التوتر النفسي يؤثر على الإنتاجية

المهندس هاشم نايل المجالي

من الطبيعي أن يشعر الانسان بصعوبات في التركيز وتشتت في الذهن وكثرة التفكير اثناء العمل لمجرد وجود ضغوطات نفسية (القوة المجهدة) بسبب المشاكل الاسرية او صعوبة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية او تراكم الديون وعدم القدرة على السداد وهكذا، وهذا كله يؤثر على انتاجية الموظف في عمله وسلوكياته مع الموظفين والمراجعين وغيرهم، وتراكم هذه الضغوط تؤثر على الصحة ايضاً ونجد في سلوكياتهم سوءا في الحوار والنقاش والتفاهم وعدم القدرة على مواجهة اي تساؤلات مهما كانت بسيطة، وعدم القدرة على الابداع في العمل بسبب المؤثرات السلبية على طاقة الانسان ونشاطه اليومي وعلاقته بالعمل والانتاج.اضافة اعلان
القلق والتوتر يسوده وتنشأ عنه مشاكل اسرية ويصبح شخصية سلبية حتى عطاؤه الاجتماعي يتغير ويصبح يميل الى العدوانية في سلوكه وعلاقاته، وغالبية حالات العنف والسلب والنهب والتخريب في المجتمع سببها الازمات النفسية لدى الشخص لاسباب مالية.
لو حسبنا ضعف الانتاجية في المؤسسات بشكل عام لوجدنا انه يكلف الدولة والشركات مبالغ طائلة خاصة المؤسسات ذات التعامل المباشر مع المواطن كالتراخيص والجمارك والمسقفات وغيرها، وضعف الاداء ينعكس لا شعورياً عن طريق اللاوعي لدى الموظف، لما يختزنه من مشاكل وصعوبات معيشية حيث يكون ذلك في العقل الباطن وتظل تتردد على ذهنه طول الوقت لتجده مهموماً وصافنا ويسرح كثيراً ويغادر مكتبه ليزور من يشاركه همومه، ما يترتب سلباً على بيئة العمل واضاعة الوقت والاهمال والتأخر عن الدوام والتسيب وكثرة الاخطاء وعدم الجودة في العمل والانتاج وتأخير المعاملات.
كل هذه وغيرها تمثل امثلة على الاثار المترتبة على سلبية الموظف الذي يتعرض الى ضغوطات نفسية وتوتر وقلق بسبب الظروف المعيشية الصعبة، وتكون صحته ايضاً معرضة للخطر خاصة الجلطات وهناك من يصاب بحالة عقلية متدهورة بسبب التوتر والقلق والضغط من الادارة عليه بسبب ضعف إنتاجيته او عدم التزامه بالدوام، فيتدهور كيانه اي ان الصحة العقلية للشخص في مجال عمله تتدهور، وتجد الكثيرين يسعى للتقاعد المبكر لعدم التوافق النفسي في مجال عمله لان طبيعة العمل تتطلب استعداداً جسدياً ونفسياً وهي مركبات متكاملة فيما بينها وتتأثر الواحدة بالاخرى وتعكس نشاطه وقدراته وسلوكياته واستجاباته لمتطلبات العمل، ويكون هناك تباين واضح بالمصالح بين المسؤول والادارة مع الموظف المتأثر بهذه العوامل النفسية السلبية.
الباحثون وجدوا كذلك ان هناك علاقة بين الضغوط النفسية والموظف او العامل وارتكابه للتخريب المتعمد سواء بالاجهزة الالكترونية كالحاسوب او ماكنة التصوير او السيارة وغيرها او الاسراف بالورق والمستلزمات المكتبية وغيرها في ميدان عمله، كما ونجد الموظف الذي عليه ضغوطات نفسية يميل الى الغضب السريع والسخرية والاستهزاء من كل شيء، بينما نجد بالدول المتحضرة والتي تتبع سياسات رفع الانتاجية بتعديل الرواتب او زيادة المكافآت المرتبطة بذلك ليتكيف مع زيادة مستوى المعيشة، وتمارس حينها الادارة الضغط الايجابي التكيفي وهو يتمثل في الاستجابة التي تحرك اداء الموظف لوظائفه حيث ستكون هناك تغيرات بمهام عمله لزيادة الانتاجية او ساعات العمل لمواجهة التغيرات في ارتفاع المعيشة هذا الضغط يعتبر كحافز يحث الموظف والعامل على جهد اكثر لعمله.
يتضح من ذلك ان مسألة تعرض الموظفين والعمال للضغوطات النفسية والتوتر والقلق يجب ان تحظى باهتمام المعنيين والخبراء بكل موقع عمل، لما له من انعكاسات سلبية وخطيرة تستحق البحث والدراسة والتحليل لايجاد الحلول المنطقية لتحسين ادائه نظراً لشعوره بالظلم والقلق والتوتر، خاصة ان كثيراً من الوزارات والمؤسسات قد الغت العمل الاضافي والكثير من الامتيازات والعلاوات والمكافآت على حساب زيادة انتاجية العمل وهذا عامل اضافي يؤثر سلباً على نفسية الموظف، بالاضافة لما تقرره الحكومة من زيادة في الاسعار على كل شيء يمس معيشة المواطن ليكون الموظف قد وقع بين فكي الكماشة لتضغط عليه تدريجياً فالحكومة بذلك تكون خاسرة اكثر من ان تكون موفرة.