الحديث عن التعديل الوزاري

اشاعات التعديل الوزاري من اكثر القضايا التي نستمتع جميعا بالحديث عنها، حتى لو لم نكن نمتلك اية معلومة، ترسم ملامح التعديل، او اخرى تتحدث عن شخوص القادمين والمغادرين، وقد بات هذا الامر يشكل ميدانا للتناكف السياسي يستخدم لتلميع شخص والانتقاص من آخر بحق او بغير حق.

اضافة اعلان

 الاصل في التعديل ان يأتي بناء على تجربة بعض الوزراء والخروج بالاستنتاج انهم غير مناسبين او قادرين على أداء واجباتهم، وهذا ليس بالضرورة انتقاصا من قدراتهم، وانما لعدم مناسبة مؤهلاتهم للعمل الذي اوكل لهم، لذا يأتي التعديل، ونقل الوزراء، بما يحقق درجة اعلى من الكفاية والفعالية، واختيار الوزراء يخضع ايضا لبعد شخصي، حيث انه من حق الرئيس ان يختار من ينسجم معهم ليكونوا ضمن طاقمه الوزاري، وان يكون هناك نوع من التناغم بين شخصياتهم والملامح العامة لطريقة عملهم.

ولكن الاهم من كل هذا وذاك، ان يكون التعديل بناء على الكفاءة العلمية والتاريخ الوظيفي والانجاز، لمن سيتقلدون منصب الوزير، ونحن هنا لا نتحدث عن انطباعات او مسموعات، وانما حقائق يمكن الحصول عليها ضمن وثائق وضمن مراجعة التاريخ المؤسسي لدوائرنا ومعاهدنا المختلفة.

ما لا يجب ان يكون ضمن آلية اختيار الوزراء او التعديل الحكومي هو الاملائية، حيث لا يجب ان تملى مناصب الوزراء بالتخجيل او المكافأة او المحاباة، وهذا لا يعني ان ترشيح الاسماء والموافقة عليها من قبل مؤسسات الدولة المعنية امر غير حميد، او نوع من انواع الاملاء، فواجب على اي رئيس ان يحترم الاقتراحات المؤسسية خاصة اذا ما جاء من مؤسسات الدولة التي جربت كفاءة اردنية في ملفات معينة او تلك المؤسسات الوطنية التي ترصد تاريخ الكفاءات وتعلم نقاط ضعفهم وقوتهم ومراحل نجاحهم واخفاقهم، وتعلم ما لايعلمه عموم المراقبين والمهتمين بالشأن العام.

في كل الحالات، فإن هذه المؤسسات معنية بتزويد الرئيس بالحقائق، ولكنه يبقى صاحب الحق بالاختيار النهائي، والرئيس الحصيف هو الذي سيأخذ بهذه النصائح ويقدر عاليا الذاكرة المؤسسية التي قد يؤدي تجاهلها الى اخطاء واحتقانات نحن في غنى عنها.

آليات معرفة الوزراء حتى وان خضعت لأعلى سبل الحيادية ستبقى مشخصنة، حكما، الى حد بعيد، وهذا ليس عيبا في أي حكومة، بل بسبب غياب مؤسسات التجنيد السياسي الفاعلة في حراكنا العام، وعلى رأسها الاحزاب السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، والتي من شأن وجودها ان يفرز الشخصيات القادرة على قيادة الشأن العام وذلك ضمن قدراتها المهنية او ثقلها السياسي والاجتماعي. وحتى لو جمعت السير الذاتية ووظف اسلوب التحري الوظيفي قبل تعيين الوزراء، فإننا بالنهاية امام آلية اختيار بناء على توصية، وليس موقع سياسي معبر عن ميل جماهيري معين.

هناك مناصب رفيعة، في الاردن، تكفي لسد حاجة الطامحين السياسيين، ولذا فلا داعي بتقديرنا للافراط بالشخصانية عند تحليل التعديل او شخوصه، ونثق ان اي رئيس وزراء يتمنى، بل ويبحث جاهدا عن كفاءات يضعها حوله تساعده بحمل المسؤولية والتعامل مع الملفات الوطنية الشائكة.

الكفاءات الوطنية لا تحتاج ان تسير خطوة واحدة بحثا عن منصب او وزارة، فالحكومات ستبقى بحالة بحث دائم عنها، وما نراه ان جل جهد الرئيس قبيل اي تعديل التفريق ما بين الكفاءة التي تستحق ان تتقلد منصبا وزاريا وبين من يعطي الانطباع انه كفاءة، ولكن التجربة لا تسير لصالحه.

[email protected]