غياب المعلومة الكاملة، الذي خضعنا له كرهاً سنوات طويلة، قبل أن تبلغنا نعمة الفضائيات والإنترنت وحرية الوصول إلى الحقيقة.

إن أيا من الذين يتولون إدارة التلفزيون، لا يتحملون، في الحقيقة، مسؤولية مباشرة عن هذه النتيجة النهائية، ذلك أن مشكلات التلفزيون مقيمة فيه، ورثوها من مراحل سابقة، من دون أن يعطوا صلاحيات حقيقية لتغييرها، أو ضوءاً أخضر لتصحيحها.

أسبوعية "السّجل"، التي يرأس مجلس إدارتها حالياً، مصطفى الحمارنة نفسه، قالت في عدد سابق قبل أسابيع، كلاماً مهماً عن الإعلام الرسمي بعامة، والتلفزيون الرسمي بخاصة. فقد اعتبرت أن تعيين جودة في هذا الموقع الجديد، وهو الوزير والناطق الرسمي، معناه أن الحكومة أقلعت عن سياسة التمويه التي اتبعتها الحكومات السابقة، وكانت توحي من خلالها بعدم تدخلها في سياسة المؤسسة، وترك القرار فيها لمجلس الإدارة، وباتت تعلن صراحة أن التلفزيون الرسمي هو مرآة الحكومة، لا صوت الدولة.

وخلاصة القول أن الحمارنة يعكس من خلال صحيفته، ما كان خبره على أرض الواقع في "تجربته التلفزيونية"، مؤكداً ما قيل ويقال عن عدم وجود نية حكومية حقيقية لإصلاح الإعلام الرسمي، وعلى رأسه التلفزيون، رغم كل تلك التصريحات التي ما تزال تطرق آذاننا منذ سنوات عن استقلال الإعلام، وهي تصريحات لم تكن تمنع حتى توسط بعض "المسؤولين" في اختيار المذيعة التي ستقرأ نشرة الأخبار، كما تنقل الصحيفة على لسان عضو سابق في مجلس إدارة المؤسسة، في إشارة أخرى لمشكلة إدارة الموارد البشرية والكفاءات الإعلامية في المؤسسات الرسمية، التي تتسبب بها المحسوبيات، فتجعل ما يظهر على السطح من صورة الإعلام، أمام الجمهور، مهلهلاً ومرتبكاً، فيكون ذلك بحد ذاته سبباً كافياً لعزوف ذلك الجمهور عن المشاهدة، فما بالك حين يقترن الأمر بمحتوى إعلامي ضعيف مقارنة بما هو متوفر في ساحة الفضائيات؟!

كل هذه المؤشرات، تفيد بأن شيئاً لن يتغير على شاشة التلفزيون الرسمي خلال الفترة القادمة. هل ثمة من هو معني بهذا من جمهور المشاهدين؟! بالطبع لا، فهناك عشرات المصادر البديلة لمعرفة الأخبار المحلية، تقدم معلومات أكثر صدقية وتفصيلاً، وهناك مئات المصادر البديلة لمعرفة الأخبار الخارجية، وللحصول على الترفيه والتسلية، ما يعني أن الزمن قد تجاوز –للأسف- كل تبشير بإصلاح التلفزيون وتجديده.

[email protected]