"الجونة السينمائي 3".. دورة استثنائية تحتفي بالمواهب العربية

Untitled-1
Untitled-1

إسراء الردايدة

الجونة- فوز أردني لافت تحقق في ختام الدورة الثالثة لمهرجان الجونة السينمائي من خلال نيل الفيلم الأردني القصير "سلام" جائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي للمخرجة زين دريعي، وهو إنتاج مشترك بين الأردن وألمانيا والسويد والإمارات.
وتدور أحداث الفيلم حول سلام التي تتبخر أحلامها في أن تصبح أماً بعدما تكتشف استحالة تكوين عائلة مع زوجها.
الفيلم من بطولة ماريا زريق وزياد بكري، وتصوير بينوا تشاميلار، وإنتاج شركة تابع Tabi360 (علاء الأسعد)، وتتولى MAD Solutions مهام توزيع الفيلم في العالم العربي.
كما نال فيلم "بنات عبد الرحمن" جائزتين من "منصة الجونة" التي تعقد على هامش المهرجان جوائزمتثملة ب 10 آلاف دولار من شبكة راديو وتلفزيون العرب (إيه أر تي) كافضل سيناريو، واخرى بنفس القيمة من روتانا .
وتدور أحداث "بنات عبد الرحمن" في إطار من الكوميديا السوداء، حول قصة 4 شقيقات ينتمين لطبقات اجتماعية شديدة الاختلاف، ويسيطر الجفاء على العلاقات بينهن، وبعد الاختفاء الغامض للأب، يقررن البحث عنه. وهو من تأليف وإخراج زيد أبو حمدان، وبطولة صبا مبارك، فرح بسيسو ودانا الدجاني.
هيمنة عربية على الجوائز
حفل الختام الذي عقد في مسرح المارينا الرئيسي في الجونة، كان حيويا ومليئا بالمفاجآت السارة، وانطلق بتكريم الممثل محمد هنيدي عن مسيرته الفنية ومنحه جائزة الإنجاز الإبداعي، وقدم الجائزة له الممثل أحمد السقا، الى جانب حضور ضيف الشرف الممثل ستيفن سيغال الذي كان من أبرز نجوم أفلام الاكشن في السينما الأميركية في تسعينيات القرن الماضي.
ولكن الجزء الأكبر من الختام، وهو الأروع، كم الجوائز التي نالتها الأفلام العربية التي توصلت إليها لجان تحكيم المسابقات الرئيسة الثلاث، وبلغت قيمة الجوائز كاملة نحو 224 ألف دولار أميركي؛ حيث نال الفيلم السوداني "ستموت في العشرين" للمخرج أمجد أبو العلا، جائزة نجمة الجونة الذهبية.

