الجامعات والتنمية السياسية

يجسد المشهد في الجامعة الاردنية وغيرها من جامعات المملكة الـ 22 أزمة التنمية السياسية التي سيبقى الحديث عن إطلاقها حرثاً في البحر إذا لم تعالج اسبابها المتمثلة اساساً في تسطيح التربية المدنية والسياسية وتفريغها من أي محتوى ناجع.

اضافة اعلان

الجامعات تحولت الى غرف صفية. نصوص تحفظ وامتحانات تُجتاز وأبحاث يكتب بعضها دكاكين سرقات أدبية منتشرة على امتداد الخارطة الجغرافية للجامعات.

لا حياة جامعية. لا تفاعل ثقافيا، ولا مساحة لاطلاق الإبداع والعمل السياسي والتصارع الفكري التي تصقل شخصية الشباب.

ومن دون هذه الشروط الضرورية لنمو فكري يبني جيلاً يعي مسؤولية المشاركة الاجتماعية والسياسية، لن تقوم للتنمية السياسية بالمعنى المنشود تنظيريا قائمة.

المؤسف أنه بدلاً من أن تعالج الجامعات المشكلة من جذورها، تفعيلاً لدورها المفترض أن يكون تنويرياً، تلجأ الى الطرق القصيرة في اتباع اجراءات مشوهة تلبي اهدافا آنية لكنها تترك آثاراً شديدة السلبية على مستقبل البلد.

ففي مواجهة القدرة التنظيمية والتجييشية للتيار الاسلامي التي تترجم اعلى نسبة تصويت في انتخابات الجامعة الاردنية، تعين الجامعة نصف اعضاء مجالس الطلبة. النتيجة أنّ الاسلاميين لا يسيطرون على مجالس الطلبة. غير ان الأثر بعيد المدى هو تجذير ثقافة التعيين بديلاً من ثقافة الانتخاب والتحزب والمشاركة السياسية.

لن يحل التعيين مشكلة. فسيظل التيار الاسلامي الاقوى تمثيلياً والأكثر حضوراً في الجامعات إذا لم تقدم التيارات الأخرى فكراً مقبولاً واطراً تنظيمية مقنعة للطلبة وقادرة على المنافسة على اصواتهم.

لكن أين الجامعات اليوم من وجود أي تيار سياسي أو فكري؟

ادارات الجامعات، ومن خلفها الحكومات، مسؤولة عن تفريغ الحياة الجامعية من محتواها الثقافي والسياسي والتنويري.

وعلى هذه الادارات تقع مسؤولية تصحيح هذه الأخطاء التي سيدفع ثمنها البلد مستقبلاً، من خلال البدء فوراً باعادة النظر في المناهج والعمل على جعل سنوات الدراسة الجامعية محطة للتكوّن الثقافي والسياسي وليس مرحلة تختزل بحفظ نصوص واجتياز امتحانات ولا تؤدّي إلا الى انحطاط فكري ثقافي.