الجمعية الملكية لحماية الطبيعة "كاميرات الأعشاش" في محميتي "الأزرق" ومحمية "ضانا"

الجمعية الملكية لحماية الطبيعة "كاميرات الأعشاش" في محميتي "الأزرق" ومحمية "ضانا"
الجمعية الملكية لحماية الطبيعة "كاميرات الأعشاش" في محميتي "الأزرق" ومحمية "ضانا"

   يتميز الأردن بأهمية عالمية كبيرة كونه ممرا رئيسيا لهجرة الطيور. فهو جسر تلتقي عليه القارات الثلاث، آسيا أوروبا وإفريقيا، حيث تعتبر الأردن أحد أهم ممرات خطوط هجرة الطيور في العالم من شمال أوروبا إلى جنوب إفريقيا في الخريف والهجرة العكسية من جنوب العالم إلى شماله في الربيع، بسبب طبيعة المنطقة وجغرافيتها ومناخها ما جعلها تحظى بهذه الأهمية العالمية.

اضافة اعلان

وبناء على ذلك، قامت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة بإيلاء هذه الميزة اهتماما خاصاً فتبنت مشروع "الطيور المهاجرة لا تعرف حدوداً" بتمويل من الوكالة الأميركية للتعاون الدولي (USAID) وهو يهتم  بصورة خاصة بدراسة الطيور المهاجرة، ويقسم إلى قسمين رئيسيين الأول متخصص بالأبحاث والدراسات والثاني بالتعليم والتوعية فيما يتعلق بالطيور وهجرتها.

وحول ذلك قال خلدون العمري قائد فريق أبحاث الطيور ومنسق المشروع في الجمعية: "هناك أربعة أنشطة وتقنيات حديثة تم استخدامها ضمن المشروع لتخدم أغراض الأبحاث والدراسات والتعليم والتوعية، وأول هذه التقنيات المستخدمة كان تقنية تحجيل الطيور التي يتم من خلالها وضع حلقات خاصة في أقدام الطيور تحتوي على بعض المعلومات عن المكان الذي تم فيه التحجيل، ليصار إلى معرفة خط سير هجرة الطيور عن طريق هذه الحلقات إذا ما تم إمساك نفس الطير في مركز تحجيل آخر في دولة أخرى، بالإضافة إلى أخذ قياسات ومواصفات الطائر الذي يتم الإمساك به لمعرفة سلوك الطيور أثناء هجرتها. أما ثاني التقنيات التي تم استخدامها فتمثلت في تسجيل أصوات الطيور باستخدام المحطات الثابتة والمتحركة لأغراض دراسة الهجرة الليلية للطيور".

ويضيف: "التقنية الثالثة هي دراسة الطيور في أعشاشها من خلال وضع كاميرات مراقبة خاصة فيها، وبصورة لا تسبب إرباكاً للطائر ولا إخلالاً بنظام حياته، بهدف دراسة سلوك التعشيش لدى الطيور المستهدفة".

وحول الآلية التي يتم فيها تطبيق هذه التقنية أوضح العمري أنه تتم دراسة طبيعة الطيور ونمطها الغذائي ثم تدرس طبيعة الغطاء النباتي في المنطقة المستهدفة، ونتائج هذه الدراسات تعطي الباحثين مؤشرات يتم بناء عليها تحديد نوع الطائر الذي سيتم استهدافه في الدراسة، والخطوة اللاحقة تكون في تجهيز صناديق خاصة لتكون أعشاشاً للطيور، حيث أن بعض أنواع الطيور تفضل التعشيش في صناديق.

