الحفاظ على "الأونروا"

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) استحقاقات وتحديات مهمة وخطيرة في الثلث الأخير من العام الحالي. فبعد أن نجحت الجهود الأردنية والفلسطينية بالدرجة الأولى، في تخطي الأزمة الخطيرة التي عانتها المنظمة الأممية، بعد وقف الإدارة الأميركية لمساعدتها المالية للمنظمة، تواجه هذه المنظمة تحديات مالية جديدة، منها توفير الأموال اللازمة والتي تقدر بمليار ومائتي مليون دولار لتقديم خدماتها للعام المقبل.اضافة اعلان
وتواجه تحديات سياسية، من أبرزها بعد عدم الاعتراف الأميركي بشرعيتها، التجديد لولايتها لمدة 3 سنوات جديدة، فمن المعروف أن "الأونروا" وكالة مؤقتة تجدد ولايتها كل 3 سنوات حتى يتم ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. لذلك، فان الجمعية العامة للأمم المتحدة ستصوت في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل على تجديد الولاية. وكان هذا الأمر تلقائيا، ولكن بعد الموقف الأميركي المعادي بشكل غير مسبوق للقضية الفلسطينية، ورفض الرئيس ترامب تقديم المساعدات المالية السنوية للوكالة الأممية، والتشكيك بشرعيتها، فان التجديد سيواجه برفض وتجييش أميركي ضده. ومع أنه من المستبعد، جراء الجهود الأردنية والفلسطينية والدول المؤيدة لايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وقف ومنع التجديد، إلا أنه من المؤكد أن تكون هناك معركة حامية لتحقيق تجديد الولاية لـ"الأونروا".
الأردن وفلسطين والمنظمة الأممية والعديد من الدول، تفهم خطورة هذه التحديات، ولذلك تبذل الجهود من أجل مواجهتها، من خلال عقد مؤتمر للمانحين في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، لبحث الأزمة المالية للوكالة الأممية، وكيفية الخروج منها، ومن خلال حث الدول على تقديم المزيد من المساعدات المالية للوكالة لابقائها في دائرة الفعل، وتقديم الخدمات.
أما على الصعيد السياسي، فان المعركة قادمة في خصوص التجديد لولاية الوكالة الأممية، فواشنطن التي تشكك بشرعيتها، ستفعل كل ما يمكن لمنع الدول للتصويت على تجديد الولاية، بهدف إزالة الغطاء الشرعي الدولي عنها.
وتعتبر، واشنطن، الغاء الوكالة وخدماتها، ضربة قاصمة للقضية الفلسطينية. وهذا الهدف كما هو معروف، جزء اساسي من "صفقة القرن" التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، لذلك، ستمارس واشنطن كل أشكال الضغط لإلغاء عمل الوكالة، وبالتالي، إلغاء حق عودة اللاجئين، وعدم الاعتراف بهم كلاجئين فلسطينيين لهم الحق لوطنهم السليب.
إن معركة التصدي لـ"صفقة القرن" لايمكن أن تكون وتحقق اهدافه، دون التصدي لمحاولات إلغاء الوكالة الأممية. وأعتقد أن الأردن وفلسطين والدول المؤيدة للحق الفلسطيني، تعي تماما هذا الأمر، وعليها، أن تخوض معركة شرسة، بكل ما في الكلمة من معنى مع الإدارة الأميركية التي لاتهتم إلا بمصلحة الاحتلال.
الإدارة الأميركية، ماضية في خطتها بتصفية القضية الفلسطينية بالرغم من كل الاعتراضات والرفض، فهي ترى في تصفية القضية الفلسطينية هدفا استراتيجيا لا يمكن التنازل عنه هكذا، ولذلك، لم تلتفت ابدا لكل الاعتراضات على مواقفها السابقة، وخصوصا اعترافها بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي، والاعتراف بشرعية المستوطنات.
اعتقد أن افشال مخططات الإدارة الأميركية بالنسبة للقضية الفلسطينية، ممكن، ولكن من خلال توحيد الجهود، واتخاذ القرارات والخطوات العملية، وتعزيز مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، ودعم خياراته وقراراته لمواجهة الاحتلال والإدارة الأميركية.
لا يمكن تمرير "صفقة القرن" التصفوية، دون موافقة فلسطينية وأردنية عليها، وهذه الموافقة غير موجودة. فالموجود هو الرفض الكلي لهذه الخطة التصفوية. والمفروض تعزيز ذلك، وعدم الانصياع لكل الضغوط، من خلال ايجاد تحالف عربي وإسلامي ودولي يرفض "الحل التصفوي الأميركي" للقضية الفلسطينة. ومن خلال تعزيز الموقف الشعبي الفلسطيني الرافض والمقاوم لـ"الحل الأميركي" وكذلك، تعزيز الموقف الشعبي الأردني الذي يرفض كليا "صفقة القرن".