"الثقافة" تعقد مؤتمر "الفلسفة للشباب" لمد جسور التواصل بالتفكير الناقد والابتكار

جانب من المؤتمر- (من المصدر)
جانب من المؤتمر- (من المصدر)
عزيزة علي عمان - أشاد أكاديميون متخصصون بالفلسفة بأهمية المشروع الذي أطلقته وزارة الثقافة بعنوان "الفلسفة للشباب"، واصفين إياه بـ"الريادي"، والوطني المهم. وجاء ذلك في الندوة الحوارية التي أقامتها وزارة الثقافة الخميس الماضي في المركز الثقافي الملكي، بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وتم خلاله إطلاق مشروع سلسلة إصدارات تعنى بالفكر والفلسفة الموجهة للشباب. وزير الثقافة د.باسم الطويسي، دعا نخبة من المشتغلين بالفلسفة إلى أن يكونوا جزءاً من هذا المشروع وجزءاً من هذا التفكير الوطني الذي تحاول الوزارة تدشينه بهذه المرحلة، للعمل معاً بشكل أفضل لاستمرار هذا الفكر والمعرفة بالتدفق إلى الأجيال الجديدة، والوصول إلى صيغة ملائمة للطريقة التي نخاطب بها الأجيال الجديدة في مجالات الفكر والفلسفة، والاستفادة من هذا المؤهل المعرفي بما يتيحه من أدوات معرفية لتكون الحياة أفضل، من حيث قدرة البشر على التفاهم والبناء والعيش معاً. وأضاف الطويسي أن الوزارة تؤمن بأهمية الفلسفة بهذه المرحلة، وضرورة تحريك هذه البحيرة الراكدة منذ سنوات طويلة ومنذ عقود، لافتاً إلى أهمية مد جسور التواصل مع الأجيال الجديدة لكي يستطيعوا استخدام أدوات التفكير الناقد وأدوات التحليل والتفسير والابتكار، وغيرها من الأدوات لتحسين أنماط حياتهم. وأكد وزير الثقافة، خلال الندوة التي أدارها مدير الدراسات والنشر في الوزارة الدكتور مخلد بركات، استعداد الوزارة لإصدار 20 مؤلفاً قبل نهاية العام تتضمن مختلف المواضيع الفلسفية، ودعم الوزارة لإقامة مؤتمر وطني ثقافي العام المقبل يتطرق ضمن محاوره أبرز القضايا الفلسفية المهمة، لافتاً إلى أن المسؤولية تحتم علينا أن نقدم للشباب الأردني مع دخول الدولة الأردنية المئوية الثانية وعياً جديداً، ونحن أكثر ثقة بأنفسنا وإنجازاتنا وإنجازات الدولة وبالقيم التي قدمتها. ومن جانبه، وصف د.أحمد ماضي المشروع بـ"الريادي"، مؤكداً أن الشباب هم رصيد الأمة، وأن تلاميذ الجامعات والمعاهد والمدارس هم الشريحة الأوسع في المجتمع، ومنهم ينطلق التأسيس، كما أن التاريخ الإسلامي، كان يصدر الفلاسفة والمدارس الفلسفية للعالم، لذلك لابد من إعادة الاعتبار لذلك وإيجاد حراك فلسفي تقوده المؤسسات المعنية بهذا الأمر، داعياً وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي إلى إعادة تدريس الفلسفة في المناهج، مبيناً أن هذا القرار سيكون من أهم القرارات التنويرية، خاصة وأنه لا يوجد أي قسم للفلسفة في أي جامعة باستثناء قسم الفلسفة في الجامعة الأردنية. أستاذ الفلسفة الغربية المعاصرة وفلسفة العلم في الجامعة الأردنية د.توفيق شومر، دعا لتشكيل لجنة متخصصة مهمتها تحكيم النتاج العلمي المقدم بحيث يكون على سوية عالية، وأن لا يكون منتجاً مضللاً، مع التركيز على أدوات الفلسفة ومنها التحليلية والنقدية والتوليدية والديالكتيكية، مبيناً أن هذه الأدوات هي التي تعمل على إنتاج العقل النقدي لأجيال الشباب، لافتاً لوجود مدارس فلسفية تهتم بهذا النوع من الفلسفة الذي بات مطلباً مهماً في حياتنا، ومنها المدرسة الفلسفية العملية التي تستند إلى التراث الشرقي، مع ربط هذه الأنماط بوسائل الميديا الحديثة حتى يسهل توصيلها وأن تتناسب مع الشباب وفضاءات التواصل الحديثة حتى يكون المشروع قابلا للحياة. عضو الجمعية الفلسفية الأردنية د.جورج الفار، أشار إلى إعادة دعم الجمعية الفلسفية التي تعتني بالشأن الفلسفي، مشيراً إلى وجود كتب مهمة وذات نوعية كانت تدرس في المدارس والجامعات قبل أن يتوقف العمل بها، وأنه يجب إعادة طباعتها خاصة وأن بعضها كان إنتاجاً أردنياً محضاً. وقالت أمين سر الجمعية الفلسفية الدكتورة لينا الجزراوي، إن أهمية المشروع أنه جاء في وقت نشهد فيه غياباً تاماً للفلسفة في حياتنا، مضيفة أن جائحة كورونا أظهرت الكثير من السلوكات الغريبة على المجتمع الأردني كالتنمر والإشاعات وفوضى المعلومات وغيرها من السلوكات التي أوجدها الفراغ وغياب التحليل المنطقي للأشياء، داعياً إلى تقديم المشروع ضمن وسائل العصر، خاصة لأن بعض الشباب لا يقرأ، ويمكن توصيل المعلومة التي نريد بوسائل العصر الحديثة أو من خلال الوسائل اللامنهجية التي تقدم للطلاب في المدارس والجامعات. ورأى نائب رئيس الجمعية الفلسفية د.