التمويل الأصغر مدخل للحد من الفقر والبطالة

غسان الطالب*

سبق وأن تطرقنا في مقالات عدة للحديث عن أهمية التمويل الأصغر في اقتصاديات التنمية خاصة للدول النامية، في الوقت الذي ما يزال هذا القطاع المهم يعاني من غياب الاهتمام الرسمي والمصرفي ويواجه مجموعة من التحديات أهمها؛ عدم القدرة على مواجهة مؤسسات الإقراض الكبرى والمتخصصة في وطننا العربي خاصة، وبعض المجتمعات الإسلامية عامة؛ حيث لا ترغب هذه المؤسسات في تقديم نموذج تمويل أصغر وفق أحكام الشريعة الإسلامية وغير مقتنعة بتحمل المخاطر التي تعد مرتفعة على أساس المشاركة أو المضاربة، علما بأن هذه المؤسسات تمتلك أكثر من ثلثي محفظة التمويل الأصغر في الوطن العربي على وجه الخصوص وصاحبة نفوذ قوي في رسم القوانين والتشريعات التي تخدمها وترسخ هيمنتها وانفرادها في هذا النوع من التمويل بشقيه الفردي والجماعي. كما شهدنا منذ أعوام عدة انتشارا وتوسعا لها اعتمادا على بعض الجهات المانحة والداعمة لهذه الصيغة من التمويل.اضافة اعلان
فالتمويل الأصغر الإسلامي في وضعه الحالي لا يمثل أكثر من 0.05 % من مجموع التمويل الأصغر في الوطن العربي، علما بأنه يمثل بديلا مقبولا ذا أهمية معتبرة من الفئات كافة غير المستفيدة من التمويل الأصغر التقليدي، وذلك لبحثهم عن سبل التمويل الحلال لمشاريعهم وفق الشريعة الإسلامية، ويمكنهم من توفير القدرة المالية لهم خاصة ذوي الدخل المحدود منهم، والاستفادة من الخدمات المالية غير المتاحة لهم من مؤسسات التمويل التقليدية وذلك لتدني دخولهم.
كما تتيح لهم زيادة دخلهم الأسري وبما يمكنهم من مواجهة الإنفاق المتصل بالتعليم والصحة والغذاء، وبدون ذلك فإن النتيجة بكل تأكيد تنعكس على الاقتصادات الوطنية من زيادة معدلات البطالة وعدم القدرة على الإنفاق لحاجاتهم الضرورية، مما يتسبب في زيادة الفقر والأمية وتراجع التنمية الاقتصادية وهكذا.
ومن هذا المنطلق؛ فإننا نرى أن الاهتمام بالتمويل الأصغر كونه يمثل قطاعا إضافيا للصناعة المصرفية الإسلامية ورافدا لها، يمكن أن يسهم بشكل ملحوظ في زيادة العائد المادي لمؤسساتنا المالية الإسلامية، كما ويحقق عائدا اجتماعيا للمجتمع يسهم في تخفيف ضغوط الفقر والبطالة وما يترتب عليهما من مشاكل اجتماعية.
ولتجاوز التحديات التي تواجه هذا القطاع ليأخذ المساحة المناسبة له من الاهتمام ويؤدي دوره التمويلي المنشود، فإننا نقترح على المؤسسات المالية الاسلامية ما يلي:

  • البحث عن المشاريع المتميزة الصغرى التي تتيح لهم إعطاء نموذج ناجح لهذا النوع من التمويل وكذلك إعطاء فرصة لاختيار الأدوات المالية المناسبة لذلك.
  • الدخول إلى سوق تبادل معلومات التمويل الأصغر لطرح منتجات التمويل الإسلامية التي يمكن لها أن تنافس في النتائج مع التمويل الأصغر التقليدي.
  • العمل على تدريب وتهيئة العاملين في قطاع التمويل الأصغر الإسلامي وبناء قدراتهم الذاتية لإعطاء هذا النوع من التمويل ما يستحقه من اهتمام وتسويق منتجاته.
  • انتهاج سياسات توعوية وتسويقية خاصة في المناطق الريفية والمحرومة من خدمات التمويل الأصغر، وتقديم الخدمات المالية التي تتيح لهم وتمكنهم من القيام بمشاريع صغيرة تسهم في زيادة مدخولاتهم الأسرية وتحد من مشكلة الفقر والبطالة.
  • عمل دراسات ومسوح ميدانية للوصول إلى المناطق التي بحاجة إلى هذا النمط من التمويل، وخاصة في مناطق الأرياف والقرى البعيدة والمحرومة من الخدمات المالية.

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي