الحكومات في الأردن: لماذا يجري تعديلها؟

أصبح التعديل سمة من سمات الحكومات الأردنية المتعاقبة، لم تسلم منه أي حكومة على الإطلاق، اللهم إلا بعض حكومات الخمسينيات التي لم يزد عمر الواحدة منها عن أسابيع. أما لماذا التعديل؟ فهذه قصة أخرى.اضافة اعلان
العالمون الذين يحيطون بأخبار الشأن السياسي الداخلي، والمقربون من الوزراء الخارجين والداخلين بالتعديل، يتفقون على خمسة أسباب رئيسة:
الأول، مرتبط بعملية "السلق" التي ترافق تشكيل معظم، إن لم نقل كافة الحكومات؛ لأن مدخلات التشكيل والضغوط التي ترافقه، مع ضيق الوقت المتاح، تضع الرئيس في وضع يصبح هدفه الأول الخروج من أزمة التشكيل بدلا من الاهتمام بنوعيته. ومن هذا المعطى يأتي التعديل وكأنه استكمال للتشكيل الذي لم يأت على نحو ما يريده الرئيس والجهات العليا، لجملة الأسباب التي ورد ذكرها.
فما من عجب، إذن، أن يكون الرئيس قد وطد العزم سلفا على إجراء تعديل على حكومته في أقرب وقت مناسب بعد تشكيلها. وتكون بذرة التعديل قد زرعت حتى قبل استكمال تشكيل الحكومة.
السبب الثاني للتعديل هو محدودية عدد الحقائب الوزارية. فمهما ترهلت الحكومة -والترهل سمة أخرى من سمات حكوماتنا للأسف- فإن عدد الوزارات أو الحقائب يبقى قليلا جدا بالمقارنة بفسيفساء معايير المحاصصة، وبأعداد "المستوزرين" في بلد يعاني بشدة من ظاهرة الاستيزار، أو قل ورم الاستيزار الناشئ عن انقلاب معايير إشغال المناصب العامة العليا. لهذا، فغالبا ما يخلف التشكيل حنقا لدى من فاتهم قطاره من أصحاب الحصص أو الأفراد. ومن بين هؤلاء من يكون حنقهم حادا بحجم "عشمهم"، فلا يجد لهم الرئيس عذرا، ولا يجدون هم لأنفسهم من بارقة أمل سوى بالتعديل الموعود.
ثم يأتي دور الخلافات داخل الحكومة، أي بين وزرائها، ليكون السبب الثالث للتعديل. وهو سبب متوقع، لأن التجانس والتنسيق بين الوزراء يكون في أدنى مستوياته طالما أنه لا توجد قواعد محددة ومناسبة لاختيار الفريق الوزاري. وبمرور الوقت، تتسع أبعاد الخلافات لتخرج عن السيطرة، ويصبح من الصعب التستر على آثارها وتفاعلاتها، وتجد من ينفخ في نارها في الصحافة وصالونات السياسة؛ فيبدأ العد العكسي للتعديل.
وهنا يبرز رابع أسباب التعديل؛ أي صالونات عمان السياسية وامتداداتها في الصحافة. وهذه غالبا لا تمهل الحكومة الجديدة، فتباشر هجومها عليها فور تشكيلها.
ودواعي هذا الهجوم متعددة؛ منها ما هو شخصي، أو لعدم الرضى عن نتائج المحاصصة، أو تصفية لحسابات سابقة، أو إثبات للوجود على مسرح الأحداث. فرواد هذه الصالونات لا يتحملون رؤية قطار الحكومة يسير ما لم يكونوا من بين ركابه.
خامس الأسباب رغبة الرئيس في إخراج الوزراء الذين يخالفونه الرأي. فأكثر ما يكره الرؤساء من وزرائهم -بحسب تواتر الروايات- أولئك الذين يخالفونهم الرأي في أي أمر من الأمور.