التوتر النفسي مشكلة تجب مواجهتها بالطرق الصحيحة

التوتر النفسي مشكلة تجب مواجهتها بالطرق الصحيحة
التوتر النفسي مشكلة تجب مواجهتها بالطرق الصحيحة

عمّان-الغد- قد يشعر العديد من الأشخاص بالقلق حيال القيام بالواجبات اليومية الملقاة على عاتقهم نتيجة لتزايد ضغوطات الحياة ومتطلباتها وتسارع أحداثها.

اضافة اعلان

وقد يتطور هذا القلق في بعض الأحيان إلى توتر وضغط نفسي وهذا أمر طبيعي جدا وخصوصا إذا ما أدرك الإنسان كيف يتعامل مع هذا الضغط النفسي بشكل صحيح، بحيث يتمكن من القيام بالواجبات الملقاة عليه على أكمل وجه.

وفي بعض الحالات قد يتمكن القلق والتوتر من صاحبهما، بحيث يؤثران على سير مجريات حياته وفي هذه الحالة يتحول التوتر النفسي إلى مشكلة تجب مواجهتها بالطرق الصحيحة لحماية الإنسان من تأثيرات التوتر النفسي السلبية والتي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى فشل الإنسان بالقيام حتى بأبسط الواجبات الموكلة إليه.

التوتر

يمكننا تعريف التوتر النفسي بشكل مبسط على أنه المشاعر التي تنتاب الإنسان تجاه موقف أو عمل يشكل تحديا أو تهديدا.

ويعزى سبب هذه المشاعر الداخلية إلى الضغوطات الخارجية أو التغييرات الطارئة التي قد تحدث على روتين الأفعال اليومية.

ولا تكمن المشكلة في الظروف الخارجية فقط وإنما على ردود الفعل الفردية لهذه الضغوط وهذا يتوقف على مدى إدراك الإنسان للتوتر وكيفية التعامل معه.

فلو راقبنا طلاب الثانوية العامة على سبيل المثال نرى أن بعضهم متوترون وخائفون وعاجزون عن الدراسة وكأنهم يغمضون أعينهم ويطبقون أسنانهم متمنين أن تنتهي هذه السنة على خير، بينما نرى آخرين منهم مدركين للتحدي الذي يواجهونه بحيث ينكبون على الدراسة حتى إذا ما أتى وقت الامتحان كانوا على أتم استعداد لمواجهته، وهكذا نرى أن هؤلاء الأشخاص جميعا يواجهون نفس التجربة ونفس الضغط النفسي ولكن ردود أفعالهم تختلف تماماً.

أسباب التوتر

يرى العلماء أن الأسباب الكامنة وراء إحساس الإنسان بالتوتر يمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام وهي:

1.العوامل الديناميكية: وهي الأسباب الناتجة عن الأفكار المكبوتة والنزعات والغرائز التي قد تسبب القلق والخوف عند الإنسان وهي تحدث نتيجة المشاعر والتصرفات والأفكار والخبرات الذاتية والتجارب المتراكمة؛ التي تمكن الفرد من التعامل مع المواقف وتحدد قابليته للتعامل مع التحديات الآنية والمستقبلية.

2.العوامل السلوكية: وهي ما يعرف بالسلوك المكتسب أو التجاوب الشرطي.

3.العوامل الفيسيولوجية: وهي العوامل المتعلقة بتركيب الجهاز العصبي والهرمونات التي يفرزها جسم الإنسان، حيث تؤدي إثارة الجهاز العصبي في الإنسان إلى إفراز نواقل عصبية تعمل كمرسلات كيميائية مثل النورابنفرين (Norepinephrine) والسيروتونين (Serotonin)  والقابا

(GABA) والتي حين تتعطل قد تؤدي إلى اضطرابات في النوم وآلام وأوجاع وأحيانا الإحساس بالكآبة.

ومن الأمثلة الأخرى على العوامل الفيسيولوجية التي قد تؤدي إلى التوتر ضمور الغده الصعترية(Thymus) والغدد الليمفاوية، وكذلك قرح الجهاز الهضمي. إن الغدد الصماء ولا سيما الغدة الدرقية والغدد ما فوق الكليتين تعمل جاهدة من أجل المحافظة على التوازن الداخلي في أجسامنا فهي تبادر فوراً لمقاومة كل هجوم وكل توتر.

4.العوامل الوراثية: ومع أن دور العامل الوراثي في التوتر النفسي ما زال مبهما إلا أن الدراسات العلمية أثبتت وجود عوامل وراثية واضحة في القلق النفسي سيما في مرض الفزع Panic Disorder .