الممثلة هند صبري افضل ممثلة بالجونة- (الغد)
اضافة اعلان


وكان الفيلم قد حصل في عرضه العالمي الأول على جائزة أسد المستقبل لأفضل عمل أول خلال مشاركته في مسابقة أيام المؤلف بالدورة الـ76 من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، بجانب جائزة مؤسسة "ادفنتاج" باعتباره الفيلم الأفريقي الأكثر تأثيراً في المهرجان، والفيلم مستوحى من القصة القصيرة "النوم عند قدمي الجبل" للكاتب السوداني المعروف حمور زيادة، وتدور الأحداث بولاية الجزيرة؛ حيث يولد مُزمل في قرية سودانية تسيطر عليها الأفكار الصوفية، ثم تصله نبوءة من واعظ القرية تفيد بأنه سيموت في سن العشرين، فيعيش أيامه فى خوف وقلق بالغين، إلى أن يظهر في حياته المصور السينمائي المتقدم في العمر، (سليمان). وتبدأ رحلة مزمل مع سليمان بدون أن تفارقه مخاوفه من كابوس الموت القريب.
ويعد "ستموت في العشرين" سابع فيلم روائي بتاريخ السودان، وأول فيلم روائي طويل لمخرجه ومؤلفه أمجد أبو العلا السوداني، واشترك في تأليفه مع يوسف إبراهيم، وهو من بطولة: مصطفى شحات، إسلام مبارك، محمود السراج، بونا خالد وطلال عفيفي، ويشارك في إنتاجه شركتا "فيلم كلينك" و"ترانزيت فيلمز" لـحسام علوان، بجانب آخرين.
بينما نال جائزة نجمة الجونة الفضية، فيلم "كوربس كريستي" (عيد القربان) من إخراج يان كوماساو، والذي حصل فيه الممثل أيضا على نجمة الجونة لأفضل ممثل "بارتوش بيليني".
فيما نجمة الجونة البرونزية استحقها الفيلم المغربي "آدم" من إخراج مريم توزاني، ونجمة الجونة لأفضل فيلم عربي، منحت للفيلم الجزائري "بابيشا"، إخراج مونية مدور. وحصلت الممثلة التونسية هند صبري على نجمة الجونة لأفضل ممثلة عن دورها في فيلم "حلم نورا"، بينما ذهبت نجمة الجونة لأفضل ممثل لبارتوش بيلينيا عن دوره في فيلم "كوربس كريستي".
وفي مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، كان للفيلم الشاعري الإنساني المليء بحب السينما والحياة والرغبة بالاحتفاء في الفن جائزة نجمة الجونة الذهبية، ومنحت للفيلم السوداني "الحديث عن الأشجار"، من إخراج صهيب قسم الباري. وحصل على نجمة الجونة الفضية الفيلم الجزائري "143 طريق الصحراء"، إخراج حسن فرجاني، كما منحت نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي "إبراهيم، إلى أجل غير مسمى" من إخراج لينا العبد، فيما نجمة الجونة البرونزية حاز عليها الفيلم الأفغاني "كابول"، إخراج أبوزار أميني.
وفي مسابقة الأفلام القصيرة، استحق نجمة الجونة الذهبية الفيلم الهولندي "امتحان"، من إخراج سونيا حداد.
وفاز بنجمة الجونة الفضية الفيلم اللبناني "أمي"، من إخراج وسيم جعجع، فيما النجمة البرونزية كانت من نصيب فيلم "لحم"، من إخراج كاميلا كاتر، وجائزة سينما من أجل الإنسانية، ومنحت للفيلم الفرنسي "البؤساء"، من إخراج لادج لي.
"الجونة".. واحة سينمائية
الدورة الثالثة للجونة السينمائي، وعلى مدار أسبوع كامل، قدمت نحو 88 فيلما، من مختلف أنحاء العالم، وشهدت عروضا كثيرة على السجادة الحمراء، وحضورا لأبرز الممثلين والمشاهير. وسط تغطية إعلامية واسعة وجدل لا ينفك يتغير حول من يمشي على السجادة، والأناقة التي تطغى غالبا تحت فلاشات عدسات المصورين.

المخرجة الاردنية زين دريعي-(الغد)


