الحوادث المرورية.. المطلوب استراتيجية للحد منها

إن الحوادث المرورية، التي باتت تُعتبر ظاهرة، جراء ما تُخلفه من وفيات وإصابات بعضها يسبب عاهات مستديمة، فضلًا عن آثار اجتماعية واقتصادية ومالية، تتطلب من الدولة، بكل مؤسساتها وأجهزتها، أن تلتزم بسياسات وبرامج تعنى بالسلامة على الطرق، بُغية تحقيق انخفاض في أعداد هذه الحوادث، وبالتالي التخفيف من حدة نتائجها.اضافة اعلان
إن أرقام ونتائج الحوادث المرورية في المملكة، التي تم الكشف عنها مؤخرًا، أظهرت عن تسجيل 1.8 حالة وفاة، و46.6 إصابة، يوميًا، الأمر الذي يعني وجود تحد، يجب على الحكومة ألا تصم آذانها، وتغمض عينيها، عن تلك النتائج، التي تُعتبر مرتفعة بالمقارنة مع عدد سكان الأردن، البالغ عددهم نحو 10.5 مليون نسمة، خصوصًا إذا ما علمنا أن التكلفة المادية للحوادث تبلغ ما يقرب من الـ324 مليون دينار، أي نحو 888 ألف دينار يوميًا.
إن الجهات المعنية، مُطالبة بوضع استراتيجية تستهدف تخفيض نسب الوفيات والإصابات، بأنواعها، جراء تلك الحوادث، قدر الإمكان، حتى لا نقول القضاء عليها نهائيًا، فذلك ضرب من المستحيلات، خاصة أن النتائج تظهر أوقات الذُرى والأشهر والأيام والمحافظات، التي يقع فيها العدد الأكبر من الحوادث.
الإحصاءات تؤكد أن المسبب الرئيس للحوادث، هو الإنسان وبنسبة 98 بالمائة، ما يعني أنه يقع على عاتق الجهات المعنية مسؤولية التركيز على زيادة الوعي لدى المواطن، وتعريفه وتنويره، بما تتركه تلك الحوادث من أضرار بشرية، قد يُعاني منها الشخص بقية عمره، بالإضافة إلى ما تُسببه من خسائر مادية، تفوق أرقامها حد المعقول.
وتكشف الأرقام، أوقات الذُرى لوقوع الحوادث، والتي يمكن إجمالها بفترتين صباحية (7 - 9)، ومسائية (2 - 4)، واللتين تتسببان بـ18.3 بالمائة من مجمل الوفيات، و16 بالمائة من مجموع الإصابات البليغة.. إن ذلك يتطلب وضع خطة تُخفف من عدد الحوادث، خلال تلك الأوقات، كوضع آلية تتم من خلال عمل تعديل على بدايات ونهايات دوام بعض فئات المجتمع الأردني، أو العمل على زيادة أعداد رجال السير، وتحديدًا في البؤر الساخنة، أو عمل تحويلات مرورية، إو إلزام السائقين، بطريقة أو أخرى، على تخفيف السرعات ومزيد من الحذر.
وما مضى ينطبق أيضًا على الأشهر، فعدد الحوادث يزداد خلال شهري تموز وآب من كل عام، حيث يبلغ مجموع الوفيات والإصابات في هذين الشهرين 120 حالة، و2500 إصابة. فشهر تموز يُسجل أعلى نسبة في عدد الحوادث بـ11.3 %، وشهر نيسان يُعتبر الأقل بنسبة 3.1 %.
الظاهر أن ذلك مرتبط بالعطلة الصيفية، وعودة المغتربين.. وهذا حله يُعتبر الأصعب، فالعطلة الصيفية أصبحت من المسلمات عند الشعب الأردني، وتغيير توقيتها سيُقابل برفض متعنت، كما أن المغتربين مجبورون على العودة إلى البلاد في هذا الوقت، فهم ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء امتحانات أولادهم، حتى يتمكنوا من رؤية الأهل والأحبة والأصدقاء.
على الجهات المختضة، إذا ما أرادت أن تحصل على نتائج إيجابية، أن تفرض قيودا على حركة المواطنين والمركبات، في الأيام التي تقع فيها الحوادث بشكل أكبر، خصوصًا إذا ما علمنا بأن أكثر أيام الأسبوع تسجيلًا لعدد الحوادث هو الخميس، والتي تبلغ نسبتها 17.7 بالمائة، بينما أقلها الجمعة بنسبة 9.6 بالمائة.
ويجب النظر بعين الاهتمام والجدية لعدد المركبات في المملكة، والذي يُعتبر مرتفعًا نوعًا ما، فقد بلغ 1.73 مليون مركبة العام الماضي، الأمر الذي يعني أن هناك زيادة نسبتها 3 بالمائة مقارنة بالعام 2019، حيث كان عدد المركبات 1.68 مليون، وبنسبة 5.3 بالمائة مقارنة في العام 2018، حيث بلغ عدد المركبات 1.64 مليون.
قد تكون تلك الاقتراحات صعبة التطبيق، لكن ما هو الحل الآني في سبيل الحفاظ على أرواح المواطنين، وخفض عدد الإصابات وتقليل الخسائر المادية، جراء تلك الظاهرة؟ فالأرقام التي تُستخلص من الدراسات والاستبيانات يجب أن تُؤخذ على محمل الجد، إذا ما أُريد حل المشكلة.