التوقيت الصيفي.. هل تجاهلت الحكومة رأي الشارع؟

محمود الطراونة

عقب جدل طويل، حسمت الحكومة أمرها بالإبقاء على التوقيت الصيفي بشكل دائم، قافزة فوق حالة الشد والجذب التي سادت مواقع التواصل الاجتماعي، والتي جاءت أغلبيتها لصالح تقسيم التوقيت بين الصيف والشتاء، بنسبة جاوزت 60 % وفق استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية الذي نشرت نتائجه أول من أمس.

اضافة اعلان


وتركزت خشية المؤيدين للتقسيم من خروج أبنائهم مبكرا إلى مدارسهم، إذ يكون الجو معتما.


وفي المحصلة، أقرت الحكومة قرارها مع تعديلات فوضت فيها وزير التربية والتعليم بتأخير موعد دوام الطلبة نصف ساعة، وكأنها حلت المشكلة، فيما لم تعلن الحكومة عن السبب الرئيس وراء الابقاء على التوقيت او حجم الفائدة المرجوة منه.


وكان قرَّر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها أمس، تثبيت العمل بالتَّوقيت الصَّيفي طوال العام.
ويأتي القرار بعد دراسة مستفيضة أجرتها الحكومة للوقوف على جدوى تثبيت العمل بالتَّوقيت الصَّيفي، والتي بيَّنت أنَّ استمرار العمل في هذا التَّوقيت يتيح الاستفادة من أطول وقت ممكن من ساعات النَّهار.


لكن وفق خبراء فإنه لا تعرف حتى الآن مسوغات هذا القرار، وكيف يمكن إقناع الناس بتقبله والتعامل معه، خصوصا وأن غالبية السكان لا يملكون سيارات ويحتاجون وقتاً مضاعفاً لإيصال أبنائهم إلى المدارس، سواء على الأقدام أو من خلال المواصلات العامة، مشيرين الى ان التوقيت القديم "لا مشكلة فيه، فيما سيخلق التغيير الحالي إرباكا شديدا".


ويشير الخبراء إلى ان تعديل التوقيت في مثل هذه الفترة لن يكون ذا أي أثر اقتصادي، لأن ما سيُوفَّر نهاراً سيُستهلَك ليلاً، خصوصاً مع انخفاض درجات الحرارة، أي أن عامل التوفير "لا قيمة له".


وفي هذا الصدد، يؤكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور باسم تليلان لـ"الغد"، أن هذا القرار مجهول الفائدة منه، وغير مقنع للناس ويصعب التعامل معه، إذ إن تقلبات الطقس في فصل الشتاء تؤثر عليهم، وكذلك تغيير التوقيت ينعكس على نفسياتهم وأمزجتهم عندما يغاير ما اعتادوه.


وتابع تليلان: "فكرة التوقيت في الموعد السنوي المحدد له لا مشكلة فيه، أما التغيير الحالي فسيسبب الإرباك".


ويشاطره الرأي الدكتور حسن الفقهاء من الجامعة الاردنية، الذي يرى أن القرار "سيؤثر على عامة السكان الذين لا يملكون سيارات ويحتاجون وقتاً مضاعفاً لإيصال أبنائهم إلى المدارس، سواء على الأقدام أو من خلال المواصلات العامة، ما يعني أن عليهم النهوض من النوم قبل ساعة ونصف الساعة من شروق الشمس، وخروج الأطفال في الظلام ينطوي على مخاطر".


وأضاف الفقهاء ان تعديل التوقيت في مثل هذه الفترة لن يكون له أي أثر اقتصادي، فقيمته تقترب من الصفر، حتى على مستوى الكهرباء، لأن ما سيُوفَّر نهاراً سيُستهلَك ليلاً، وخصوصاً أن درجات الحرارة تقترب من الانخفاض، أي أن عامل التوفير لا قيمة له.


من جهته، قال االخبير النفسي الدكتور علي الغزو إن المشكلة لا تكمن بالتوقيت، سواء بقي موحدا طوال العام أم اختلف، لكن المشكلة في تغير الفصول وتأثيراتها على امزجة الناس واعمالهم.


ولفت الغزو إلى أن "الانقلاب الخريفي مثلا يثير الانفعالات للناس ويزيد الإحباط، لكن المشكلة تكمن في اعتياد الناس على توقيت واحد، أما التلاعب بالتوقيت فينعكس سلبا على سلوكياتهم، إذ أن البعد النفسي للتوقيت لا تكمن تأثيراته في التوقيت نفسه بل بثأثيرات تغير الفصول على حالة الناس ونفسياتهم".


بدورها قالت الحكومة إن من شأن القرار الحدّ من أوقات الدَّوام خلال أوقات المساء والليل خصوصاً لطلبة الفترات المسائيَّة، وطلبة الجامعات، والموظَّفين في القطاعين العام والخاص الذين تقتضي طبيعة عملهم العمل حتى ساعات المساء.


وفيما يتعلَّق بدوام طلبة المدارس والجامعات صباحاً، وجَّه مجلس الوزراء وزارتيّ التَّربية والتَّعليم والتَّعليم العالي والبحث العلمي إلى تعديل دوامهم بما يتناسب ومواعيد شروق الشَّمس، وبما يضمن خروجهم إلى مدارسهم وجامعاتهم في أوقات مناسبة.


وبناءً عليه، قرَّر وزير التَّربية والتَّعليم والتَّعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وجيه عويس تحديد دوام طلبة المدارس في تمام السَّاعة 8:15 صباحاً، على أن تبدأ الحصَّة الأولى في تمام السَّاعة 8:30 صباحاً، فيما ستفتح جميع المدارس أبوابها لاستقبال الطَّلبة في تمام السَّاعة 7:45 صباحاً؛ وذلك لإتاحة المجال أمام أولياء الأمور ولا سيما الموظفين لإيصال أبنائهم إلى المدارس قبل بدء دوام الوزارات والمؤسَّسات العامَّة التي يبدأ دوامها في تمام السَّاعة 8:30 صباحاً.


أمَّا المدارس التي يُطبَّق فيها نظام الفترتين الدِّراسيَّتين، وعددها (882) مدرسة، فتنتهي الدِّراسة اليوميَّة فيها قبل فترة الغروب.


وفيما يتعلَّق بطلبة الجامعات، يُترك تحديد مواعيد دوامهم إلى إدارات الجامعات لتُقرِّر ما تراه مناسباً، وبما يراعي مقتضيات المصلحة العامَّة، علماً بأنَّ دوام الجامعات يبدأ أساساً بعد السَّاعة الثَّامنة صباحاً.


ووفقاً للقرار، سيبدأ العمل بساعات الدَّوام ومواعيد ومُدد الحصص الدراسيَّة للمدارس بدءاً من يوم الأحد الموافق 30/ 10/ 2022م، ويستمرُّ حتى تاريخ 2/ 4/ 2023م.

اقرأ المزيد :