ولكن، الحقيقة هي أن "الجونة السينمائي" أكثر من سجادة حمراء، فبين صالات العرض التي تتوزع في أماكن وقاعات متعددة قريبة من بعضها بعضا تدور النقاشات بين نقاد السينما العرب والعالميين والضيوف من الصحفيين ومحبي السينما والعالميين فيها؛ إذ تشكل حلقة وشبكة تعارف مهني توسع المدارك لدى الجميع.
فيما الخيارات التي قدمت عكست رؤية وحرص القائمين على المهرجان من خلال مديره انتشال التميمي في تقديم دورة سعت لاستعادة مجموعة من الأعمال السينمائية الكلاسيكية، وإلقاء الضوء على مخرجيها الكبار، إلى جانب تقديم الأفلام الحديثة. وتُعد مجموعة الأفلام العالمية المختارة لهذا العام، مثالا لتوجه المهرجان لجذب الإنتاجات السينمائية الأحدث من جميع أنحاء العالم.
وتواجد التميمي طوال الوقت بين الضيوف يستمع لآرائهم، ويشاركهم الحوار بهمة ونشاط وحيوية تعكس حب السينما والرغبة في تقديم الأفضل.
فضلا عن دور المدير الفني للمهرجان المخرج أمير رمسيس، من خلال حمل مسؤولية خيارات أفلام يشاهدها المتخصصون على مدار أيام المهرجان، وعناية كبيرة بكل الحاضرين والتفاعل معهم، والإشراف على الطاقم بأكمله الذي عمل بدون كلل، لجعل هذه الدورة ناجحة بكل المقاييس.
وأسس المهرجان رجل الأعمال نجيب ساويرس وشقيقه سميح ساويرس مؤسس مدينة الجونة، والذي يسعى لجمع صناع السينما في المنطقة مع نظرائهم من كل دول العالم، من أجل تنمية روح التبادل الثقافي بينهم من خلال تقديم أفضل إبداعاتهم السينمائية، وإعادة الألق للسينما العربية بخلق واحة سينمائية في منطقة ساحلية فريدة خلابة تجمع بين السياحة والسينما في مكان ووجهة واحدة.
باقة من الأفلام الفائزة
ضمت قائمة الأفلام النخبوية التي اختارها "الجونة السينمائي" باقة من الخيارات التي حققت حضورا في مهرجانات دولية، ونالت الجوائز فيها، منها أفلام شاركت في الدورة الـ72 لمهرجان "كان" السينمائي، وفيلمان حائزان على دبين فضيين في الدورة الـ69 لمهرجان "برلين" السينمائي، والفيلم الفائز بالجائزة الكبرى في "كارلوفي فاري"، ووثائقيان أحدهما حائز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة بأول ظهور سينمائي، في الدورة الـ31 مهرجان "إدفا" للأفلام الوثائقية.
فمن "كان السينمائي" تم اختيار الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية "طفيل" للكوري بونج جون هو، و"ألم ومجد" الإسباني للمخرج بيدرو ألمودوفار.
ومن "كان السينمائي" عرض فيلم "باكورا" من إخراج كليبير مندونسا فيلو، وجوليانو دورنيليس، و"البؤساء" وهو الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجه لادج لي، وصوره بكاميرا درون، الحائزين على جائزة لجنة التحكيم بالمناصفة، و"جلد الأيل" من إخراج الفرنسي كوينتن دوبيو، الذي افتتح عروض نصف شهر المخرجين في المهرجان نفسه هذا العام.
وهنالك الفيلم الإيطالي "بيرانا" الحائز على الدب الفضي -جائزة أفضل سيناريو- في مهرجان "برلين" السينمائي، ومن إيطاليا أيضا فيلم "الخائن" لماركو بيلوكيو.
وعرض من البيرو فيلم المخرجة "أغنية بلا عنوان"، والفيلم الياباني الأول لمخرجته هيكاري التي تناولت به قضايا ذوي الإعاقة لفتاة أصيبت بشلل دماغي بعد توقفها عن التنفس لمدة 37 ثانية عند ولادتها، وفاز بجائزة الجمهور في قسم بانوراما لأفضل فيلم روائي، في الدورة الـ69 لمهرجان برلين السينمائي.
ومن ألمانيا، عرض فيلم "محطمة النظام"، لنورا فاينشت وحاز جائزة الدب الفضي -ألفريد باور- في مهرجان برلين السينمائي 2019، وهنالك الفيلم البرازيلي "الحياة الخفية لأوريديس جسماو"، لمخرجه كريم عينوز، وفيلم المخرج الانجليزي كين لوتش "عفوا، لم نجدكم" ويلقي الضوء على الأزمة الاقتصادية في 2008.
وكان للفيلم البلغاري "الأب" حضور قوي للمخرجين كريستينا جروزيفا، وبيتار فالانشوف، وفاز بالجائزة الكبرى في الدورة الـ55 لمهرجان كارلوفي فاري السينمائي.
ومن أفغانستان، عرض للمخرج أبوزار أميني، فيلمه الوثائقي الطويل الأول "كابول مدينة في الريح".
وفي الفيلم الأفغاني "مسافر منتصف الليل" لمخرجه حسن فازيللي، المحكوم عليه بالموت من قبل حركة طالبان، يهرب من بلده هو وأسرته.
"الجونة السينمائي" بدورته الثالثة قدم الكثير لمحبي السينما والنقاد والضيوف، من خلال عروض فنية فريدة، وجهود حقيقية للنهوض بصناعة السينما، وإيجاد ملتقى واسع عربي يتيح تطوير المواهب العربية، ودمجها بالعالمية من خلال حلقات نقاشية، واجتماعات وفعاليات كثيرة تصب في شعاره الدائم "سينما من أجل الإنسانية".