التوت البري يقي من التهابات المسالك البولية

عصير التوت البري يزيد من فعالية المضادات الحيوية المستخدمة لعلاج قرحة المعدة - (أرشيفية)
عصير التوت البري يزيد من فعالية المضادات الحيوية المستخدمة لعلاج قرحة المعدة - (أرشيفية)

عمان- التهابات المسالك البولية من أكثر الأمراض انتشاراً بين النساء، فهو يصيب 60 % من الإناث في مرحلة معينة من حياتهن، وهنّ أكثر عرضه للإصابة بالمرض من الرجال بخمسين ضعفاً. اضافة اعلان
من ناحية أخرى تشكل التكلفة العلاجية والتشخيصية لهذا المرض عبئاً كبيراً على المرضى واقتصاد الدول أيضاً، حيث وصلت هذه التكلفة في الولايات المتحدة الأميركية إلى 25 بليون دولار خلال عشرين سنة، ولهذا تعد الوقاية من المرض أمراً ذا أهمية بالغة وخصوصاً مع الطبيعة المتكررة للمرض، فالوقاية تخفف من معاناة المرضى وتقلل من التكلفة المادية المباشرة وغير المباشرة اللازمة للتشخيص والعلاج.
هناك العديد من المنتجات الطبية والمضادات الحيوية المستخدمة في مجال الوقاية من التهابات المسالك البولية وأبرزها نبتة التوت البري، وهذا ما سيتم التطرق له في هذا المقال.
نبتة التوت البري
التوت البري أو الكرانبري (Cranberry)، نبتة طبية دائمة الخضرة تنمو في شمال أميركا. تتميز ثمارها بلونها الأحمر القاني وعصيرها الحامض طيب المذاق. عُرفت نبتة التوت البري منذ القدم واستخدمت ثمارها لعلاج مشاكل الجهاز البولي والمعدة والكبد وعلاج الجروح وتخفيض الحرارة. حالياً يتم استخدامها في الطب الشعبي للوقاية وعلاج التهابات المسالك البولية وعلاج المثانة العصبية وللتخفيف من الرائحة الكريهة للبول، كما تستخدم لعلاج قرحة المعدة التي تسببها بكتيريا الهيلكوباكتر بيلوري (H. pylori). كما يستعملونه أحياناً كجزء من علاج مرض السكري من النوع الثاني والسرطان ومتلازمة التعب المزمن.
هل أثبت العلم فعالية التوت البري في المجال الطبي؟
بناءً على نتائج الدراسات العلمية التي تم إجراؤها على نبتة التوت البري تم تصنيف فعاليتها في علاج بعض المشاكل الصحية كالتالي:
أولاً: يعتبر عصير التوت البري فعال في الوقاية من التهابات المسالك البولية لدى الحوامل والنساء كبار السن والمرضى في المستشفى، كما أن بعض الدراسات أظهرت أن كبسولات التوت البري يمكن استخدامها لمنع الإصابة بالتهابات المسالك البولية لدى الأشخاص الذين يعانون من الإصابة المتكررة بالمرض.
من ناحية أخرى يعد التوت البري ومنتجاته أقل فعالية في علاج التهابات المسالك البولية إن حدثت وذلك لأسباب قد تتعلق بآلية عمل المركبات التي تحتويها ثمار التوت البري.
ثانياً: بعض الدراسات الحديثة على الانسان أظهرت أن عصير التوت البري يزيد من فعالية المضادات الحيوية المستخدمة لعلاج قرحة المعدة التي تسببها بكتيريا الهيلكوباكتر بيلوري (H. pylori)، حيث يقلل التوت البري من قدرة هذه البكتيريا على الالتصاق بالمعدة والعيش فيها. أبحاث أخرى وجدت أن التوت البري وعصيره يحمي من التهابات الفم واللثة ويحمي من الإصابة بها.
ثالثاً: بعض الدراسات المخبرية والتي أجريت على الحيوانات أظهرت أن التوت البري يحتوي على مواد مضاده للأكسدة وهي تساعد على حماية القلب ومنع الإصابة بالسرطان، ولكن لم يتم اثبات هذه النتاج من خلال الدراسات السريرية على الإنسان.
رابعاً: تعد ثمار التوت البري في الأغلب غير فعالية في علاج النوع الثاني من مرض السكري، حيث إن تناولها لا يسبب انخفاضاً في مستوى السكر في الدم.
خامساً: يعد الدليل العلمي والدراسات العلمية غير كافية لإثبات فعالية منتجات التوت البري في علاج تضخم البروستات الحميد أو ازالة الرائحة الكريهة لدى الأشخاص الذين يعانون من سلس البول أو علاج المشاكل الجلدية أو متلازمة التعب المزمن، ولكن هذا لا يعني أن التوت البري لا يفيد بعض الأشخاص في علاج هذه المشاكل الصحية.
آلية عمل مستخلص التوت البري
يعتقد الناس أن التوت البري يجعل البول ذا بيئة حمضية، وبالتالي يصبح غير ملائم لنمو البكتيريا المسببة لالتهابات المسالك، ولكن الباحثين يعتقدون أن هذا التفسير غير كافي لتوضيح فعالية التوت البري في الوقاية من التهابات المسالك البولية، وأن مستخلص التوت البري يحتوي على مواد كيميائية تمنع التصاق البكتيريا في المجاري البولية حيث يمكنها التكاثر وتسبب الالتهابات. من ناحية أخرى فإن هذه المركبات غير قادرة على ازالة البكتيريا الملتصقة على جدار المجاري البولية وهذا يفسر أن التوت البري فعال في الوقاية من التهابات المسالك البولية، ولكنه غير فعال بالدرجة الكافية لعلاج هذه الالتهابات إن حدثت. كما أن تقليل عدد البكتيريا وكريات الدم البيضاء في المجاري البولية يحد من كمية الأمونيا المكونة هناك، وبالتالي التخفيف من الرائحة الكريهة للبول.
