الحكومة لم تحرز تقدما كبيرا بتطبيق مفهوم التقييم البيئي الاستراتيجي

أدخنة ملوثة للبيئة بمنطقة تقع على طريق اوتستراد عمان الزرقاء - (ارشيفية)
أدخنة ملوثة للبيئة بمنطقة تقع على طريق اوتستراد عمان الزرقاء - (ارشيفية)

فرح عطيات

عمان– لم تحرز الحكومة تقدما كبيرا في تطبيق مفهوم التقييم البيئي الاستراتيجي، التي كانت أعدت ولأول مرة دراسة بهذا الصدد وخطة للإدارة البيئية الاستراتيجية (SEMP) لمنطقة البحر الميت التنموية، التي تم الإعلان عن صفتها تلك عام 2009.اضافة اعلان
ويستخدم التقييم البيئي الاستراتيجي (SEA)، كأداة للتخطيط وإدارة المناطق التنموية والمناطق الاقتصادية الخاصة، باعتباره عملية منهجية لتقييم الآثار البيئية للسياسات والاستراتيجيات المقترحة أو للمخططات الشمولية للتأكد من تضمين وإدراج كافة الاعتبارات البيئية بالتوازي مع تلك الاقتصادية والاجتماعية، خلال المراحل المبكرة من التخطيط من قبل صناع القرار، وفق تقرير أعدته في هذا المجال سابقا الخبيرة في الشأن البيئي ربى الزعبي.
ومن وجهة نظر الزعبي فإن "المضي قدما في تنفيذ التقييم البيئي الاستراتيجي يتطلب ارادة سياسية حكومية لاستخدامها كأداة للتخطيط، الى جانب نشر التوعية بين صناع القرار، حول مدى اهميته وفائدته بالنسبة للأردن".
كما يحتاج، وفقا لها، الى "بناء قدرات المعنيين في القطاعين العام والخاص، وكذلك في مؤسسات المجتمع المدني، لضمان إدراج الاعتبارات البيئية في مرحلة مبكرة لإعداد الخطط الشمولية التنموية لمختلف المناطق"، لافتة الى أهمية "تنفيذ التقييم الاستراتيجي ولا سيما في القطاعات التي لها تأثير كبير على مختلف المستويات البيئية والمحلية مثل قطاع النقل، والطاقة وغيرها".
وأوضحت أن "إعداد تشريع خاص بالتقييم البيئي الاستراتيجي يأتي في مرحلة لاحقة للتوعية وبناء القدرات، من أجل ضمان أن يكون المعنيون في هذا الشأن لديهم القدرة على تنفيذ هذا الامر، وتفاديا لعدم نجاح التجربة".
وشددت الزعبي على أهمية "تجربة تطبيق التقييم البيئي الاستراتيجي لبعض المشاريع، للاستدلال إما على مدى نجاحها، أو لمعرفة إنْ كان هناك حاجة لإدخال تعديلات على النظام المتبع، مثل النموذج الذي جرى تنفيذه في منطقة البحر الميت سابقا".
ووفق التقرير الذي أعدته الزعبي وحمل عنوان "التقييم البيئي الاستراتيجي كأداة للتخطيط ودمج مفهوم الاستدامة في التنمية في الأردن"، فإن تطبيق التجربة في البحر الميت كان لجذب الاستثمارات النوعية ذات القيمة المضافة وللمساهمة في توزيع المكاسب الاقتصادية والتنموية على المجتمعات المحلية المحيطة بها.
وبينت أن من أهم" فوائد التقييم تعزيز استدامة الموارد الطبيعية، والحد من الأخطاء المكلفة في مرحلة التخطيط، والمحافظة على الوقت والمال، وتبسيط إجراءات تقييم الأثر البيئي للمشاريع، وتعزيز المواءمة بين المخططات الشمولية".
ومن بين الفوائد الأخرى "تعزيز استراتيجيات التنمية، وتحسين كفاءة القطاع العام، وتعزيز المصداقية في صنع القرار".
ويأخذ تقييم الأثر البيئي الاستراتيجي بعين الاعتبار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بشكل عام في القطاع المستهدف، ومن ثم يتم تعريف المشاريع التي ستنفذ فيه، لإجراء تقييم أثر بيئي لكل منها على حدة، وفق امين عام وزارة البيئة أحمد القطارنة.
وأكد القطارنة لـ"الغد" أن "الوزارة ستمضي قدما في تنفيذ مفهوم التقييم البيئي الاستراتيجي، والذي يعد أمرا مهما، كونه ينظر الى كافة الاعتبارات بشموليتها، ومن ثم يتم تفصيل الآثار البيئية على حدة تبعا للمشروع المراد تنفيذه"، مبينا أن "الوزارة تطلب في الوقت الحالي دراسة تقييم أثر بيئي (EIA) لكل مشروع، ويتم الاكتفاء بالإجراءات الوقائية التي سيتم اخذها خلال عملية التنفيذ، وبعده".
والتقييم البيئي الاستراتيجي تقوم به الشركة المالكة التي تمتلك المكان الذي سيتم تنفيذ المشروع التنموي فيه، وتقوم بتسليمه للمستثمر الذي سيتولى العمل فيما بعد، حيث ان ذلك يخفف من التكلفة المالية لدراسات تقييم الأثر البيئي اللاحق، لمعالجة المشاكل التي قد تظهر خلال عمليات التنفيذ".
ووفق التقرير، السابق، والذي نشر على منصة اكومينا (EcoMENA)، مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، فإن عملية إعداد أو تعديل المخطط الشمولي يجب أن تنفذ بالتوازي مع تقييم الآثار البيئية المحتملة بحيث يتم دمج القضايا البيئية في المخطط بشكل تكاملي خلال عملية الإعداد منذ البداية.
وسيسهم هذا في تلافي ظهور أي "مفاجآت" بيئية لفريق إعداد المخطط الشمولي، وأخرى تنموية لفريق التقييم البيئي الاستراتيجي، وبالتالي عدم هدر موارد مالية إضافية على التصاميم التي تواجه تحديات بيئية.
وبحسب ما جاء في التقرير فإن النتيجة الرئيسية للتقييم البيئي الاستراتيجي ستكون مخططات شمولية تنظر الى القدرة الاستيعابية البيئية للمنطقة، وبالتالي تجنب أو تقليل أو التعويض عن الآثار البيئية الكبيرة المحتملة من المشاريع الاستثمارية.
وأكدت الزعبي، في تقريرها، أن المعرفة والمهارات اللازمة لإعداد التقييم البيئي الاستراتيجي وخطة الإدارة البيئية الاستراتيجية تختلف قليلا عن تلك اللازمة لإعداد دراسات تقييم الأثر البيئي للمشاريع الفردية، "حيث تشترط الإجراءات الوطنية ومنذ ما يزيد على عشر سنوات على المستثمرين والمشاريع الكبرى إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة قبل منح الموافقة البيئية".
وأشارت نتائج التقرير الى ان تطبيق التقييم البيئي الاستراتيجي في الأردن في حال توسعه إلى مناطق وقطاعات تنموية أخرى، سيغير من طبيعة التخطيط فيه إلى الأفضل وسيضعه في موقع رائد على المستوى الإقليمي، في مجال تعميم المنظور البيئي والتخطيط المستدام.
وأشارت الزعبي الى أن "ثمة إمكانية لتصميم نهج مشابه لتقييم آثار الاستدامة البيئية من خطط التنمية المجتمعية الحضرية-القطاعية- واقتراح دلائل إرشادية لتعزيز الامتثال، بل وتجاوزه نحو تنمية أكثر استدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.