ومن أهم العوامل التي يتم على أساسها جعل الصندوق مناسباً لنوع بعينه هو قطر فتحة المدخل للصندوق وقد جعلت  فتحة الصندوق بقطر 3.8 سم، لأن الطائر المستهدف هو  طائر الدوري في محمية الأزرق، وفي خطوة لاحقة يتم تثبيت هذه الصناديق في المناطق المناسبة وقد يطول الانتظار إلى أن يتم التعشيش فيها وبعدها نقوم بتثبيت الكاميرات بطريقة لا تسبب إرباكا للطائر، وبواسطة مرسلات خاصة يتم إرسال هذه الصور إلى جهاز كمبيوتر الذي يقوم بإرسالها إلى جهاز كمبيوتر خاص يقوم بدوره بإرسالها إلى الانترنت ليتسنى مشاهدتها للجميع.

وقد تم تثبيت تسعة صناديق للتعشيش في محمية الأزرق تم التعشيش في اثنين منها وتم تثبيت الكاميرات، وحالياً وضعت إحدى الإناث البيض ويمكن متابعتها مباشرة من خلال المراقبة عن طريق الكاميرا الدائمة.

 وأشار العمري الى فوائد هذه التقنية بأنها تساعد على فهم سلوك التعشيش والتغذية لدى الطيور، حيث أن البيئة أحياناً تفرض على بعض أنواع الطيور نمطاً مختلفاً عن نفس النوع في منطقة أو بيئة أخرى، وهذا يعني احتمالية وصول المتابعين من الباحثين إلى معلومات لم يصل اليها أحد من قبل فيما يتعلق بهذه الأنواع، نظراً لخصوصية المنطقة في كل من الأزرق وضانا، إضافة إلى الهدف الرئيسي الذي يتمثل في زيادة التوعية لدى الطلاب والمهتمين بالطيور لزيادة مداركهم حولها من خلال زرع بذور حب المعرفة لديهم عن طريق المشاهدة المباشرة التي تزيد ربطهم عاطفياً بهذه الطيور, بسبب إحساسهم بقربهم منها.

   وتعتبر فترة بدايات الربيع أفضل فترة في السنة لمتابعة هذه الأعشاش، كما أن الفترة التي تمتد من بدء التعشيش مروراً بوضع البيض وحضانته إلى أن يفقس البيض وتبدأ عملية التغذية وانتهاء بمغادرة الفراخ للعش هذه الفترة تصل إلى حوالي شهر ونصف، ومن الأمور التي أوجبت إستهداف طائر الدوري هو أنه من الطيور التي تعشش أكثر من مرة واحدة في السنة مما يعني أمكانية استخدام هذه التقنية في مراقبته لفترة أطول.

وجدير بالذكر أن هذه التقنية بدأت منذ العام 2003 ولكن لم تكن التقنية جاهزة للاستخدام والربط مع الانترنت، فاكتفي في تلك المرحلة بعملية تسجيل كاملة منذ وضع البيض إلى أن غادرت الفراخ الأعشاش .

وعن طبيعة مشروع كاميرا الأعشاش في محمية ضانا قال الباحث خلدون العمري "نستخدم تقريباً نفس الآلية المستخدمة في محمية الأزرق مع بعض الاختلافات، أولها أننا استهدفنا طائر القرقف الكبير وثانيهما أننا استخدمنا تقنية المراقبة بالصوت والصورة في ضانا، بينما كانت تسجيل صورة فقط في محمية الأزرق، والنظام الآن موصول بالانترنت، وما يميز تجربتنا في ضانا هو أن طائر القرقف الكبير من الطيور التي لم تتم دراستها بصورة كافية مقارنة بطائر الدوري".

ويضيف: "تعاقدنا مع شركة محلية هي شركة تطوير الاتصالات التي قامت بتطوير البرامج اللازمة وتطوير النظام الخاص بتقنية كاميرات الأعشاش بجهود وعقول محلية".

وبخصوص تعقب الطيور بواسطة الأقمار الصناعية أفاد العمري بأنها من التقنيات الحديثة فيما يتعلق بمتابعة الطيور المهاجرة لمعرفة خطوط هجرتها وتتبع مساراتها، والجديد في الموضوع بالنسبة لهذه التجربة هو قيام فريق البحث في ضانا باستخدامها لتتبع أحد الجوارح المقيمة وليست المهاجرة وهو "النسر الأسمر" الذي يعتبر أكبر الطيور الجارحة في الأردن، حيث يصل امتداد جناحيه إلى حوالي 265 سم، وهو من الطيور الرمية التي تتغذى على الجيف، ويعيش في مستعمرات.