أيضاً تحتوي ثمار التوت البري على كمية لا بأس بها من حمض الساليساليك (salicylic acid) وهو أحد مكونات الأسبرين، وبالتالي فإن شرب عصير التوت البري بشكل منتظم يؤدي إلى زيادة تميع الدم ويقلل من التورمات وقد يحمي من مرض السرطان.
الجرعات المستخدمة للعلاج بعصير التوت البري ومنتجاته الطبية:
لمنع الإصابة بالتهابات المسالك البولية عند الأشخاص البالغين (18 سنة وأكثر) ينصح بتناول 90-480 ملمترا من كوكتيل التوت البري مرتين يومياً، أو 15-30 ملمترا من عصير التوت البري النقي (100 %) يومياً. بالنسبة للأطفال (أقل من 18 سنة) لا توجد حتى الآن معلومات علمية كافية عن الكمية التي يمكن تناولها من منتجات التوت البري ولكن بإمكانهم تناول ثمار التوت البري الطازجة أو شرب عصيرها بكميات معتدلة.
في الأردن يتواجد في الصيدليات العديد من المنتجات للتوت البري أو الكرانبري، تقوم بصناعتها شركات متخصصة بتصنيع المنتجات العشبية والمقويات الغذائية مثل (Sundown Naturals, Jamieson, Puritan's Pride, Valupak)، والتي تباع كمكملات غذائية وللوقاية من التهابات المسالك البولية، وينصح عند استخدامها اتباع نصيحة الصيدلاني بأخذ الجرعة المناسبة من المنتج.
الأعراض الجانبية التي قد يسببها التوت البري
تعد ثمار التوت البري آمنة الاستعمال لمعظم الأشخاص. وفي الأبحاث العلمية وجدوا أن عصير التوت البري ومستخلصها غير ضار وآمن الاستخدام للكبار والصغار، إلا أن شرب كميات كبيرة من عصير التوت البري يسبب بعض الأعراض الجانبية كاضطرابات في المعدة أو الإسهال، كما أن شرب أكثر من 1 لتر باليوم من عصير التوت ولمدة طويلة قد يزيد فرصة تكون حصى في الكلى.
تحذيرات حول تناول عصير التوت البري ومنتجاته
1) تعد ثمار التوت البري وعصيرها آمنة للحامل والمرضع ومن الممكن تناولها، ولكن لا ينصح باستخدام منتجات طبية للتوت البري أثناء الحمل أو الرضاعة، حيث لم يتم تأكيد سلامتها للحامل والمرضع.
2) بعض عصائر التوت البري يتم تحليتها بالسكر، لذلك ينصح مرضى السكري بالانتباه لهذا الأمر وتناول العصائر التي تحتوي على محليات صناعية فقط حتى لا يسبب تناولها ارتفاع في مستوى السكر بالدم.
3) يحتوي التوت البري على حمض الساليساليك (Salicylic Acid)، والذي يعد جزءا من الأسبرين لذلك تجنب تناول التوت البري إذا كنت تعاني من حساسية للأسبرين.
4) يحتوي عصير التوت البري ومستخلصه على كمية كبيرة من مركب الأوساليت (oxalate)، وهو المكوّن الأساسي لحصى الكلى، لذلك ينصح الأشخاص المصابين بحصى الكلى أو لديهم قابلية كبيرة للإصابة بها بتجنب تناول منتجات التوت البري أو عصيره بكميات كبيرة.
5) الأشخاص المتوقع إصابتهم بالتهابات المسالك البولية يجب أن يراجعوا الطبيب للتشخيص والحصول على العلاج اللازم، حيث لا يجوز استخدام التوت البري أو منتجاته للعلاج، وإنما يمكن يستخدم فقط للوقاية.
تعارض التوت البري مع الأدوية والأعشاب والأطعمة
يجب توخي الحذر عن تناول التوت البري أو منتجاته إلى جانب دواء الورفارين (warfarin) والذي يستعمل كمميّع للدم، حيث إنّ التوت البري قد يزيد من تركيز الورفارين بالدم وبالتالي يزيد من احتمال حدوث نزيف، كما يجب إجراء فحص درجة تميّع الدم بانتظام، فقد يحتاج المريض لتغيير جرعة الورفارين عند تناول التوت البري الى جانبه. عند تناول التوت البري أو منتجاته مع بقية الأدوية يجب استشارة الصيدلاني أو الطبيب، لأن التوت البري قد يثبط عمل أنزيمات الكبد المسئولة عن تحطيم بعض الأدوية وبالتالي يزداد تركيزها بالدم وبالتالي زيادة أعراضها الجانبية. أما بالنسبة للأطعمة والمقويات فلا يوجد أي تعارض بينها وبين التوت البري أو منتجاته.

إعداد: د. زينب يحيى الصبح/ دكتور صيدلة
إشراف: أ.د. فراس قاسم علعالي
قسم الصيدلة السريرية
حملة "دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى"
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
[email protected]