موفق محادين، أنه من أجل إنجاز المشروع وإنجاحه يجب أن يكون هناك تشاركية بين الفئات المختلفة ذات العلاقة والمعنية بهذا المشروع على طاولة الحوار كقسم الفلسفة في الجامعة الأردنية والهيئة الإدارية للجمعية الفلسفية، وكبار الباحثين والمهتمين في هذا التخصص مع وزارة الثقافة لرفد المشروع وإنضاج رسالته، حتى يكون مشروعاً نقدياً حيادياً وقبل ذلك معرفياً، مشدداً على أهمية مناقشة المفاهيم الفلسفية المهمة كـ"الحرية والعقل والفن والمرأة والأدب وعلاقتها جميعاً بالفلسفة"، وإظهار العلاقة بين الفلسفة وعلم الاجتماع والسياسة والتاريخ والاقتصاد وغيرها من خلال مقاربات ينتجها متخصصون، مشيراً إلى أن هذه الندوة ستؤسس لجبهة حقيقية ضد الفكر المنغلق والمتطرف. وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية د.جمال الشلبي، إن الفلسفة تعطي الروح للجسد السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، داعياً إلى التمييز بين أستاذ الفلسفة والفيلسوف، وأنه لابد من العمل بروح العصر على إعادة إنتاج الأشياء لتكون أكثر قبولاً وفهماً بمنطق العصر وأدواته كأن تنتج أغنية مثلاً تقدم فكرة فلسفية، وأن تقدم هذه السلسة من خلال لغة بسيطة ومفهومة وبشكل لافت وجاذب، داعياً إلى إصدار مجلة فلسفية فصلية أو نصف سنوية تنشر الفكر الفلسفي وتكون مرجعاً مهماً وربط الفلسفة بالحياة اليومية. ومن جهته، رأى عضو الجمعية الفلسفية د.أحمد العجارمة، أن هذا المشروع الوطني المهم لابد أن يكون مشروع دولة للتنوير والإعلاء من شأن العقل، وأن يثري المشروع الأجواء الثقافية، مضيفاً أن علينا أن نجيب بشكل مباشر أولاً كيف يمكن إيصال هذا المحتوى للفئات المعنية خاصة، وأن فئة الشباب لا تقبل أي قوالب يمكن أن تصاغ بعيداً عن أهوائهم، لذلك لابد من الاهتمام بالمحتوى وطريقة إيصاله، مؤكداً أن الميديا الحديثة هي إحدى أدوات التواصل المهمة، والأكثر فاعلية، لذلك لابد من إيجاد سلسلة أفلام صغيرة تقدم نقاشات مختصرة ومكثفة للعديد من القضايا التي ترتب ارتباطاً مباشراً مع الحياة، مؤكداً أن هذا المشروع الوطني يجب أن يتبنى ترجمة العديد من العناوين التي نحتاجها. وتحدثت الناطق الإعلامي للجمعية الفلسفية الدكتورة آمال الجبور حول أهمية نشر الفلسفة كثقافة خاصة؛ حيث إن المبادرات المعنية بالشباب تأتيهم بقوالب جاهزة ترفض من قبلهم، لذلك لابد من إشراكهم فيما سيقدم لهم ليسهل استقباله وهضمه. ودعا أستاذ الفلسفة في جامعة فيلادلفيا ورئيس جمعية النقاد د.زهير توفيق، إلى وجود لجنة ثابتة لمتابعة هذا العمل المهم، مشيراً في الوقت ذاته لغياب العرب والأردنيين بشكل عام عما يسمى بالأولمبياد الفلسفي العالمي الذي يقدم دائماً جائزة للشباب والذين يتقدمون بمشاريع فلسفية عالمية، داعياً إلى مشاركة أردنية فاعلة في هذا الأولمبياد. ورأى الباحث مجدي ممدوح أن هذا المشروع هو محاولة مهمة لتوطين الفلسفة، وسيكون خطوة أولى لإرجاع الفلسفة ومناهجها إلى المدرسة، ومناقشة المسائل الفلسفية الكبرى، أن نؤسس لها من خلال ربط الفلسفة بالأدب والشعر والحياة اليومية من أجل هضمها وإعادة توطينها. ودعت الدكتورة نهلة الجمزاوي، إلى تصويب مفهوم الفلسفة في العقل الجمعي وهذا يحتاج لتأسيس ومراكمة، موضحة أن فئة الشباب تميل إلى الفلسفة وتبحث عنها، الأمر الذي يؤكد أن هنالك تجهيلا لمناهج الفلسفة، ولابد من التأصيل لمفاهيمها بلغة بسيطة بعيداً عن التسطيح في الوقت نفسه، لافتاً إلى أهمية "التثقيف القسري" من خلال فرض بعض الكتب في بعض الصفوف، وأن تعتمد مسابقة متخصصة بالفلسفة لترسيخ المفاهيم بشكل أكبر. ورأت أستاذة الفلسفة في الجامعة الأردنية دعاء سعيفان، أن واقع الفلسفة مؤلم، كما أن التفكير الفلسفي يغيب تماماً عن مجتمعنا، لذلك لابد من عودة الفلسفة على الصعيد التعليمي وعلى الصعيد الثقافي وخلق مشاريع ثقافية تهتم بالتأليف والمسابقات والتحفيز على القراءة، وتشكيل لجنة تضع خطوطاً رئيسة للحوار حولها ومن ثم تكليف بعض المختصين بالكتابة حولها ثم مناقشة ما تم تأليفه تمهيداً لإصداره ضمن هذه السلسلة.اضافة اعلان