ومن المعروف أن طائر النسر الأسمر، مع أنه ليس من الطيور المهاجرة، إلا أنه من الطيور التي تتنقل مسافات طويلة، حيث أن الطيور الموجودة في الأردن من الممكن أن تتزاوج مع الطيور في مستعمرة ما في السعودية أو فلسطين، وتبعاً لذلك من الممكن أن تبقى بعض الطيور في المستعمرة الجديدة أو أن تعود إلى مستعمرتها مع بعض الأفراد من المستعمرة الجديدة بمعنى أن جميع الاحتمالات تبقى قائمة من هذه الناحية

أما وضع هذا الطائر حسب تصنيف "الاتحاد العالمي لصون الطبيعة" فإنه يصنف على انه من الطيور التي تعاني من تهديد بإنقراضه لدرجة قليلة الخطورة. أما بالنسبة إلى اتفاقية الاتجار بالأحياء البرية فهو مدرج على القائمة الثانية التي تعني منع الاتجار به أو بأجزائه.

وفي الأردن يتواجد النسر الأسمر في بعض المواقع مثل ضانا ومنطقة نهر اليرموك، كما أن بعض الطيور من المستعمرات الموجودة في منطقة الجولان تأتي إلى المنطقة بحثا عن غذاء.

وطائر النسر الأسمر من الطيور التي تضع بيضة واحدة في العام، ومن المعروف في علم الطيور أنه كلما زاد حجم الطائر كلما قل عدد البيوض التي يضعها في المرة الواحدة وكلما قل عدد مرات وضع البيض في السنة.

وحول الآلية التي سيتم بها تنفيذ وتطبيق هذه التقنية قال العمري: "في المرحلة الأولى نقوم باختيار موقع من المواقع التي يبحث فيها عن غذائه، وعندما نعتمدها سنقوم بوضع الطعام (جيف في الغالب) له في هذه المنطقة على مدى فترة قد تصل إلى عدة أشهر، ونهدف من ذلك إلى جعل الطائر يرتاد المنطقة باستمرار ليألفها، حيث نقوم بعدها بتجهيز فخ ليتم اصطياد الطائر".

بعد ذلك نقوم بتثبيت الجهاز الخاص بالتعقب على جسم الطائر بعد الرقبة مباشرة وبين الجناحين بطريقة لا تعيق حياته الطبيعية سواء من ناحية طيرانه أو كوزن زائد، فهذا الجهاز مدروس بطريقة علمية من جميع الجوانب ولن يؤثر على حياة الطائر بأي طريقة، كما أنه يعمل على الطاقة الشمسية مما سيجعله يدوم لأطول فترة ممكنة.

وعند إطلاق الطائر سيقوم الجهاز بإرسال إشارة إلى الأقمار الصناعية التي ستقوم بدورها بالبث إلى محطات أرضية مهمتها إعادة البث إلى الإنترنت، حيث ستظهر على الموقع الإلكتروني خريطة العالم وسيظهر عليها موقع الطائر في أي مكان في العالم كنقطة مضيئة، بالإضافة إلى أن البرنامج سيقوم برسم خط سير الطائر على هذه الخريطة، وقد قمنا لهذه الغاية بالتسجيل مع أحدى الشركات المتخصصة بهذه التقنية وذلك من خلال موقع الطيور الالكتروني.

ويمكن متابعة اليور من كاميرات مواقع إنترنت مختلفة، مثل كاميرا موقع الأزرق (http://azraq.rscn.org.jo) وكاميرات موقع ضانا  (http://dana.rscn.org.jo:81 ) وكاميرا ضانا الثانية (http://dana.rscn.org.jo:8080).