الحياة دون نتنياهو!

د. محمد حسين المومني غادر نتنياهو رئاسة الحكومة وما كاد يفعل. كثيرون لم يصدقوا اعينهم وهم يرون نتنياهو يغادر لأنهم اعتادوا ان هذا السياسي بسبع ارواح نجح في كل مرة بالبقاء على قيد الحياة سياسيا وان كان بقيادة حكومات عاجزة عن العمل. غادر نتنياهو الحكومة ولكنه بقي رئيس اكبر كتلة في الكنيست، يستطيع ان يؤثر ويقود معارضة لن تدخر جهدا للاجهاز على الائتلاف الحكومي غير المتجانس والهش. مستقبله مفتوح على مصراعية بين احتمالية العودة للحكومة، او البقاء عضوا في الكنيست، أو أن تتم ادانته بتهم الفساد الموجهة اليه وهذا هو الخيار الافضل لأنه ينهيه سياسيا للأبد. غير واضح اذا ما كان حزبه، كما كل الاحزاب في الديمقراطيات، سيلفظه وينتخب قيادة غيره، فقد بات حزب الليكود مدموغا بختم نتنياهو، وبات شخص نتنياهو سببا رئيسا في تحديد مستقبل الحزب. حالة من الارتياح الدولي كانت جلية بعد مغادرة نتنياهو الحكم. الإدارة الاميركية لم تستطع إخفاء مشاعر السعادة، بادر الرئيس ونائبته ووزير خارجيته بتهنئة الحكومة الجديدة، مادين يد الدعم ومؤكدين التحالف معها. الاتحاد الأوروبي كذلك الامر في ترحيب شديد بالحكومة القادمة. لا يستبعد بالمطلق ان يكون النفوذ السياسي الأميركي قد لعب دورا اساسيا بتنحية نتنياهو فتأثير أميركا في إسرائيل كبير جدا خاصة بين النخب ذات النفوذ السياسي والانتخابي. بايدن لا يحب وسياسيا لا يحترم نتنياهو، تجلى ذلك عندما كان نائبا لأوباما، والادارة الحالية ترى بتشدد نتنياهو وسياساته معطلا للسلام والاستقرار، وابتعادا عن سياسة ورؤية الادارة للنزاع الدائر وكيفية حله. نحن في الأردن والأشقاء الفلسطينيون ربما نكون الاكثر سعادة بمغادرة نتنياهو، فلدينا ثأر سياسي شخصي معه، سببته سلوكيات نتنياهو الرعناء التي أوصلت العلاقة مع الأردن للدرك الأسفل. كثيرة هي أسباب امتعاض الأردن من نتنياهو بدأت منذ عهد الحسين واستمرت خلال عهد الملك عبدالله فقد رأى فيه الأردن معطلا للسلام والتسوية التي آمن بها الأردن والتزم، وقد كان لتعامل إسرائيل مع الفلسطينيين وحقوقهم ودولتهم تحت حكم نتنياهو أثر أساسي لتدهور العلاقة مع الأردن، ناهيك عن سوء ادارته للعلاقات الثنائية كان أقبحها تعامله مع قاتل الأردنيين في السفارة عندما استقبله وكأنه بطل رغم اعتبار الأردن له مجرما قاتلا، ما أهان كل الأردنيين وأغضب الملك، الذي قال للعالم الذي وضع ضغوط الجبال عليه إن هذه الحادثة لن تمر دون أن يرد الأردن الصفعة وانه يشعر بالاشمئزاز من سلوكيات نتنياهو الدنيئة. استخف نتنياهو بمصالح الأردن، وعلى رأسها قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، فأصبح مهددا للأمن الوطني الأردني، ومعاكسا لما تم الاتفاق عليه ضمن مسار التسوية والسلام. أجهزة إسرائيل ومؤسساتها تعي احترافيا اهمية الأردن لإسرائيل، وتدرك ضرورة احترام مصالح الأردن، ولكن نزق نتنياهو قفز عن توصايتها وتقييماتها في عديد من الأحداث ما زاد الأمر سوءا. الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الجديد ضعيف ولكنه يمتلك مقومات الاستمرار، وعلاقات الأردن مع إسرائيل حكما ستتحسن، فالمشكلة لم تكن يوما بعقائدية الحكومة طالما أنها احترمت مصالح الأردن والفلسطينيين وتصرفت بعقلانية وبراغماتية.اضافة اعلان