درجات التوتر

يحدث التوتر النفسي عند الإنسان على درجات متفاوتة يمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع هي :

1.الدرجة الأولى: التوتر بالغ الشدة والذي يحدث للإنسان نتيجة لوفاة أحد المقربين أو الطلاق أو الاصابة بمرض عضال.

2.الدرجة الثانية: التوتر الشديد مثل التوتر الذي يحصل نتيجة للتقاعد أو الحمل أو تغيير العمل.

3.الدرجة الثالثة: التوتر المعتدل مثل التوتر الذي يحدث نتيجة للمشاكل التي تحدث مع رب العمل.

4.الدرجة الرابعة: التوتر الخفيف والذي يحدث نتيجة لتغير في ظروف العمل، أو تغيير المدرسة، تغير في عادات تناول الطعام، رهن أو دين بسيط، بعض المناسبات العائلية.

الأعراض

هناك بعض التغييرات الجسدية والسلوكية التي يمكن من‎ ‎خلالها الاستدلال على وقوع ‏الإنسان في براثن الضغوطات النفسية ومشاكل الحياة. على أي‎ ‎حال، هذه الأعراض تختلف ‏بين شخص وآخر، وقدرة الشخص على التعامل مع الموقف الذي نجم‎ ‎عنه التوتر ‏والضغط النفسي ويمكن تقسيم أعراض التوتر النفسي إلى أعراض بدنية ونفسية:

أ‌.الأعراض النفسية وتشمل:‏ الكسل وتراكم الأعمال بدون إنجاز, ونوبات الدوار أو فقدان الوعي, والأرق وقلة ساعات النوم, وفقدان الشهية أو زيادتها, وتقلبات في المزاج, والقلق, وضعف التركيز وسرعة النسيان, والضحك أو البكاء من غير سبب.

ب‌.أما الأعراض البدنية فتتمثل في: تسارع النبض دون توقف, وعرق في راحة اليدين, والصداع الحاد أو المزمن, والرعاش, و"الشري" طفح جلدي يسبب حكة, وتساقط الشعر, واضطرابات في المعدة والأمعاء, وزيادة ضغط الدم, وشحوب الوجه وظهور البقع السوداء تحت العينين, واضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الإسهال أو الإمساك, ومشاكل في التنفس والربو.

العلاقة بين الضغط النفسي والأمراض الخطيرة

أظهرت بعض الدراسات العلمية وجود علاقة وطيدة ما بين التوتر والضغوطات النفسية وبعض الأمراض الخطيرة مثل السكري وأمراض القلب والضغط الشرياني والسرطان، وفيما يلي أحدث النتائج التي توصلت إليها هذه الأبحاث العلمية:

1.مرض السكري والتوتر النفسي:

يعتبر مرض السكري من الأمراض المزمنة واسعة الانتشار, والمشكلة الرئيسة لهذا المرض هو الحاجة إلى ضبط سكر الدم في مستويات معينة، ولكن ونتيجة للتوتر والضغوطات النفسية التي تحدث عند المريض يفرز جسمه بعض الهرمونات مثل «الكورتيزول Cortisol» و«الإبينفرين Epinephrine» اللذين يعملان على زيادة سكر الدم، ما يجعل ضبط مستوى السكر في الدم أمرا في غاية الصعوبة.

2.أمراض القلب والضغظ الشرياني والتوتر النفسي:

قد يؤدي الشعور بالضغط النفسي إلى إصابة بعض الأشخاص بالضغط الشرياني وأمراض القلب المزمنة وبخاصة عند هؤلاء الأشخاص الذين يكبتون غضبهم في المواقف المشحونة، ما يؤدي إلى الإصابة بمرض ارتفاع الضغط وبتقليلها لفعالية الدواء المخفض للضغط والذي يتناوله المرضى المشخصون أصلاً بمرض ارتفاع ضغط الدم.

بالإضافة إلى أن مرضى ارتفاع الضغط لديهم حساسية أكبر لأي شكل من أشكال الضغوط النفسية مقارنة بمن لم يصابوا بهذا المرض. كما أن عودة ضغط الدم إلى مستوياته الطبيعية بعد زيادة بسبب مشكلة نفسية تأخذ وقتا أطول مقارنة بأي سبب آخر!!

3.السرطان والضغوطات النفسية:

أثبتت الدراسات العلمية أن من العوامل المهمة التي تساعد في الشفاء من مرض السرطان الدعم النفسي والاجتماعي الذي يتلقاه المريض، حيث أثبتت بعض الدراسات التي أجريت على نساء أصبن بسرطان الثدي وجود علاقة واضحة بين الدعم النفسي الذي تلقينه أثناء العلاج وشفائهن من المرض.