الجانب غير العقلاني لنتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة-(ا ف ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة-(ا ف ب)

هآرتس
سامي بيرتس  17/11/2017

شرح ذات مرة البروفيسور يسرائيل أومن، الحاصل على جائزة نوبل للاقتصاد، "من هو الشخص العقلاني": هو الشخص الذي يعمل بشكل منطقي من اجل تحقيق اهدافه. الاهداف نفسها ليس بالضرورة أن تكون منطقية. الانتحاريون، على سبيل المثال، هم اشخاص عقلانيون، لأن هدفهم هو زرع الموت والدمار والرعب. وبنفس القدر أيضا فإن الرائد روعي كلاين الذي قتل عندما ألقى بنفسه فوق لغم من اجل انقاذ جنود، فقد تصرف بشكل عقلاني، قال أومن. اضافة اعلان
هذا يثير سؤال اذا كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو شخصا عقلانيا. ومن أجل معرفة ذلك يجب تحديد هدفه. من المعقول الافتراض أن نتنياهو سيوافق على القول إن هدفه هو الحفاظ على إسرائيل وأمنها، بهذا المعنى، لا يوجد سبب للتفكير بأنه غير عقلاني. هدف آخر يتفرع عن الاول هو الحفاظ على حكمه كي يستطيع ضمان وجود دولة إسرائيل.
من زاوية الرؤية السياسية يصعب الادعاء أن نتنياهو غير عقلاني. إسرائيل أخذت على عاتقها منذ اتفاقات اوسلو عددا من الأخطار. فقد وافقت على ادخال م.ت.ف ورجالها المسلحين إلى الضفة الغربية وقطاع غزة وحصلت في المقابل على العمليات الارهابية الشديدة، وقد أخلت غوش قطيف وتلقت من غزة آلاف الصواريخ، خلال عدد من الجولات وعدد كبير من اطلاقات منفردة. معادلة "قمنا بالاخلاء وتم ضربنا" أثبتت نفسها. من هنا فان الشخص العقلاني يمكنه التوصل إلى نتيجة أن التنازلات الجزئية والمرحلية لا تؤدي إلى السلام. وفي ظل عدم وجود اتفاق على الحل النهائي يفضل التمترس من وراء الرفض السياسي.
معظم الإسرائيليون يؤيدون حل الدولتين، وهم على قناعة أنه لا يمكن ضمان وجود إسرائيل بدون جيش قوي، وهم مستعدون لتحمل المخاطرة من اجل اتفاق سلام، لكنهم يعرفون أن المخاطرات التي أخذناها على عاتقنا كلفتنا دماء كثيرة. هذا الوضع العالق يتسبب في وجود اليمين في الحكم، وأن بضاعته تعتبر في هذا الوقت مرتبطة أكثر بواقع لا يوجد حل/ شريك. وهذا منطق يسهل تفهمه.
لكن هناك مكان سلوك نتنياهو فيه يثير الشك بأنه غير عقلاني: المعايير الشخصية وسلوكه في مقر رئيس الحكومة. التحقيقات التي يتورط فيها نتنياهو – قضايا الهدايا (من رجال الاعمال، ومن بينهم ارنون ملتشن)، وملف 2000 (تنسيق الخطوات مع ناشر يديعوت أحرنوت أرنون موزيس لتضييق خطوات صحيفة يسرائيل هيوم) وملف 3000 (قضية الغواصات التي حقق فيها مع مقربيه ومحامييه دافيد شومرون ويتسحاق مولخو، نتنياهو ليس متهما في هذه القضية)، كل هذه تضع عقلانية نتنياهو في مثار الشك.
إن الشخص الذي يريد حماية حكمه لم يكن عليه أن يقبل هدايا من رجال اعمال، وبالتأكيد ليس هدايا ثمينة تمنح له بصورة منهجية. لأن سلفه إيهود اولمرت دخل إلى السجن بسبب ادانته بتهمة تلقي الرشوة. هل هناك برهان أفضل من هذا على أن السياسيين الكبار لا توجد لهم حصانة؟ نتنياهو معروف بحذره الكبير عندما يدور الحديث عن أمن الدولة. فهو الذي أنفق 11 مليار شيكل على التأهب لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية (وهو التأهب الذي وصفه اولمرت بأنه "هذيان")، كيف يعقل أن شخص حذر ويكره المخاطرات مثله مستعد لأن يأخذ على نفسه المخاطرة الكبيرة المقترنة بتلقي الهبات من اصحاب رأس المال.
أيضا لم يكن عليه التنسيق مع ناشر "كارتل" في سوق الاعلام، موزيس، اذا كان هدفه هو الحفاظ على حكمه. إن تسجيل محادثات نتنياهو مع موزيس تثير الانطباع بأنه خطا خطوتين أو ثلاث خطوات أكثر من اللازم في كل ما يتعلق بالمحادثات بين سياسيين وناشرين. نتنياهو يستطيع الاحتجاج على طريقة معاملته، لكن بيقين أن لا يحاول تنسيق عمليات تجارية تؤدي إلى تقليص المنافسة بين "يسرائيل هيوم" و"يديعوت أحرنوت". هذه تعتبر مخالفة لقانون القيود التجارية. والسهولة التي انحرف بها رئيس الحكومة إلى محادثات تنسيق مع مؤسسة مالية ضخمة كهذه تدلل على أن قدرته على الحكم قد تشوشت.