التهرب من المسؤولية

أصبحنا نضع أيدينا على قلوبنا عندما تهطل أمطار الخير على وطننا الحبيب.. فبعد التجارب المريرة في موسم الشتاء الأخيرة، وكان آخرها في 28 شباط (فبراير) الماضي عندما غرق وسط عمان، وتضررت العديد من المناطق بالمملكة. لذلك، عندما تزايد هطول الأمطار أول من أمس الخميس، تخوف الجميع من تكرار هذه التجارب المريرة، ومنها التجربة الأشد بمرارتها، سيول البحر الميت والتي راح ضحيتها 22 شهيدا، غالبيتهم من الأطفال الذين مازالت أسرهم تنتظر محاسبة شديدة لكل من قصر أثناء تلك المأساة. واليوم السبت، تتأثر المملكة بمنخفض جوي من الدرجة الثالثة بحسب موقع "طقس العرب"، والذي يعني أمطارا غزيرة، وسيولا، ما يجعل الجميع يتخوف مرة أخرى، من هذه الأمطار التي ننتظرها دائما، ولكننا مؤخرا صرنا نخاف منها، ونخشى أن تتسبب بمآس، نحن بغنى عنها، وسط مآسينا الكثيرة. فالمطر خير، ولكن المؤسف هناك تقصير في الإجراءات التي يجب أن تتخذ لمواجهة تداعيات الأمطار، وللتقليل من الأضرار البشرية والمادية.. ففي منخفض 28 شباط (فبراير) الماضي، غرق وسط عمان، وتسببت الأمطار بأضرار كبيرة لتجار هذه المنطقة، قدرت بملايين الدنانير. وعندما، وقعت المآساة، تسابقت الجهات المعنية، وعلى رأسها الحكومة وأمانة عمان الكبرى للدفاع عن الإجراءات المتخذة من قبلهما لمواجهة تداعيات المنخفض.. وحمل التغير المناخي المسؤولية، وبعضهم حمل التجار.. المهم، إبعاد المسؤولية عن الحكومة واجهزتها المختصة و"الأمانة" بحسبهما. أول من أمس صدر تقريران حول الفيضانات التي أصابت وسط عمان آنذاك، أحدهما للجنة محايدة قامت بها شركة فنية، بطلب من الحكومة، وخلص تقريرها، إلى أن الشدة المطرية التي شهدتها العاصمة آنذاك ليست استثنائية وكان من المفترض استيعابها في الشبكة. وأكد التقرير، أن ثمة عوائق بالتصريف تزامنت مع استمرار للهطول لفترة طويلة نسبيا، ما أدى إلى زيادة الجريان السطحي في الشوارع وتجمع المياه في المناطق المنخفضة. أما أمانة عمان، فكما كان متوقعا، حملت المسؤولية في تقريرها، إلى شدة معدل الامطار التي هطلت في ذلك الوقت، واعتبرت أن معدل التدفق المطري والذي بلغ حوالي 658 مترا مكعبا في الثانية يفوق القدرة الاستيعابية للعبارة اسفل شارع قريش.أي بعبارة أخرى شدة الأمطار مسؤولة عن غرق وسط البلد. الناس، ستصدق تقرير اللجنة المحايدة والتي كلفتها الحكومة بدراسة الوضع، ولن تصدق ومعها حق "الامانة" فهي طرف، وستدافع عن نفسها وإجراءاتها. من الضروري أن نستخلص الدروس والعبر، أي أن نحمل المسؤولية للمقصر، وأن لايهرب أحد من المسؤولية، وأن توقع على المقصر العقوبات المنصوص عليها بالقانون. والأهم من ذلك، أن نعمل من أجل أن لا يرتبط المطر بالمصائب، وأن نتخذ كل الإجراءات التي تحول دون حدوث مثل هذه الكوارث، أو على الأقل تحد منها إلى درجة كبيرة. يكفينا التهرب من المسؤولية، فهذا افقدنا الكثير من الأرواح البريئة التي لم يكن لها أي ذنب بما أصابها، والذنب يقع على الآخرين الذين يجب أن يحاسبوا على تكرر هذه المآسي.اضافة اعلان